تهريب وتجارة البشر .. قصص مأساوية
(حشر) أكثر من (70) سودانياً داخل (كونتنر) مع التعذيب والعناية أنقذت هؤلاء
الدعم السريع: قبضنا على (138) من المهربين ولكن الأعداد بدأت تتناقص
أكثر ما اشتكت منه أوروبا الهجرة غير الشرعية
أرض الأحلام تتحول إلى خيال وكابوس.. وبيع الوهم لآلاف الشباب
التاجر السوداني يقبض (20) ألف جنيه للتهريب.. والتجار الليبيون يأخذون (60) ألفاً لإعادتهم مرة ثانية
أحد الناجين يروي قصته ويقول: الليبيون يمارسون معنا جميع أنواع التعذيب
ما قصة الابتزاز عبر صور التعذيب وإرسالها لذوي الرهائن بالداخل ؟
امدرمان الكيلو (40) :صلاح مختار
لم تبعد المسافة كثيراً عن ولاية الخرطوم عندما توجه البص الذي نقل فريق الإعلاميين لتغطية ضبط مهربين من جنسيات أجنبية وسودانية بواسطة قوات الدعم السريع، ولكن أول ما لفت نظري بين الحضور الإعلامي وكالات الأنباء العالمية وخاصة الإوروبية التي حرصت بل استبقت الوفد الإعلامي في الوصول إلى منطقة تجمع المهربين لنقل حقيقة الحدث الذي ظل يؤرق مضاجع الأوروبيين والعالم,لم تشتكي أوروبا أكثر مما اشتكت من الهجرة غير الشرعية ولذلك الرسالة التي يريد أن ترسلها قوات الدعم السريع بأن السودان ظل يقاوم تلك الأمواج الراغبة في العبور نحو أرض الأحلام حتى بدأت تلك الأمواج تتقلص إلى أرقام صغيرة بفضل ما تقوم به الدولة من إجراء لمحاربته ومكافحته.
بيع الوهم
ربما دلالة الموقع تشير لطبيعة المهمة التي يخاطر من أجلها الشباب للوصول إلى أرض الأحلام ولكنهم يصطدموا بأن الأحلام تتحول إلى خيال وكابوس يهدد ليس فقط حياتهم وإنما يصبح مهدداً أمنياً واقتصادياً خطيراً للدولة ويبدو أن عوامل كثيرة تدفع تجاه تدعيم رغبة الهجرة من غالبية الشباب الساعين إلى تحسين أوضاعهم الاقتصادية ولكن في المقابل هناك من يرغب في المغامرة وركوب الأامواج العاتية والذهاب دون أن يدري ما هو المصير المنتظر، وأخرون من الشباب خدعهم أصحاب لهم بالخارج وباعوا لهم الوهم بثمن بخس من تجار الكوارث وسماسرة الارتزاق وزين لهم أن الأحوال الأمنية مستقرة والحياة ميسورة ولكنهم تفاجأوا بالعكس تعذيب ووعيد بل ابتزاز للأهل بتصوير ابنهم وهو يتلوى من شدة التعذيب يستجدوا عطفهم حتى يرسلوا إليهم الفدية وتخليصهم،وتلك الأموال حددت بـ(20) ألف دينار للشخص الواحد.
محنة ونغمة
هي محنة الكثيرين الساعين للمجهول والباحثين عن الوهم والراغبين في صعود للفضاء دون أجنحة تقيهم حريق شمس الصحراء أو الظمأ أو شح وسوء الطعام، أحد الناجين لم يصدق أنه نجا بنفسه من شدة ما وجده من تعذيب وضرب على (العرقوب) دون رحمة وقال (كنا نبكي عندما نسمع صراخ اخوتنا وكنا ننتظر المجهول) فضلاً عن السير لساعات طويلة في الصحاري دون ماء أو أكل ليجدوا أنفسهم بعدها داخل سجون عبارة عن (كونتينر) لمدة شهر على درجة حرارة الصحراء أو داخل غرف مغلقة يحشروا كالبهائم عبر الشباك.
علامات صحية
معظم الناجين والذين وصلوا تظهر عليهم علامات التعب والرهق الشديد بل ان المرشد النفسي والوحدة الطبية الملحق بالمتحرك أكدوا أن معظمهم يعاني من الجفاف الشديد، أحد الناجين أصيب بالفشل الكلوي مما اضطر لنقله إلى السلاح الطبي والآخرين ما زالوا بين الدهشة والرغبة في العودة إلى ديارهم.
ويقول الناطق الرسمي لقوات الدعم السريع العقيد جمال جمعة إن قواتهم ألقت القبض على (37) اثيوبياً و(71) سودانياً إلى جانب أفراد العصابة المكونة من (٣٣) بينهم (٢٤) ليبياً و(٩) من السودانيين والاستيلاء على (١٧) عربية ماركة (تندرا) وهي مركبات مخصصة لعملية التهريب ولديها القدرة في السيرعلى الأراضي الصحراوية وتقاس سرعتها بالميل بالإضافة لعربة ماركة (تايوتا). وأضاف أن العملية تمت في منطقة المثلث على حدود السودان الشمالية والشمالية الغربية وأكد أن المقبوض عليهم سيتم تسليمهم للجهات العدلية بالخرطوم، واعتبر المجموعة التي إلقي القبض عليهم من أخطر العصابات تتمركز على الحدود وتشكل مهدداً للأمن وسيتلم تسليمها للجهات المختصة وحيث تمت العملية بمجهود كبير من قوات الدعم السريع.
تأثير الحرب
أكد جمعة أن محاربة الهجرة والاتجار بالبشر لها تأثير كبير على الدولة سياسياً واقتصادياً. قال إن الحكومة بذلت مجهودات كبيرة في محاربة الدخول الغير مقنن في كافة الحدود السودانية وأشار إلى أنها من أخطر العصابات وتشكل مهدداً امنياً خطيراً على البلاد. وهي تعمل تحت وطأة عصابات تقوم بأعمال غير إنسانية من تعذيب وضرب. وكشف بأن عملية القبض تمت في مرحلة التسليم والتسلم بين تجار ليببين وبواسطة تجار سودانيين. وأضاف إن المهربين يعملون باحترافية عالية لجلب الضحايا.
فدية للرهائن
ونبه قائد قوات الدعم السريع المتمركزة على الحدود العقيد يوسف البلولة إلى أن تلك العصابات تنشط في تهريب الأجانب والسودانيين إلى دولة ليبيا ومنها إلى أوربا ، لافتاً إلى أن قوات الدعم السريع تمكنت من فك أسر (٩) سودانيين كانوا رهائن عند تجار أجانب بغرض المطالبة بفدية مقابل إطلاق سراحهم. وقال إن عصابات الاتجار بالبشر تنقل ضحاياها إلى إوكار بالقرب من الحدود ثم إلى حظائر داخل دولة ليبيا ثم تطلب بعد ذلك فدية مالية تقدم لهم عبر وكالات او بنوك مشيراً إلى تعرض الضحايا لأبشع أنواع التعذيب. ومضى البلولة إلى أن منطقة المثلث الحدودية تشهد حالات من الاغتيالات والنهب والسلب وبيع البشر وتجارة المخدرات والسلاح، وأكد أن قوات الدعم السريع تمكنت من تمشيط المنطقة بالكامل وانها لا تزال ترابط على الحدود.
احترافية المهنة
قائد القوة التي ألقت القبض على المهربين العقيد يوسف البلولة اعتبر عمل القوات في مناطق الحدود باحترافية ومهنية كبيرة جداً، وقال هي قوات مدربة للعمل في المناطق الصحراوية والجبلية وفي السهول وأضاف ليس هنالك اشكالية في التعامل مع تلك الطبيعة واكد من ناحية العمليات الخاصة فإن قوات الدعم السريع لديها عمل تعبوي تقوم به وتستخدم اجهزة متطورة في الرصد والمتابعة لتلك الحالات وكيف تتعامل مع سلاح العدو الذي يستخدم أساليب مدروسة وباحترافية كاملة واعتبر واحدة من التحديات التي تواجه عملهم في المناطق الصحراوية انعدام المياه والطبيعة القاسية الصحراوية، بيد أنه قال: لدينا أجهزة اتصال عالية الكفاءة خبرة في التحرك الليلي بواسطة النجوم وقال كل ما وجدنا اسلوبا في التعامل معهم جددوا في أساليبهم.
رشوة كبيرة
أحد الضباط برتبة الملازم أول من قوات الدعم السريع فضل عدم ذكر اسمه قال لـ(الصيحة) انهم يعلمون جيداً أسلايب المهربين والتهريب وكثير ما تنكروا ودخلوا وسطهم وتم كشفهم والقبض عليهم وذكر أن احد تجار البشر الليبيين من بين الذين تم القبض عليهم حاول رشوتهم بمبلغ مليار جنيه نقداً بجانب عربية قيمتها اكثر من مليار يتم تسليمها في منطقة المالحة بالسودان، وطبقاً للضابط إنه قال للتاجر انه ينتمي لقوات الدعم السريع ولا يحتاج إلى المال أما بالنسبة للسبب الآخر انه سوداني وينتمي لقبيلة القوات المسلحة لن يسمح له أخلاقياً ووطنياً أن يتركه دون عقاب، التاجر الآن بين الذين تم القبض عليهم .
تاجر بشر
أحد تجار البشر السودانيين طلب منا عدم ذكر اسمه قال لـ(الصيحة) إنه يعمل في هذه المهنة لأكثر من ثلاث سنوات وانه يتقاضى في الغالب أكثر من (20) ألف في الشخص الواحد، وكشف بأن العملية تتم بالاتفاق بين المهرب والتاجر وطريقة التواصل والتوصيل إلى داخل الحدود الليبية وغالباً ما تتم بطريقة عادية بالسفر إلى المناطق التي يتوجه منها الشخص إلى الحدود الليبية وأكد ان مهمتهم تنتهي هناك حيث يتم تسليمهم إلى تجار ليبيين ووصف الرحلة بالشاقة والمرهقة والمكلفة حيث يوفر التاجر العربة والماء والأكل وأقر بأن وجود الدعم السريع على الحدود حد من نشاطهم بيد أنه قال: لم يتوقف لوجود من يريد الهجرة وأكد أن معظم الذين يطلبون الهجرة من الشباب
الإرشاد النفسي
تجولت (الصيحة) في وحدة الإرشاد النفسي لقوات الدعم السريع حيث أكد النقيب اختصاصي اجتماعي حسين أحمد محمود أنهم يقدمون الدعم للمهربين والتأكيد أن السودان مطمئن ونقول لهم إنكم رسل للناس الذين يودون الهجرة بتلك الصورة الخطيرة وغير الشرعية وقال: من بين هؤلاء طلبة جامعيين وخريج نظم معلومات وأبان من خلال الجلوس معهم وجد لديهم ظروف خاصة أدت إلى طلبهم الهجرة وقال: من الاشكالات التي تواجه هؤلاء ظروف الحياة وضغوطات وعامل الاسرة ومن لديهم أصحاب في الخارج يصورون لهم أن الوضع في ليبيا مطمئن ومستقر وبالتالي وقع الكثير منهم في الأسر حيث يتم استخدامهم وتعزيبهم.
قصة البداية
تبرع أحد الشباب الذي نجاء من عملية التهريب ويدعى شريف عثمان بالحديث لـ(الصيحة) حيث قال انهم بداوا الهجرة من سوق ليبيا بغرض الهجرة وعندما وصلوا داخل الأراضي الليبية وجدوا انفسهم داخل حفرة عميقة ومعهم (23) شخصاً وقال: وصلنا تلك المنطقة بعد أربعة ساعات من المشي وبعد ما استفسرنا جاءت اثنين من العربات تسمى (تندرة) تستخدم في التهريب ومعها اثنين من الشباب الليبيين ذهبوا بنا إلى مزرعة تبعد أربعة ساعات حيث تم ادخالهم دخل ( كونتينر) مع عدد (70) سودانياً ومارسوا معنا التعذيب في الليل وقال كل الشباب تم ضربهم وأكد انهم كانوا (23) شخصاً رجعوا منهم (7) اشخاص فقط وأكد أن المهربين يطالبون بملغ يقدر بـ(67) مليون جنيه كفدية لإطلاق سراح الشخص الواحد وأكد أن الأكل سيئ جداً وذكر تم الافراج عنهم بعد تحويل المبلغ بعد خمسة أيام وأضاف: بعد ساعات من المشي في الصحراء وصلنا منطقة ومنها إلى الكفرة بمعاونة أحد السودانيين ومنها إلى السودان وأكد وجود وسطاء داخل السودان لاستلام المبالغ وتهريب المواطنيين والأجانب.
ضرب (العرقوب)
المواطن السواني خير الله عباس حكى لي قصته مع الهجرة التي بدأت كذلك من سوق ليبيا بواسطة أحد التجار السودانيين الذي استلم مبلغاً من المال يقدر بـ(20) الف جنيه نظير تسفيرهم ليبيا . خير الله من أبناء الجزيرة يروي قصته مع الهجرة وقال: سلمنا انفسنا لليبيين ووجدنا انفسنا في اجدابيا داخل غرف مغلقة ادخلونا فيها بالشباك وطلبوا منا أموال فدية نظير إطلاق سراحنا وأضاف أن المجموعة التي كانت معهم تقدر بحوالي (20) شخصاً من مختلف الجنسيات حيث طلبوا من كل واحد منهم مبلغ (20) ألف دينار ليبي ما يقادر اكثر من (60) ألف جنيه سوداني وعندما لم يجدوا معه المبلغ يتم تعذيبه ثم الاتصال بأحد اقربائه في الداخل حتى يتم تحويل المبلغ وإلا يتم التعذيب بجانب تصويرهم وإرفاق الصورة مع الاتصال بذويهم في السوداني حتى يتم إرسال المبلغ وأكد ان التعذيب عبارة عن ضرب في (العرقوب) بجانب الجلد بالسياط واكد أنه شرد بمجرد أن وجد الفرصة عندما تم ترحيلهم في سيارة وقال: بعد معاناة التقيت بسودانيين الذين قاموا بتسهيل الخروج إلى الكفرة ومنها وجدونا ناس ادعم السريع الذين احسنوا ضيافتنا وترحيلنا للداخل.