قال الشاعر القحطاني الأندلسي في نونيته الشهيرة:
فكأنما آل النبي وصحبه روح يضم جميعها جسدان
فئتان عقدهما شريعة أحمد بأبي وأمي ذانك الفئتان
فئتان سالكتان في سبل الهدى وهما بدين الله قائمتان
وقال أيضاً : حب الصحابة والقرابة سنة ألقى بها ربي إذا أحياني
إن أهل السنة والجماعة يتولون أهل بيت النبي الأطهار رضي الله عنهم ويتقربون إلى الله بحبهم، ويقبلون فيهم وصية النبي عليه الصلاة والسلام، فيجلونهم ويوقرونهم ويبجلونهم بغير غلو ولا جفاء وإنما على الشرع والتوجيهات النبوية الكريمة .. وكذلك يتولون الصحابة الكرام رضي الله عنهم ويتقربون إلى الله بحبهم ويقبلون وصية النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بتوقيرهم وعدم سبهم وإجلالهم وإكرامهم .. ويعلم أهل السنة العلم اليقين أن الصحابة الكرام وأهل البيت كانوا على ود وحب وإجلال واحترام وهذا ما تضمنته كتب التأريخ والمنقول الصحيح بالأسانيد المتصلة الثابتة، خلافاً لما وجد في بعض المصادر مثل كتاب (الكافي) الذي كان عمدة بل أحد الكتب الأربعة المعتمدة من عشرة قرون لدى الشيعة والآن أعلنوا أن أكثر من نصفه باطل ولا يصح !! وعلى إدراك أن الصحابة وأهل البيت كانوا على ود وحب وتوقير وتقدير نشأ بالفطرة السليمة أهل السنة في كافة البلاد والجهات، فتجد في كل أسرة مهما بلغ شأنها من العلم كثر أو قل تجد فيها التوقير للصحابة وأهل البيت، فيسمون أبناءهم بأسماء الصحابة وأهل البيت ففاطمة وعائشة وأبو بكر وعمر وعلي والحسن والحسين هي أسماء البيت الواحد في سائر بيوت المسلمين.
وبهما نصر الله الإسلام، وأعز الدين، كما هو معلوم، ومن باب تأكيد أنهما لُحمة واحدة فإني رأيت أن أسوق بإجمال يقتضيه مقام المقال بعض ما ورد في أبحاث متخصصة في الصلة بين أهل البيت والصحابة خاصة ما يتعلق بالتسمية والمصاهرات فيما بينهم، فإننا لما نجد أن أهل بيت النبي الكريم سموا أبناءهم بأسماء الصحابة، وكذلك العكس، ونجد أنهم قد تصاهروا فيما بينهم فهذا يؤكد ما هو راسخ معلوم ما بينهما من الود والولاء والحب والإكرام.
لقد وجدنا كثيراً من سادة الصحابة أصهروا إلى أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام وتزوجوا منهم، والعكس كذلك، لاسيما الشيخين منهم، كما هو متفقٌ عليه بين أهل التواريخ ونقلة الأخبار سُنة منهم أو شيعة. فإنَّ النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنه. وتزوج حفصة بنت عمر رضي الله عنه. وزوج ابنتيه ( رقية ثم أم كلثوم) لثالث الخلفاء الراشدين الجواد الحـيِي عثمان بن عفان رضي الله عنهما، ولذلك لقِّب بذي النورين.
ثم ابنه أبان بن عثمان تزوج من أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب. ومروان بن أبان بن عثمان كان متزوجاً من أم القاسم ابنة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب – ثم زيد بن عمرو بن عثمان كان متزوجاً من سكينة بنت الحسين. وعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان كان متزوجاً من فاطمة بنت الحسين بن علي. ونكتفي بذكر الخلفاء الثلاثة من الصحابة، دون غيرهم من الصحابة الكرام الذين كانوا أيضاً مصاهرين لأهل البيت؛ لبيان أن أهل البيت كانوا محبين لهم، ولذلك كانت هذه المصاهرات والوشائج.
وكذلك وجدنا أن أهل البيت كانوا يسمون أبناءهم بأسماء أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام كما هو متفق عليه بين أهل التواريخ ونقلة الأخبار.
فهذا علي رضي الله عنه كما في المصادر الشيعية يسمِّي أحد أبنائه من زوجته ليلى بنت مسعود الحنظلية باسم أبي بكر، وعلي رضي الله عنه أول من سمَّى ابنه بأبي بكر في بني هاشم.
وكذلك الحسن بن علي سمَّى أبناءه : أبا بكر وعبد الرحمن وطلحة وعبيد الله. وكذلك الحسن بن الحسن بن علي. وموسى الكاظم سمى ابنته عائشة. وهناك من كان يكنى بأبي بكر من أهل البيت وليس له باسم، مثل زين العابدين بن علي، وعلي بن موسى (الرضا).
أمَّا من سمَّى ابنه باسم عمر رضي الله عنه؛ فمنهم علي رضي الله عنه، سمَّى ابنه عمرَ الأكبر وأمه أم حبيب بنت ربيعة، وقد قتل مع أخيه الحسين رضي الله عنهم، والآخر عمر الأصغر وأمه الصهباء التغلبية، وهذا الأخير عُمِّرَ بعد إخوته فورثهم. وكذلك الحسن بن علي سمَّى ابنه أبا بكر وعمر، وكذلك علي بن الحسين بن علي، وكذلك علي زين العابدين. وكذلك موسى الكاظم . وكذلك الحسين بن زيد بن علي. وكذلك إسحاق بن الحسن بن علي بن الحسين. وكذلك الحسن بن علي بن الحسن بن الحسين بن الحسن. وغيرهم كثير.
وأما من سمى ابنه باسم عثمان رضي الله عنه علي بن أبي طالب سمى ابنه عثمان وقد قُتِلَ مع الحسين في كربلاء وأمه أم البنين بنت حزام الوحيدية ثم الكلابية، وممن سموا باسم عثمان: عثمان بن عقيل بن أبي طالب.
أمَّا من سمَّى ابنته بعائشة فمنهم: موسى الكاظم ودليل شدة محبة أهل البيت لأم المؤمنين عائشة أن موسى الكاظم له من الولد سبعه وثلاثون ذكراً وأنثى واحدة سماها عائشة. وعائشة بنت جعفر بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق وعائشة بنت علي الرضا بن موسى الكاظم
وعائشة بنت علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا.
هذا غيض من فيض، وهو دليل واضح برهان ساطع لمن نشد الحق وحرص عليه في بيان المحبة بين الصحابة وأهل البيت، وفي المقابل فإن الصحابة قد سموا أبناءهم بأسماء أهل البيت وتزوجوا منهم وتصاهروا فيما بينهم.. وأما الكتب والمؤلفات والرسائل الجامعية والبحوث التي ألفها أهل السنة في فضل أهل البيت ومكانتهم وموالاتهم فهي مما لا يسع حصره وجمع عناوينه، فرضي الله عن أهل بيت النبي ورضي الله عن صحابته الكرام وجمعنا بهم في الجنان ..