القيادي بقوى الحرية والتغيير إبراهيم الأمين في حوار مع (الصيحة):
على الحكومة الإسراع في تطبيق السياسات البديلة
اختيار الحكومة فيه مُحاصصة تتعارض على ما تم الاتفاق عليه
نسعى لإحداث تكامُل بين الشمال والجنوب.. والانتقالية للتحالُفات
الحرية والتغيير أكبر تحالًف.. ولهذا السبب… يجب مساندة الحكومة
أكد القيادي بقوى الحرية والتغيير د. إبراهيم الأمين أن حلقات الثورة لم تكتمل بصورة سلسة، مشيراً إلى أنه كان من المؤمل أن نصل في فترة زمنية قصيرة إلى تكوين حكومة مدنية كاملة الصلاحيات، مشيراً إلى أن هنالك أسباباً عديدة لم تمكننا من إتمام كل الجوانب المختلفة في الوقت الذي حُدّد لها.
وقال: لقد كُنا نتحدث على أساس أن يحدث تغيير في كل مؤسسات الدولة، إلا أنه ما زالت عناصر النظام القديم تتحكم بصورة واضحة في المسار الاقتصادي والإعلامي والثقافي، مطالباً الحكومة بالإسراع لتطبيق ما جاء في السياسات البديلة وتفكيك الدولة العميقة ومحاكمة مرتكبي الجرائم واجتثاث الفساد.
ودعا الأمين الحكومة للتفرغ لتطبيق البرنامج الإسعافي الذي يُخاطب قضايا المواطنين، مبيناً أن الضائقة المعيشية ما زالت موجودة، مشيراً إلى أنه يجب معالجتها بقرارات واضحة وصريحة وإرادة قوية. وقالك يجب أن تكون المعالجة شاملة للمركز والولايات، وذلك بتكوين الحكومات الملتزمة ببرنامج الحكومة في إحداث التغيير الشامل ليتمتع المواطن في المركز والولايات بحياة أفضل, كما تطرّق الحوار إلى عدد من المحاور إلى تفاصيل الحوار.
حوار ـ آمال الفحل
تصوير ـ محمد نور محكر
*بداية كيف يقرأ إيراهيم الأمين المشهد السياسي الآن؟
بعد مرور عدة أشهر على الثورة المجيدة التي أكدت إحداث تحوّل جذري فيما يخص الذهنية التي يتعامل بها الشباب مع قضايا البلاد الكثيرة والمعقدة، وهذا قطعاً يحتاج إلى وِقفة مع الذات, فالثورة تميّزت بعدة أشياء، فالشباب تجاوزوا كل الأمراض الاجتماعية السابقة, تجاوزوا الجهوية والعنصرية وتحدثوا بلغة عالية من التسامح ودرجة عالية جداً من المسؤولية، وكان من المؤمل أن تكتمل حلقات الثورة بصورة سلسة، ونصل في أقصر فترة إلى تكوين حكومة مدنية كاملة الصلاحيات، ولكن لأسباب عديدة لم نتمكن من إتمام كل هذه الجوانب المختلفة في الوقت الذي حُدّد لها. والآن بحمد لله تم تكوين الحكومة، وتكوين مجلس السيادة، ونتحدث الآن بلغة يجب أن تكون مختلفة عن ما كنا نتحدث بها في الشهور السابقة.
لقد كنا نتحدث على أساس أن يحدث تغيير في كل مرافق الدولة على مستوى المجتمع، على مستوى الإعلام والاقتصاد، وكل مؤسسات الدولة في فترة زمنية قصيرة، لكن بكل أسف ما زالت عناصر النظام القديم تتحكم بصورة واضحة جداً في المسار السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي.
*إذن هذه حجر عثرة أمام الحكومة فكيف يتم التعامل مع هذا الأمر؟
المطلوب من الحكومة أن تسرع الخطى لتطبيق ما جاء في السياسات البديلة, وتطبيق كل الشعارات، كما يجب عليها تفكيك النظام القديم ومحاكمة مرتكبي الجرائم في حق المواطن السوداني، واجتثاث الفساد، وهذا يحتاج إلى إرادة قوية، كما أنها قد تحتاج إلى أن يتم ذلك في فترة زمنية قصيرة، إلى أن تتفرغ الحكومة لتطبيق نظام جديد، وهذا النظام يعتمد على برنامج السياسات البديلة, وعلى المستوى الاقتصادي يجب أن يُطبّق البرنامج الإسعافي الذي يخاطب قضايا المواطنين, فالمواطن الآن يعاني معاناة شديدة، فما زال الفساد وجشع التجار موجوداً، وما زالت الضائقة المعيشية موجودة، والمعالجة يمكن أن تتم بقرارات واضحة وصريحة وبإرادة قوية، وأن تكون هذه المعالجة شاملة وليس فقط على مستوى الحكومة المركزية، بل يجب أن يمتد ذلك إلى حكومات الولايات، وذلك بتكوين الحكومات الملتزمة ببرنامج الحكومة في إحداث التغيير الشامل ليتمتع المواطن في المركز والأقاليم بحياة أفضل، فالسودان بلد غني بإمكاناته الموجودة وعلاقاته، ويمكن أن يسير في مسار فيه مخاطبة لتطلعات المواطن السوداني.
*عطفاً على ما ذكرت أن الدولة العميقة ما زالت موجودة فكيف تتم محاربتها في تقديرك؟
الدولة العميقة لا تُحارب بالشعارات.
*بماذا؟
تُحارَب بأن من يتحمل مسؤولية إدارة الوازارات في أي وزارة، يجب عليه أن يحاول تفكيك النظام القديم الذي يمثل نظام حزبه، وإقامة نظام جديد يمثل المجتمع السوداني، كما أنه يجب محاكمة من ارتكب أي جريمة في حق المواطن، لأن في النظام القديم توجد دولة موازية للدولة الرسمية التي ليست لها صلاحيات، ولكن كل مؤسسات الدولة تدار من خارجها، وهذا يحتاج إلى إعادة الهيبة إلى مؤسسات الدولة وإعادة الهيبة للوزارات المختلفة، وهذا يجب أن يتم، وإذا ما تم سيكون هنالك مزيد من الضرر والمعاناة.
*إذاً المسئولية هي مسئولية الحرية والتغيير فهي من التزمت بذلك؟
صحيح، المسئولية هي مسئولية الحرية والتغيير، وهي التزمت بذلك, فالثورة ثورة مجتمعية شارك فيها الشعب السوداني كله، وإحداث التغيير هذا واجبها بنسبة 100%، ويجب على من يتولى أي منصب تنفيذي أو منصب سياسي أن يكون في مستوى الحدث، وأن يقوم بواجبه بصورة تتسق مع الأهداف السامية التي من أجلها فقدنا عدداً كبيراً من الشهداء، كما أن هنالك أعداداً مقدرة الآن من الشباب في المستشفيات تعانى من ما تعرضت له من تعذيب ومن مطاردات، فهذا كل ما قدمه هولاء الشباب عربون للثورة، يجب أن يحدث تغيير جذري في كل مناحي الحياة بالصورة التي ترضي المواطن وتهيئ البلاد إلى مرحلة جديدة، وهي مرحلة ما بعد الانتخابات وقيام ديمقراطية جديدة.
*وهل تتوقع أن تسهم الحكومة في إحداث اختراق حقيقي لحل الأزمات؟
الحكومة لديها فرصة، فهي من ناحية البرنامج واختيار الأشخاص، ومن ناحية التجاوب الشعبي، فالثورة السودانية الآن يتحدث عنها العالم كله، ويعتبرونها ثورة فريدة، حققت ما يريده الشعب, وكان البعض يرى أن أي ثورة تقوم سيكون مصيرها نفس مصير ثورات الربيع العربي، ومعرضة أن تنتهي إلى مزيد من العنف مثلما حدث في اليمن وسوريا، لكن الثورة السودانية استطاعت أن تصل إلى إعلان سياسي مع القوى العسكرية، كما أنها استطاعت أن تصل إلى وثيقة دستورية لا نها تمهد إلى تغيير سلمي يعيد إلى البلد مكانته ويعيد للمواطن هيبته وحقوقه، وبهذا يمكنها إحداث اختراق والتحوّل المطلوب.
*ما هي أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في تقديرك؟
نعم، هنالك تحديات، لقد كانت الثلاثون عاماً الفائتة بها استبداد وظلم ونهب وفساد، وهذا لا يمكن أن ينتهي في فترة قصيرة لكن الأن توجد إدارة قوية جداً للشعب، كما أن الثورة وجدت سنداً كبيراً جداً من الدول الأخرى خاصة ان هذه الدول تتحدث عن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإيقاف الحصار الاقتصادي بالنسبة للسودان، وفس تقديري هذه فرصة لكي يتعاون معه العالم, فإذا وجدت الشفافية وطبق القانون وتمت محاسبة كل من ارتكب جريمة في حق هذا البلد قطعاً أن فرصة الحكومة في أنها تنجز إنجازات كبيرة سواء كان ذلك في مجال الاقتصاد أو االبنية التحتية والعلاقات الخارجية حتى تعيد للسودان مكانته، فالسودان مؤهل لكي يكون دولة لها دور إقليمي.
*حزب الأمة كما ورد في الوثيقة الدستورية اتفق على تجنّب المحاصصة في الفترة الانتقالية لماذا فشل في ذلك؟
كان هنالك توافق على أساس ألا تكون هناك محاصصة على مستوى المجلس السيادي وعلى مستوى الحكومة في الجهاز التنفيذي، لكن هنالك أسباب موضوعية أدت إلى هذا الخيار، السبب الأول، نحن لا نريد فيها عناصر حزبية، لأنها سوف تتحول إلى حكومة إئتلافية وسيكون العضو الذي يمثل الحزب عنده مرجعية خارج مجلس الوزراء، وهذا يضعف تماسك مجلس الوزراء، لذلك نحن نرى إذا كان رئيس الوزراء غير حزبي، وأن تتاح له فرصة للمشاركة في اختيار وزرائه، وقد تم ذلك, أما النقطة الثانية لكي تكون الحكومة محصنة، يجب أن يكون هنالك مجلس تشريعي أغلبيته من الحرية والتغيير وهي نسبة 67% يقوم بتحصين الحكومة من أي طرح ثقة، لأنه يمكن إذا طرحت الثقة وسقطت الحكومة معنى ذلك سينهار المشروع, ولكن رغم ذلك نحن ذكرنا أن نسبة 33% يجب أن يكونوا أشخاصاً سودانيين ليست لهم علاقة بالحرية والتغيير لكي تكون هنالك أصوات معارضة، وهذا يؤدي إلى وجود حيوية وقوة للمجلس التشريعي إذا وجدت أخطاء ارتكبتها الحكومة.
*لكن تم الاختيار بمحاصصة ألا يتعارض ذلك مع ما تم الاتفاق عليه؟
قطعاً أن إلاختيار فيه محاصصة، وهذا يتعارض تعارضاً واضحاً جداً مع ما تم الاتفاق عليه، لكن هذه واحدة من الأخطاء التي ارتكبت، ويجب أن تتم معالجتها بالصورة التي توفر الصلاحيات والثقة والترابط والتلاحم في الطاقم الوزاري
*حزب الأمة متمسك بتحالف الحرية والتغيير هل بنهاية الفترة الانتقالية, ستخوضون الانتخابات بهذا التحالف؟
الحرية والتغيير هي المنظومة الحاكمة، وهي المنظومة التي اختارت المجلس السيادي وهي المنظومة التي ستختار بالتشاور مع المجلس السيادي المجلس التشريعي، وبالتالي هذا يؤكد وجود شراكة, هذه الشراكة على مستوى الحرية والتغيير من أحزاب سياسية وقوى مدنية وتجمع المهنيين، وهذا يؤكد على أساس أن هذا تحالفاً عريضاً يمثل أكبر تحالف شهده المجتمع السوداني في تاريخه.
وإذا استطاعت الحرية والتغيير الاستمرار كتحالف وحققت إنجازات سيكون الموقف مختلفاً خاصة إذا حدث اختلاف في مرحلة ما, لكن المبدأ يجب المحافظة على تماسك الحرية والتغيير، كما يجب المحافظة على الحكومة الحالية بهدف إنجاز البرنامج المعلن في الفترة الزمنية المحددة، وهذا يتوقف بعد إحداث تقييم بنهاية الفترة الانتقالية, والمبدأ الآن استمرار الحرية والتغيير واستمرار الحكومة الحالية، ولابد أن تجد هذه الحكومة السند، لأن هذه الحكومة هي التي تمثل الثورة.
*نفهم من ذلك أن الفترة الانتقالية هي فترة تحالفات سياسية؟
نعم، هي فترة تحالف سياسي, الفترة الانتقالية هي فترة تحالف سياسي لإنجاز برنامج، أما ما بعد الفترة الانتقالية فهي مفتوحة لجميع الأحزاب التي ليست لها علاقة بالحرية والتغيير، الفيصل ما بعد الفترة الانتقالية هو الشعب السوداني والخيار هو خيار الشعب السوداني.
*شهدت عاصمة جنوب السودان (جوبا) هذه الأيام مشاورات تمهيدية بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة من أجل تحقيق السلام، في تقديرك هل جوبا مؤهلة للعب دور إيجابي في مسيرة السلام؟
الجنوب أكثر دولة مؤهلة للعب هذا الدور، لكني مع أنصار أن يكون الحل داخل الخرطوم، وفي تقديري أن البلد الآن مهيأ لحل جميع المشاكل بالحوار داخل الخرطوم، وفي تقديري ما حدث في اتفاقية نيفاشا بفصل الجنوب جريمة وطنية، ونحن نسعى لحدوث تكامل بين الشمال والجنوب وإحداث عمل مكثف لمعالجة ومخاطبة قضايا الجنوب مثل ما حدث قبل ذلك في النظام السابق بأن المصالحة قام برعايتها السودان، والآن سلفاكير يحاول أن يرعى مصالحة الشمال، وفي تقديري أي حديث يبعد جوبا لصالح دولة أخرى غير مقبول، لكن المبدأ أن تحل جميع المشاكل داخل السودان.
*هل تتوقع بأن تعقد انتخابات بعد ثلاث سنوات أم تطول الفترة الانتقالية؟
الوثيقة الدستورية حددت أن السقف الزمنى للفترة الانتقالية ثلاثة أعوام، وبعد نهاية الفترة الانتقالية يعقد المؤتمر الدستوري، وبنهاية الفترة الانتقالية ستعقد انتخابات، ويتم الشروع في تكوين مفوضية الانتخابات لكي تكون انتخابات حرة ونزيهة وأن تتم بشفافية مطلقة.
*هل يمكن مشاركتكم في المراحل القادمة خصوصاً تكوين المفوضيات والمجلس التشريعي؟
المفوضيات هي مفوضيات مستقلة، وفي بعض المفوضيات المجلس التنفيذي أو الحكومة، وبعضها تتم بالمشاركة مع مجلس السيادة، والاختيار يتم على أساس الكفاءة والوطنية وهذه تعطي المفوضيات أن تكون لها استقلاليتها.
*وكيف تقيم حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك خاصة أن السيد الصادق المهدي قال في تصريح إنه في حالة تعثر حكومة حمدوك سنلجأ إلى انتخابات مبكرة؟
هي حكومة تم اختيارها بتوافق وإجماع كل مكونات الحرية والتغيير، وهي الآن مسئولة مسئولية تامة لإنفاذ برنامج الفترة الانتقاليةن وكل تحالف الحرية والتغيير يجب أن يعمل ليلاً ونهاراً لإنجاح هذه الحكومة، لأن عدم إنجاح هذه الحكومة هو مزيد من المعاناة وإضافة لمشاكل المواطن السوداني وربما يؤدي إلى انهيار المشروع الذي شارك فيه كل الشعب السوداني, لكن نقول إن الشباب الذي قام بهذه الثورة هو شباب سيحرس هذه الثورة وسيسعى لمساندة هذه الحكومة حتى نهاية الفترة الانتقالية، وبعد نهايتها يمكن لأي حزب سوداني أن يقدم برنامجاً للشعب السوداني، ويجب أن نسعى كسودانيين الآن لإزالة العقبات والتحديات التي تواجه الحكومة.