تقرير: إنصاف أحمد
فشل السودان منذ خمسة عقود في حل مشكلة الديون الخارجية والتي بلغت حسب آخر تقارير 54 مليار دولار، وسعت الحكومات المتعاقبة في معالجة المشكلة، إلا أنها لم تفلح في ذلك، فقد أثر ذلك سلباً في أداء الاقتصاد بالبلاد حيث أحدث خللاً وتدهوراً كلياً في الاقتصاد، وتنحو الحكومات المتعاقبة باتجاه مزيد من الاقتراض، مما زاد من حجم الدين وفوائده، وبالتالي حجم كتلة الديون التي يعتقد خبراء اقتصاد ألا مخرج منها غير الجلوس مع الدائنين لإعفائها، وسعت الحكومات السابقة إلى إيجاد معالجات، إلا أنها لم تفلح في ذلك.
ومؤخرا سعى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لإيجاد مخرج من ذلك عبر عقد لقاءات مع رؤساء بعض الدول آخرها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والذي أكد دعمه للسودان بتقديم 60 مليون يورو منها 15 مليوناً يتم اعتمادها خلال الأسابيع المقبلة عبر الوكالة الفرنسية، لافتاً لسعي بلاده من خلال موقعها في نادي باريس لإعادة جدولة ديون السودان الخارجية، الأمر الذي وجد رضا من كافة القطاعات الاقتصادية نسبة للعلاقات الواسعة التي يتمتع بها رئيس الوزراء ما يكون لها الأثر الإيجابي على حل القضية، فخلال السنوات الماضية كان السودان يعيش حالة من الاحتقان السياسي بسبب نظام الحكم السابق، أسهمت في تدهور الأوضاع الاقتصادية خلال العقد الأخير، وتفاقمت بصورة مطردة العام الماضي. وتسببت بأزمات اقتصادية مثل تدهور قيمة العملة الوطنية وأزمات الوقود والمحروقات المتلاحقة وشح السيولة النقدية، بجانب ذلك فإن وضع السودان ضمن قائمة الإرهاب أرهق موازنة الدولة وحرمها من الامتيازات التي تتمتع بها كل الدول مثل الاستدانة بشروط ميسرة من صناديق التمويل الدولية.
وربط الخبراء نجاح الأمر برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتوقع الخبير الاقتصادي د. حسين جبريل أن يتم إعفاء ديون السودان الخارجية وأضعف الايمان أن تتم جدولتها عبر تحركات رئيس الوزراء ما يخفف العبء المالي على الوضع الاقتصادي، خاصة وأن الحكومة السودانية وجدت الإشادة من الاتحاد الافريقي والأروبي وجميع دول العالم، حيث صرح العديد من رؤساء دول العالم بضرورة حذف اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب لعدم وجود مبرر لذلك.
وقال خلال حديثه لـ”الصيحة”: من المتوقع أن توافق دول العالم الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي وعدت بتحسين العلاقات الاقتصادية مع السودان، مضيفاً: إذا ما تم ذلك، سيساهم في انسياب التحويلات المصرفية بين السودان والدول الأخرى، ويتبع ذلك دخول مستثمرين من كافة الدول من شأنها تحسين وضع الاقتصاد، حيث ينطلق نحو التنمية، مشيرًا أن القضية في السابق كانت مرتبطة بحكومة الإنقاذ باعتبارها من الدول الراعية للإرهاب، أما الآن فالقضية اختلفت خاصة وأن السودان الآن أصبح أقرب لرفعه من قائمة الإرهاب.
ويقول الخبير الاقتصادي، د. محمد الجاك إن الحلول المتوقعة لحل مشكلة الديون الخارجية تكمن في اعتماد الحكومة السودانية سياسة مرنة وشفافة مع المجتمع الدولي، وقال الجاك لـ “الصيحة”: لابد من تغيير الحكومة سياستها مع التعامل مع العالم الخارجي والذي كان يتسم بالعداء، لافتاً لضرورة أن تكون العلاقات ذات مصلحة مشتركة لافتاً إلى أن 60% من الديون الخارجية عبارة عن تراكم للفوائد، فضلاً عن ارتباطها بالوضع السياسي وحقوق الإنسان وغيرها، لذلك لابد من التعامل بحكمة مع المجتمع الدولي.
من جهة أخرى اعتبر المراقبون استحقاق “السودان إعفاء ديونه منذ فترة طويلة خاصة وأنه يتمتع بمبادرة (الهيبك) الخاصة بالدول الفقيرة، ولكن النظرة السلبية حالت دون ذلك خلال الفترة الماضية.
وأبدى البعض تفاؤلهم بسبب ترحيب الإدارة الأمريكية بالحكومة الجديدة عقب عزل الرئيس السابق، ما يعطي مؤشراً إيجابياً يسهّل عملية إعفاء الديون الخارجية جزئياً أو كلياً، ويمنح البلاد فرصة الاستفادة من القروض الدولية بشروط ميسرة، ويمكّن القطاع المصرفي السوداني من التعامل مع نظيره الدولي.