تعيين رئيس القضاء.. جدلية الشرع والواقع
الخرطوم: صلاح مختار
أثارت مسألة اتجاه لتعيين امرأة رئيساً للقضاء جدلاً كبيرًا وسط الرأي العام السوداني في وقت أنهت فيه هيئة علماء السودان من خلال دائرة الفتوى الجدل حول حكم تولّي المرأة للقضاء وحددت (3) فتاوى بشأن ذلك، وأكدت أنها مسألة خلافية اجتهادية لا حجر فيها عن المانع او الصانع في الأخذ بها. وطبقاً لبيان أصدرته دائرة الفتوى بهيئة علماء السودان تحصلت (الصيحة) على محتواها بشأن حكم تولي المرأة منصب رئاسة القضاء، أكدت أن الفتوى في هذا المحتوى هي مسألة خلافية.
ثلاثة أقوال
وطبقاً لبيان الهيئة أن المسألة حصرت في ثلاثة أقوال الأول جواز أن تتولى المرأة مطلقاً، وذلك على حسب مذهب ابن حزم الظاهري والطبري، وعند الأحناف، فيما أكد أن القول الثاني بالجواز المقيد في غير الحدود والقصاص، وهو في مذهب الأحناف، أما القول الأخير وهو المنع مطلقاً عند مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة، وأكدت الدائرة أن مسألة تولي المرأة القضاء مسألة خلافية اجتهادية لا حجر فيها عن المانع أو الصانع.
موقف بالإجماع
وكان الأمين العام لهيئة عليماء السودان د. إبراهيم الكاروري قد قال لـ(الصيحة) إن هناك اجتماعاً لمناقشة بعض القضايا المهمة على الساحة السودانية وعلى رأسها تعيين رئيس للقضاء. وقال الكاروري إن هنالك لجنة للفتوى تجتمع سيتم عرض مسألة تعيين امرأة رئيسة للقضاء لإصدار فتوى في ذلك, وأضاف إن موقفهم سيصدر بإجماع علماء السودان.
وكان الناطق الرسمي باسم مجلس السيادة محمد الفكي أعلن عن توافق المجلس على أسماء منصبي رئيس القضاء والنائب العام، وأكد تعيين امرأة رئيساً للقضاء
إثبات الحكم
ويرى الداعية والمختص في الشئون الإسلامية عبد الله حسين في حديثه لـ(الصيحة) بالنسبة لتولي المرأة للقضاء من ناحية شرعية أن القضاء هو حكم مهم، و في الإسلام الخليفة هو الذي يعينه، وبالتالي منصب الحكم لا يجوز أن تتولاه امرأة (لا يصلح قوم ولوا أمرهم امرأة) من ناحية شرعية.
الخلاف المذهبي
أما المسألة المتعلقة بالخلاف المذهبي بين المذاهب الإسلامية بشأن تولي المرأة القضاء، قال حسين إن المقصود بذلك الخلاف بالقضاء هو القضاء العادي، أما ما يسمى بمحكمة المظالم وهو الحاكم الذي يفصل في القضايا المتعلقة بالحاكم، ويعين القضاء وبالتالي هو منصب حاكم ومنصب الحكم أصلاً لا يجوز أن تكون امرأة، أما القضاء العادي والخلاف بين المذاهب فإنهم يتبنون ذلك أن تجوز أن تكون امرأة. بيد أنه عاد وقال إن منصب رئيس القضاء وما يسمى في الدول الإسلامية بمحكمة المظالم لا يجوز أن تكون امرأة ولياً أو خليفة.
نواحٍ شرعية
وتوسط المحلل والكاتب والعضو السابق بالمجلس الوطني حسن عبد الحميد بشأن الخلاف حول الاتجاه لتعيين امرأة في منصب رئاسة القضاء، وهو يرى أن تعيين امرأة لرئاسة القضاء به عدة جوانب يجب دراستها جيداً، وقال تأتي أهمية الموضوع نسبة لحساسية الموقع. وأضاف أنه من الناحية الشرعية هناك عدة فتاوى حول موضوع تولي المرأة للقضاء، ويجب أن يُسأل اهل الاختصاص في هذا الأمر والنزول على رأيهم باعتبار أن السودان بلد مسلم والشريعة الإسلامية يجب أن تسود في أمور الدولة وقضايا المجتمع، وأحال حسن الأمر لعلماء الشريعة لتفصيل الفتاوى حول هذا الأمر مع النزول عند رأي الشرع وإلزام الدولة بذلك لقوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
النزاهة والخبرة
أما من الناحية المهنية يقول عبد الحميد: إذا التزمنا بالجوانب الشرعية فالضرورة تقتضي أن يتولى هذا الأمر من يشهد له أهل القضاء والقانون بالنزاهة والخبرة في المجال والخدمة الطويلة الممتازة، لأن رئاسة القضاء في الدولة الحديثة منصب حساس ومهم جداً باعتباره يمثل رأس السلطة القضائية، وفي ظل فصل السلطات وسيادة القانون يقوم على الهيئة القضائية واجب ضخم في الحفاظ على الحقوق، هذا إلى جانب أن القضاء هو الجهة التي يلجأ لها المتخاصمون سواء كانت الدولة طرفاً أو كانوا جهات اعتبارية أو كانوا أفراداً.
أما من الناحية السياسية فمن نافلة القول أن ينأى منصب رئيس القضاء عن المحاصصات السياسية ويكون المنصب منصة محايدة بلا تسييس، وأشار إلى أنه بعد الثورات عادة ما يستخدم بعض الفرقاء السياسيين ساحة القضاء لتصفية الحسابات، ونبه عبد الحميد إلى هذا الأمر جيداً حتى لا يدخل السودان في دوامات ومماحكات ونضيع زمناً بسبب الخصومات السياسية.