مختار دفع الله
ظلت أمنية أن تكون للثقافة وزارة منفصلة تراود أهل الثقافة طوال عقود من الزمان، إذ كانت الثقافة طيلة عهود الحكم الوطني “مقطورة” خلف قاطرة الإعلام باستثناء الثماني سنوات الأخيرة من حكم الإنقاذ بالرغم من كونها دخلت إلى حيز المحاصصة والترضيات في التشكيل الأخير الذي سبق سقوطه، كما أن الثقافة ظلت تشكو من ظلم أخيها الإعلام في كل الحكومات التي زاوجت بينهما في كاثوليكية تضرر منها أهل الثقافة، إذ يستحوذ الإعلام على اهتمامات قيادات الوزارة بدءاً من الوزير ومروراً بالوكيل إلى آخر حلقات التسلسل الهرمي.
وعطفاً على ذلك استأثر الإعلام بمعظم ما يخصص من ميزانية للوزارة وظلت نظرة الحكومات المختلفة “متخلفة” تجاه الثقافة مما انعكس سلباً على الثقافة وأنشطتها في شتى ميادين الآداب والفنون فما يخصص من ميزانية لها لا تكفي لتسيير أعباء الوزارة ناهيك عن المناشط، الأمر الذي أفضى إلى الركود بل الشلل التام في مختلف المناحي، ودونكم المسرح ومهرجان الخرطوم الدولي للموسيقى، ومهرجانات الثقافة والسينما التي قبرت وعشعش البوم في ديارها، أما الأذرع المساندة للوزارة فهي أيضاً لم تسلم من ازدراء دورها في إذكاء شعلة النشاط، إذ أضحت إدارتها نهباً لذوي الحظوة ووفقاً لمزاج الوزير واختياراته التي ليس من معاييرها القدرة على إحياء النشاط الثقافي والفني لمن يتم اختياره، فباتت تمنح كهبات وهدايا للمقربين أو لمعاشيي المؤسسة العسكرية. وأصدق مثال على ذلك، المجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون وصندوق دعم المبدعين والمصنفات الأدبية وقس على ذلك.. ولقد استبشرنا خيراً بشروق الشمس التي أضاءت دياجير الأمس، وعقدنا لواء تفاؤلنا بما استجد خاصة وقد أوكل أمر الوزارة لأحد المخلصين للثقافة الأخ الأستاذ فيصل محمد صالح والذي يعرفه الكثيرون كصحفي وأستاذ للإعلام، لكنه لمن لا يعرفون الجوانب الأخرى فيه فهو شاعر أيضاً ويكفي ما تغنت به فرقة عقد الجلاد من أغنيات نظمها لعل أشهرها (أطفال المدارس)، لكن بدأت اهتمامات الأخ الوزير معظمها إن لم تكن جميعها بالإعلام ووسائطه، وظللنا ننتظر التفاتة نحو الثقافة ومؤسساتها التي تحتاج إلى أن يوليها اهتماماً خاصاً ليزيل ما علق بها من غبار لتدب الحياة في أوصالها بعد أن ظلت في سباتها العميق لعقود من الزمان بفعل الإدارات التي تسنمت قيادها بلا وجه حق وبلا دراية أو معرفة بقضايا الثقافة والفنون..
إن مؤسسات وزارة الثقافة وأذرعها المختلفة تحتاج إلى ثورة تعيد النظر فيها لتؤدي دورها في إحداث حراك ثقافي ينتظم كل أرجاء البلاد تؤول القيادة فيه لأهل الآداب والفنون، حيث إن هذ المؤسسات هي مؤسساتهم التي يجب أن يكونوا على رأسها لأنهم الأدرى والأكثر إدراكاً بقضايا الآداب والفنون فهل يسمعني أخي فيصل محمد صالح؟