لا أحد فكّر أن قوى الحرية والتغيير بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية وتشكيل المجلس السيادي ومجلس الوزراء أنها تعاود استخدام سلاح المظاهرات ضد شركائهم العساكر وتخرج عضوات السيادي الحاجة عائشة موسى والقبطية رجاء نيكولا عبد المسيح في المظاهرات وتخاطبانها بل تطالب عائشة بتكوين لجنة تقصي حقائق حول المفقودين، وهي خطوات واضح أنها جزء من الاستراتيجية بعد انتصار ثورة الشعب وتكوين مؤسسات الفترة الانتقالية أن يتفرغ البعض من قيادات وكيانات قوى الحرية والتغيير للعمل ضد المكون العسكري في معركة تكسير العظام، وتستخدم مرة أخرى معركة الاحتجاجات على الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن المجلس العسكري إبان توليه مقاليد الأمور في البلاد قبل تكوين الحكومة المدنية ولفترة تجاوزت الأربعة أشهر كان مسيطراً على الأوضاع، وهناك استقرار ملحوظ في الوقود وتوفير الدقيق والنقود، أما الآن وبعد تشكيل السلطة المدنية لم نلحظ أي مجهود بل إن قوى الحرية والتغيير وحكومتها قد تنصلتا عن مسئولياتهما ويعملان عكس مواجهة قضايا الناس وضروراتهم المعيشية، وفي تجاهل تام لكل ذلك وتحميل المسؤولية جزافاً للولاة المكلفين لأنهم عساكر ومستهدفون في ذاتهم فهو عمل مقصود وممنهج وله توقيتات تصاعدية محسوبة، فبعد توسيع نطاق المظاهرات تأتي مطالبات قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين بإقالة الولاة العساكر، وتعيين آخرين مدنيين، وهو إنتاج للصراع من جديد، وبدلاً عن طرح أسئلة الراهن في البلاد لحكومة عبد الله حمدوك، والسؤال ماذا فعلت بشأن قضايا الناس وأولوياتهم?? وما هي الأدوار التي قام بها الوزراء المدنيون سيما أن مجلس الوزراء كله مدنيون ما عدا وزيري الدفاع والداخلية وهي وزارات سيادية ذات طبيعة فنية مهنية، وليست خدمية.
وبالنظر لكل ما يحدث أنني أرى أن ما تقوم به عضوا السيادي عائشة موسى ورجاء نيكولا عبد المسيح، فهي أدوار مرسومة، وهي أشبه بالضحك على الذقون من قبل قوى الحرية والتغيير في حملتها لإجهاض حلم الشعب السوداني الذي فوض القوات المسلحة لترتيب أوضاع السلطة في المرحلة الانتقالية.
وإنني لجد حزين عندما سمعت تصريحات رجاء نيكولا الأسبوع المنصرم والتي أكدت خلالها ظلم الأقباط السودانيين طيلة الـ 30 عاماً، وهي تعلم تماماً أن الكنيسة القبطية حازت على كل المقاعد على حساب الكنيسة السودانية.
وهنا أتساءل هل نسيت نيكولا أن سلوى شاكر عبد المسيح كانت عضواً بالمجلس الوطني، وأن مارثا جوزيف ودكتور ناجي اسكندر ومنال وديع وآخرين كانوا أعضاء بتشريعي الخرطوم طيلة حكم الإنقاذ بل كان ناجي اسكندر رئيساً للجنة خدمات الهندسة الزراعية يعني وزير ثم مستشار زراعي بسفارة السودان في هولندا.
هذا على سبيل المثال لا الحصر وحبل (الكضب) قصير يا رجاء نيكولا ولو راجعتِ عضو شورى المؤتمر الوطني الأب فلوثاوس فرج لألقمك حجراً لكن دائماً السياسيون من قوى الحرية والتغيير يمثلون بأمثالك ويشيلوهم وش القباحة على هامش حربهم الاستراتيجية ضد العساكر، وهم لا يدركون أنهم يصارعون مقاتلاً عنيداً، ويدرك كل أنواع الخساسات والحرب بالوكالة.
فاليوم ظهرت الإشارات لعملية الإغراق في الأزمات عبر الاضطرابات التي ولدتها ظروف معاناة الناس فبدلاً من التفكير في الحلول يتم تعليق الفشل وضعف المقدرة على شماعة الدولة العميقة والعسكر، والبلاد كل يوم تتعرض لضغوط شعبية واقتصادية في الشرق ودارفور وكل أرجاء الوطن، و(قحت) عاجزة عن الحلول ومساعدة وزرائها على الخروج من الأزمات التي هي في الأصل أزمات لحكومة حمدوك.
فالحرية والتغيير وتجمع المهنيين يريدونها حرباً ضد حمدوك لكنها (باللفة)..!!