ظل الصمغ العربي السلعة الدولية منذ التركية السابقة، فكان من صادرات السودان هو وسن الفيل وريش النعام وظل محافظاً على هذه المكانة، وقد سبق القطن والمحاصيل الأخرى فكان في الصدارة، وظل الداعم الأول للاقتصاد السوداني مما جعل السودان أكبر منتج للصمغ واستمر الحال كذلك حتى أتى النميري واحتكر تجارة الصمغ العربي مما تسبب في انخفاض الأسعار وقد اضطر المنتجون أن يبيدوا أشجار الصمغ ويزرعوا مكانها محاصيل نقدية كبيرة الدخل وسريعة العائد مثل السمسم والفول والكركدي، ومنذ تلك الفترة ظل الصمغ رهينة لمزاج الحكومات المتعاقبة ما بين الخصخصة وإلغائها لكنه ظل يقاوم مع وجود أفكار للبحث عن البدائل في الدول المستهلكة للصمغ لكنهم لم يجدوا بديلاً له حتى عندما حاصرت أمريكا السودان استثنت الصمغ العربي مما يؤكد أهمية هذه السلعة، لكننا لم نلتفت إلى ذلك، بل ظل التعامل مع الصمغ العربي كما هو حتى جاءت الأمم المتحدة بفكرة عقد مؤتمر دولي يتناول قضايا الصمغ العربي والاهتمام به وبزراعته وتسويقه، وهذا كذلك يؤكد قيمة هذا المنتج عالمياً وفعلاً بدأت الحكومة السابقة للتحضير لهذا المؤتمر لكنه تأجل لـ ٣٠أكتوبر بسبب التغيير الذي حدث، وبعدها استمر المعنيون بالتحضير حتى ينعقد هذا المؤتمر وبدأوا يتحركون في هذا الاتجاه واجتمعوا بوزير الصناعة وبينوا له أهداف المؤتمر وأهميته والفوائد التي تعود للسلعة وللمنتجين والسودان، يحدث هذا فإذا بنا نفاجأ ببيان من جماعة ادعوا أنهم خبراء في هذا المجال يرفضون هذا المؤتمر جملةً وتفصيلاً بحجة أنه عمل من عمل اللوبيات والتآمر على السودان، ويتحدثون عن مخرجات قبل إخراجها والمؤسف أن فيهم الكثير من البروفيسورات خاصة من هيئة الغابات وكل ما ذكروه افتراضيات وظنيات يؤكدها بيانهم الذي جاء فيه:(المخرجات المتوقعة من المؤتمر لا تعالج بل تعمق التشوهات من مواصفة الصمغ العربي وسياسات الإنتاج وتسويقه والتي تحتاج إلى إعادة ترتيب وفق مسودة الإستراتيجية أعلاه والدور الذي لعبته ولا زالت تلعبه الجهات الدولية والتي لبعضها القدح المعلى في إعداد وتنظيم هذا المؤتمر قد أدى في السابق إلى إقرار التعريف المخل والمواصفة المشوهة التي وضعت صمغي الهشاب والطلحة تحت مسمى واحد وهو الصمغ العربي، مما أفقد البلاد دورها الريادي في السلعة على المستوى العالمي وأسهم في ضياع مئات الملايين من الدولارات وكذلك ضرورة تسجيل الملكية الوطنية لصمغ الهشاب كصمغ عربي والأصماغ الطبيعية الأخرى والاستفادة من قانون بروتوكول ناغويا(تحت الإجازة) حتى تتم حماية الصمغ العربي(الهشاب) كمنتج سوداني أصيل حتى يتمتع بميزة تفضيلية، ما أظن هناك ما يمنع أن تناقش هذه المذكورات في المؤتمر وكان الأجدر بالرافضين للمؤتمر أن يتقبلوا انعقاد المؤتمر ويسمعوا من أهله ويسمعوهم ما لديهم من أراء وبعدها يقررون أن ما جاء في هذا المؤتمر ليس فيه ما يفيد الصمغ العربي والمرتبطين به ويمكنهم كذلك رفض ما جاء فيه أو تعديله بالحذف والإضافة، هذا هو المطلوب والرفض بتلك المبررات التي ذكروها مرفوض ولا ننسى أن المؤتمر كان قد اقترحت فرنسا أن يقام في مالي لكن الأمم المتحدة أصرت على قيامه في السودان، وما يضيرنا إذا عرضنا المشاكل التي يعاني منها الصمغ العربي ومزارعوه في هذا المؤتمر من خدمات وزحف صحراوي يهدد وجود الصمغ أو أشجار الهشاب وبإمكان الأمم المتحدة أن تساهم في علاج تلك المشاكل وقد ساهمت من قبل في إعاشة المزارعين والتناكر الناقلة للمياه وبعض الخدمات التي أثرت على زيادة الإنتاج، فإذا كان هناك رفض فليكن بعد استعراض المؤتمر وأجندته، كما نأمل أن يخضع الوزير هذا الأمر للتشاور مع مجلس الوزراء لأنه يتعلق بالعلاقات الدولية.
E-mail:ahmedtijany@hotmail.com