مهما اختلف الناس واتّفقوا، أحبُّوا وكرِهُوا، يبقى سُمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد بالمملكة العربيّة السعوديّة شخصيّة قياديّة بارزة ومُؤثِّرة في ما يجري بالمنطقة، بمرجِع صفاته الشخصية وبمرجِع ثقل المملكة ووزنها واحترامها بين منظومة الدول العربية، ولكل قياديٍّ وسياسيٍّ اجتهاداته الصائبة والخاطئة إذ لا معصوم بين البشر سوى سيدهم صلى الله عليه وسلم، ومن صفات القائد الشجاع الرجوع للحق ومراجعة المواقف والقرارات بلا حرج أو شعور بالهزيمة.
جاء في الأخبار أن السيد علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني رحّب أمس الثلاثاء بما جاء في حوارٍ لوليِّ العهد السعودي مع برنامج “60 دقيقة” بقناة “CBS” حول رغبة المملكة العربية السعودية في حل القضايا الخلافية مع إيران عبر الحوار . وصراحةً فقد استوقفني الخبر وأسعدني لأنه في تقديري يتعلق بعلاقة مفتاحية، إذ أن إيران دولة كبيرة ومؤثِّرة في الجُغرافيا السياسية والدينية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة وكذلك المملكة العربية السعودية .
حسناً فعل سمو الأمير محمد بن سلمان، وهذه مبادرة تُحسب له ولبلاده بصرف النظر عن أسباب الخلاف وحيثياته وخلفياته، ومهما حدث فإن إيران تبقى دولة كبيرة بالمنطقة مثلها مثل السعودية ومصر وتركيا، والجلوس للحوار الشفيف المباشر لمعالجة الخلافات واحتوائها والعودة بالعلاقة لوضعها الطبيعي أمر فيه الخير والكسب للجميع ولا خاسر فيه إلا أولئك المستثمرون في الخلاف المُترزقون منه الذين لا يعنيهم أمن المملكة أو دمار سوريا واليمن والعراق .
وليت سمو الأمير بن سلمان يُبادر بذات القوة والشجاعة لطي ملف الأزمة مع دولة قطر الحبيبة الشقيقة، قطر دولة صغيرة المساحة قليلة السكان لكنها عظيمة الدَّوْر والحُضُور الإيجابي المؤثِّر على أمن واستقرار المنطقة، وإذا كانت المملكة الشقيقة ترى أن لقطر أخطاء تتعلق بالسياسات الخارجية والمصالح المشتركة فإن الطبيعي أن يتداعى الأشقاء إلى مائدة الحوار بعقل وقلب مفتوحيْن ودون شروط مسبقة، من أجل التصافي والتوافق المُرتجى .
أزمة الخليج أزمة قبيحة المظهر رديئة الجوهر، أزمة مؤذية ومؤلمة لكل خليجيٍ صادقٍ ولكل عربيٍّ حادبٍ، الخليج كان وسيبقى لُحمة واحدةً ومجتمعاً واحداً متداخلاً مترابطاً متصاهراً لم ولن تنفصم عُراه مهما كانت الأزمات والخلافات وطبيعتها، وقد كان مجلس التعاون الخليجي مثالاً يُحتذى للمؤسسات الإقليمية الشاملة الناجحة، الأزمة الخليجية لا يقتصر أثرها السالب على دول الخليج فحسب بل على كل المنطقة، ولذلك فإن سعادتنا بلا شك ستكون كبيرة بعلاجها .
وفي السودان، نتمنى أن تراجع حكومة الدكتور عبد الله حمدوك السياسات والمواقف الخارجية وتعيد صياغتها حسب التطورات والمستجدات وتقديرات المصالح الوطنية، لا مصلحة لنا في قطع العلاقة مع إيران مهماً كان انتقادنا لدورها وتدخلاتها إذ أن الخلافات تُعالج عبر الحوار والإجراءات الديوانية المعلومة وليس عبر قطع العلاقات كلياً ، علينا السعي لطي هذه الصفحة عاجلاً غير آجل، وربما تتبع ذلك صفحات أخرى ذات صلة .
نسأل الله الأمن والأمان والتوفيق والسداد .
خارج الإطار : القارئ ود الزين “جنوب الجزيرة” طالب الحكومة بالاهتمام بالزراعة وتشجيع المزارعين . القارئ أمجد بلال “القطينة” طالب بالصبر على الحكومة الإنتقالية.
الرقم 0912392489 مخصص للرسائل فقط