المشهد منقسم وحمدوك لا يملك عصا موسى
رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب يحتاج لجهود كبيرة
إقصاء الإسلاميين أكبر مشكلة وهذه غلطتنا في الديمقراطية الثالثة
الوضع الاقتصادي من أولويات حكومة حمدوك ويمثل همّاً أكبر
لا بد من مخاطبة البنك الدولي لإعادة الأموال المنهوبة من الخارج
واشنطون أبلغت الخرطوم رسمياً بمهلة ستة أشهر لرفع اسم السودان
خلافات (الحرية) و(الثورية) يمكن تجاوزها عبر (مجلس أعلى)
عُرفت عنه مواقفه السياسية القوية، مثيراً للجدل أينما حل، كان معارضاً شرساً وسياسياً محنكاً يعرف كيف تصنع الحيل وتدار التكتيكات وتتبدل المواقف، لا يتعجل الوصول إلى غاياته، فسياسة النفس الطويل إحدى فنياته.
داخل مقر حزبه بشارع البلدية كنا في انتظاره بحسب الموعد المضروب بيننا، قبل أن ياتي بزيه الأنصاري المعروف عنه ليبدأ معنا رئيس حزب الأمة السيد مبارك الفاضل، أو “البلدوزر” كما يحلو للكثيرين وصفه.
حوار مختلف باختلاف تغيرات المشهد في السودان الجديد، فكشف عن إبلاغ الحكومة الانتقالية رسمياً من قبل دبلوماسيين أمريكيين، بمهلة (6) أشهر لرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأفصح عن تحول في الموقف الأمريكي حيال السودان عقب التغييرات الأخيرة، اقتضت متابعة التعاون العسكري والمدني وإكمال عملية السلام والتحول الديمقراطي، وأشار إلى انتفاء أسباب الإبقاء على السودان في القائمة السوداء، وقال: الأمريكيون يرون أنه لا يوجد ما يمنع رفع العقوبات حالياً عن السودان، لجهة أن النظام الآن تغير بنظام آخر جديد، لكن الحملة التي قادها نشطاء سودانيون في أمريكا للكونغرس ضد السودان ومخاطبته بوجود مجلس عسكري يرفض تسليم السلطة المدنيين، هي التي أزمت الوضع وجعلتهم يضعون مهلة الستة أشهر لمتابعة مسار التحول الديمقراطي، وزاد: ( نحن عورنا نفسنا بي نفسنا).
وتوقع الفاضل رفع العقوبات قبل انقضاء فترة الستة أشهر حال حدث تغيير ومعالجات، وذكر أن لقاءاته مع بعض التنفيذيين في الإدارة الأمريكية كانت مبشرة للعدول عن موقفها الضاغط على السودان.
حوار: هبة محمود سعيد
تصوير ـ محمد نور محكر
*تصريحاتك الأخيرة حول وعود أمريكية برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ماذا قصدت بها وهل هي وعود حقيقية؟
– في عهد الإنقاذ صدر قرار برفع العقوبات عن السودان لكن وفق شروط ومطلوبات، كان من ضمنها وقف التدخل في شؤون دول الجوار ووقف الحرب في جنوب السودان بجانب التعاون في مجال الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتحقيق السلام في السودان وتحقيق الانفتاح الديمقراطي النسبي في ذلك الوقت باستيعاب القوى الأخرى، وتم تحديد فترة تسعة أشهر لرفع العقوبات بعد إكمال متطلبات رفع الحظر، وعندما سقط النظام أصبحت هناك وجهتا نظر حول رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، الأولى تتمثل في أن النظام الحالي ليس هو النظام الذي أقيمت عليه العقوبات وأنه نظام جديد يذهب في إطار الديمقراطية، وبالتالي لن تكون هناك ضرورة للإجراءات المطلوبة ورفع الاسم يكون من السهولة بمكان، هذه وجهة، أما وجهة نظر الأخرى ترى إعطاء السودان فرصة ستة أشهر يتابعون من خلالها مدى التعاون العسكري المدني وإكمال عملية السلام وسياسات وسلوك النظام الجديد في اتجاهه نحو التحول الديمقراطي.
من ناحية قانونية ولائحية ليس هناك ما يمنع رفع العقوبات عن السودان، لأن هذا نظام جديد، لكن من ناحية سياسية، هناك الآن مرحلة اختبار من قبلهم مدى صدقية التعاون العسكري المدني وصدقية التحول المدني وإنجاز ملف السلام وإدارة الدولة في الاتجاه الصحيح. (المسؤولون الذين قابلتهم يعلمون أن هناك تغييراً في السودان ولكن كما ذكرت لك.)
*هناك تناقض إذا سمحت لي، إذا كانت الإدارة الأمريكية تعلم أنه نظام جديد فلماذا مهلة الستة أشهر؟
– لا شك أن الحملة التي قام بها السودانيون في الأسافير في فترة المفاوضات بين المجلس العسكري وإعلان قوى الحرية والتغيير هي التي غيرت مسار الأمور، الحملة كانت تتحدث عن أن لدينا مجلساً عسكرياً لا يريد تسليم السلطة، وأنا في اعتقادي هو تصرف متعجل لأنه حقيقة المشكلة كانت في الطرفين (العسكري – التغيير)، لأنهما لم يناقشا الأمور بواقعية، والحملة في تقديري التي قام بها هؤلاء الناشطون ولدت شكوكاً، وبالتالي هذه الشكوك محتاجة إلى ستة أشهر لمعرفة مسار التحول الديمقراطي (نحن عورنا نفسنا بي نفسنا). الذهاب إلى الأجنبي قبل أن تعمل على حل مشكلتك أمر غير صحيح، الكونغرس الأمريكي جراء هذه الحملة قام بوضع قوانين تتعلق بالسودان وإجراءات بضغوط الناشطين.
*لهذا الأمر التقيت الفريق البرهان قبل سفرك إلى أمريكا؟
– لا .. لقائي معه كان حول مبادرة وضعناها تتعلق بمعالجة الانقسام في الساحة السياسية وكيفية تناول قضية السلام.
*أنت من أبلغت الحكومة بمهلة الستة أشهر؟
– لا، الدبلوماسيون الأمريكيون أبلغوهم وأبلغوا حمدوك نفسه أن هناك مهلة ستة أشهر لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
*من الذين قابلتهم من المسؤولين الأمريكيين؟
– الجهات الفاعلة في الإدارة الأمريكية.
*سياسيون أم تنفيذيون؟
– ليسوا سياسيين إنما تنفيذيون. (أشخاص يعرفون القضايا أكثر من الأشخاص الفوق).
*بحكم علاقتك بأمريكا ألم تستطع تحريك هذا الملف وإلغاء العقوبات على السودان قبل فترة الستة أشهر؟
– أمريكا صعبة، فيها الكونغرس والإدارة الأمريكية واللوبيات هذا أمر بحاجة إلى عمل، والآن من المفترض أن يتحرك النشطاء السودانيون ويطالبون الكونغرس برفع اسم السودان من القائمة لأنهم هم من أوصلوا الأمر إلى هذا الحد.. عندما كنا في المعارضة كنا نذهب ونقابل عدداً من أعضاء الكونغرس ويكون لديك اتصالات بمساعديهم لأن أعضاء الكونغرس عموماً لا يكونون ملمين بالتفاصيل، الشخص الذي يكون ملمًا هو مساعده، وأكثر مساعد لعب دوراً في القضية السودانية وقضية جنوب السودان هو المساعد (دغني) أثيوبي الأصل وهو من أكثر الذين قاموا بتحريك الكونغرس في قضايا انفصال الجنوب،
ولذلك السودانيون الفاعلون في أمريكا يستطيعون تحريك الأمر، لأن الكونغرس يهتم بقواعده، وهذا أفضل طريق، أمريكا بلد مختلف لا توجد فيها وجهة محددة تذهب إليها، نحن طوال المعارضة كانت تواجهنا مشكلة في عهد الديمقراطيين، كان هناك خلاف ما بين مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية في ملف السودان، فمجلس الأمن لديه موقف معنا في المعارضة أقوى، والخارجية لديها موقف أقل.
*سؤالي لك من واقع معرفتي بعلاقتك الوطيدة بأمريكا؟
– نعم، ولكن نحن عبر سنوات كنا نذهب ونعمل المخاطبات لمراكز القرار ومعهد السلام ونلتقي بمجلس الأمن القومي، ونقوم بعمل لوبي، الآن الأوضاع واضحة عكس السابق، هناك تغيير في كل السودان.
*هل تتوقع أن تكون فترة الستة أشهر كافية لرفع اسم السودان من القائمة؟
– أعتقد أننا إذا ضغطنا أنفسنا سيتم رفع اسم السودان قبل إكمال المهلة، لأن المسألة مرتبطة بها مساعدات إنسانية وتعامل مصرفي مع العالم، ونحن بالمقابل نريد الدخول في عمليات إصلاحات اقتصادية، كما أننا نحن بحاجة للإسراع بإعفاء الديون وفتح تسهيلات المصارف ومعونات من البنك الدولي وصندوق النقد، ولذلك ستة أشهر بالنسبة لنا طويلة.
*الوضع الآن ما زال ضبابياً، هناك الكثير من القضايا العالقة بين المدنيين والعسكريين، ما زالت المواكب المنددة تخرج، فما الحل؟
– الحل يكمن في تضافر جهود السودانييين وعمل حملة مثل الحملة السابقة تلك حتى تنثي الكونغرس عن قراره لأن الإدارة لم تكن مهتمة.
*الإدارة قامت بتعيين مبعوث أمريكي؟
– بناء على إصرار الكونغرس وتحت ضغطه نتيجة لضغط السودانيين الناشطين الذين تجمعوا من مختلف ولايات أمريكا وتظاهروا أمام الكونغرس ولفتوا انتباهه وجعلوهم يمضون في اتخاذ إجراءات، الآن الطريق فاتح.
*أراك تلخص المشكلة كلها في الناشطين، لكن البعض يرى أنها سياسية؟
– هناك سياسات، من المفترض تقديم حسن النوايا.
*ما هي أهم المطلوبات لرفع اسم السودان قبل ستة أشهر؟
– الوضع الاقتصادي يعتبر أول الأولويات والهم الأكبر إذا كنت تريد استقراراً في الساحة السياسية إضافة إلى السلام وإن كان السلام ليس من المفترض أن يشغل الحكومة لأن الحكومة لديها جهد لإعادة بناء الخدمة المدنية والإصلاح الاقتصادي إضافة إلى قضايا المشاكل المزمنة مثل الكهرباء والزراعة، ومحاربة الفساد وتصفية بقايا نظام الإنقاذ.
رئيس الوزراء ووزير المالية من المفترض أن يخاطبوا البنك الدولي لإعادة الأموال المنهوبة من الدول عبر برنامج يعرف ببرنامج “استار”، أنا حتى الآن لا أرى أنهم خاطبوا البنك الدولي لإعادة الأموال المنهوبة، هذا البرناج أعاد لدولة نيجيريا مبلغ مليار دولار.
يكتبون للأجهزة لإعادة الاموال المنهوبة من السودان، لأننا إذا أردنا استعادة أموالنا، فالأمر يتطلب تأجير وكالات واستخبارات، لكن هذه البنوك لديها المعلومات.
*كيف تتوقع ـن تمضي الإصلاحات الاقتصادية؟
– في البداية من المفترض أن تأتي بعثة من صندوق النقد الدولي لعمل دراسة للوضع الاقتصادي وبالتشاور مع الحكومة سوف تصل إلى برنامج اقتصادي، والبرنامج هذا على أساسه سوف تتقدم الدولة حتى تتم مساعدتها في إعفاء الديون وإعادة التمويل وبدون هذه المسائل لن يستطيعوا أن يتقدموا بمعونات (لازم تكون هناك جهة مثل صندوق النقد الدولي تمنح شهادة صحية)، الآن الحكومة مقبلة على برنامج إصلاحي اقتصادي، ولابد من هذه الشهادة الصحية، وهي واجب أساسي وبدونه لن تتأهل حتى لإعطائك معونات.
*رئيس الوزراء الدكتور “عبد الله حمدوك” في أول تصريح له، قال إننا لن نعتمد في اقتصادنا على الهبات والمنح؟
– طبعاً هذا مجرد كلام.. السودان الآن اقتصاده فيه عجز بنسبة 80% وقاعدته الإنتاجية ضعيفة جداً جداً بحاجة لتمويل كبير جدًا إعادة بناء الحقول الموجودة والاستثمار في حقول جديدة، إذا نظرنا إلى الزراعة هي بحاجة إلى تحديث وتقانة، نحن كان وضعنا برنامجاً مع القطاع الخاص، برنامج عبر ثلاث سنوات محتاجة إلى 3 مليارات دولار حتى تخرج إنتاجية الزراعة، موضوع الزراعة مهم، نحن في الديمقراطية الثالثة عام 1987 قمنا بعمل هذا البرنامج مع الصندوق، وأرسل إلينا وعقدنا اتفاقاً تم بموجبه منحنا شهادة صحية، فالشهادة هذه بدونها لا يستقيم أمر الاقتصاد، إذا أنت لا تمتلك برنامجاً اقتصادياً مقبولاً دولياً فلن يعطوك مساعدات وسيعتبرونك تهدرها في سوء الإدارة.. الصندوق لابد أن يُناقش مع الحكومة هذه القضايا، نحن بحاجة إلى استثمارات ومعونات، والآن بدون معونات السعودية والإمارات كان سيحدث انهيار، الآن البترول يأتينا من السعودية والإمارات بدونه وضعنا كان سيكون صعباً جدًا جدًا، وواحدة من الأسباب التي أسقطت البشير هو وقف المعونات بعد أن رفضت كل الدول إعطاءه الأموال واعتبروه يهدرها في سوء الإدارة وسوء السياسات.
*أين مبارك الفاضل من هذا الحراك السياسي، حدثت الثورة ولم نجده داعمًا لقوى التغيير ولم نجده داعماً للمجلس العسكري؟
أنا كنت متحفظاً على التحالف مع قوى الحرية والتغيير، لكن أعضاء حزبي يرون أن نوقع معهم، أنا عشت في هذه التحالفات كثيراً، وأعلم أنها غير مجدية، بها مشاكل كثيرة، خاصة عندما تكون المواثيق فضفاضة، لقد ساهمت من قبل في تشكيل التجمع الوطني الديمقراطي وقوى الإجماع الوطني وقوى الفجر الجديد، وكنت أميناً عاماً للتجمع.. أنا عشت المعارضة بالطول والعرض وأعلم مشاكلها، وفي نهاية الأمر قررت العلاقة الطيبة وأن لا أكون جزءاً من هذه التشابكات، لكن كما ذكرت سابقاً (ناسنا أصروا وفتشوا في البداية ما لقوهم)، وبعدها أخبرتهم أننا طرحنا ورقة ميثاق، ولكنهم ـ أي قوى التغيير ـ لم يذهبوا فيها وليتهم ذهبوا فيها لكُنّا تفادينا (الدربكة الحصلت).
*كيف؟
– نحن طرحنا مسودة من خمس نقاط، فيها إعلان سياسي ودستوري وبرناج المرحلة الانتقالية وتربيات السلام والمبادئ العامة للدستور الدائم، كل الأشياء التي اختلفوا حولها وفي النهاية لم يعملوا بما قدماناه، ونحن تمسكنا برأينا أننا لن نوقع إلا على الاشياء المتكاملة، (لكن مسألة أن تعمل إعلان وتقعد نتشاكل فهو غير مجدٍ).
لقد خضت هذه المسائل من قبل، نحن في وقت من الأوقات كي نقود التجمع الديمقراطي لمقررات أسمرا أخذنا سنتين من الصراع، وإن لم يساعدني فيه الراحل الدكتور جون قرنق ورئيس الوزراء الإثيوبي لما استطعنا أن نصل لمؤتمر أسمرا، ولهذا السبب لم نوقع.
*كيف تقرأ المشهد الآن؟
– هناك انقسام في الساحة السياسية، أكبر خطأ وقعت فيه قوى التغيير إبعاد الإسلاميين المعارضين من الحكم، الأمر الذي من شأنه أن يقود الإسلاميين جميعهم معارضين وغير معارضين للتوحد في جبهة واحدة، وهذا الأمر لن يدع الحكومة تعمل وتطبق الإصلاحات الاقتصادية التي بحاجة إلى جراحة.
نحن لدينا تجربة في الديمقراطية الثالثة أتينا ووجدنا البلاد مفلسة، والناس لم تصبر علينا لأننا تركنا الجبهة الإسلامية في الخارج، وقامت بتسميم الجو، ولم ندخلهم إلا عقب عامين، وهذا كان خطأ لأنها استغلت الظرف، وهيأت الناس ضد الديمقراطية، الآن نحن نسير في ذات الخط.
*كيف تقرأ تلك الدعوات للمليونيات من قبل “قحت” نفسها التي وصلت إلى مقاليد الحكم في البلاد؟
– هذا خلل، وصراحة الذين يحركون الشارع الآن يريدون السلطة، لأن علاقتهم بالشارع هي المطالب، وإذا انتفت المشاكل والمطالب سيجدون أنفسهم (برة)، هذه المليونيات ليست سوى تضليل، ويبقى السؤال هل المشكلة في القصاص تكمن في تعيين رئيس القضاء!! أين محامِي “قحت”، هم الذين ينبغي أن يتحركوا ويفتحوا البلاغات حتى ولو ضد مجهول (لكن القضاء ما جاءه موضوع عشان يحكم فيه، حيمشي يعمل شنو).
*عدم دراية سياسية؟
– نعم.. أنت تخدع الناشطين والثوار وهم لا يعلمون بالإجراءات… الشرعية الثورية انتهت، الآن هناك شرعية دولة.
*كيف تتوقع أن تمضي الفترة الانتقالية هل ستكون كافية للإصلاحات؟
– الفترات الانتقالية عادة لا تكون ناجحة، لأن الأشخاص لا يكونون متجانسين، وليس لديهم سند انتخابي، أضف إلى ذلك أن المواطنيين عقب الثورات تكون تطلعاتهم عالية والإمكانيات محدودة، فتبدأ الإضرابات والمليونيات، وتصبح الحكومة تطفئ في حرائق بدلاً من عمليات إصلاحية.
*يمكن القول أننا على موعد مع احتجاجات وانقلابات قادمة؟
– الانقلاب في هذا التوقيت لن يحدث، لكن من الممكن أن تقولي إضرابات واحتجاجات خاصة الحريات فُتِحت والتطلعات والمطالب عالية.
*هل من الممكن لحمدوك أن يتجاوز بالبلاد هذه المرحلة الصعبة؟
– والله ما يظلموه هناك محدودية للممكن مهما كان، فهو لا يملك عصا سحرية إذا لم تساعده بالاستقرار لن يستطيع أن يعمل.. حمدوك رجل لديه قدرات، لكن بحاجة للاستقرار، أضف إلى ذلك أنه أتى من الخارج، والكفاءة وحدها غيركافية، الخبرة العملية مهمة خاصة في ظروف مثل هذه، هناك أناس لديهم خبرة وكفاءة، لكن الشخص منهم يخشى اتخاذ القرار، ولا يستطيع تحمّل النقد.
*كيف تنظر لملف السلام بين الحكومة والحركات المسلحة؟
– كانت لدينا رؤية للسلام، وهي أنه من الممكن تجاوز الخلاف بين الحرية والتغيير والجبهة الثورية من خلال تشكيل مجلس أعلى للسلام، تكون قراراته ملزمة للحكومة، وجزء من أجهزة السلطة الانتقالية يرأسه البرهان يشارك فيه قادة المجلس العسكري وتشارك فيه القوى السياسية في البلاد التي لها دور وتشارك فيه الحركات المسلحة ويناقش قضية السلام ويصل فيها إلى اتفاق ويكون ملزماً للحكومة، وبهذا يكون قادة الحركات المسلحة شعروا أنهم جزء من السلطة الانتقالية، وليس أن السلطة الانتقالية تذهب وتجلس في مقابلتهم لتفاوضهم حول السلام، لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءاً أصيلاً شارك في التغيير، الإن في هذه الصورة، سيكون هناك فريقان متواجهان بينما من المفترض أن يكون هذان الفريقان شركاء في عملية التغيير، ولذلك كان الأفضل أن يكون هناك مجلس أعلى للسلام يستوعب القادة ويكون فيه تمثيل لـ”قحت” وقادة الدولة وقوى سياسية أخرى مشاركة في الثورة حتى تصل لعملية السلام، ومن ثم عمل ترتيبات لمشاركتها في أجهزة السلطة الانتقالية لمشاركتها، لكن نكون أزلنا عاملاً نفسياً مهماً جداً في أن الحركات المسلحة شركاء في المرحلة الانتقالية ويتفاوضون حول تفاصيل السلام كأسرة واحدة، وهذه واحدة من الأشياء التي ناقشت فيها السيد البرهان وأعطيته مقترحاً لميثاق يجمع القوى السياسية حول برنامج الفترة الانتقالية ويوحدها في إطار المجلس التشريعي عشان نقفل الانقسام في الساحة السياسية. والآن أرى أن الرؤية بدأت تتضح لدوائر دولية وإقليمية أن مسألة المجلس الأعلى للسلام مسألة ضرورية.
*عندما قدمت الرؤية للفريق بماذا أجاب؟
– قال إن هناك مفوضية للسلام، فقلت له إن المجلس الأعلى للسلام هو مجلس سياسي يضم قادة الدولة عسكرية ومدنية ويضم قادة الحركات المسلحة، يكون أشبه بمجلس وزراء مصغر للسلام، الآن إذا استمر الوضع هكذا سوف نرى أن الخط سيكون هو التفاوض لتجاوز الترتيبات الانتقالية مثلما يحدث بتغيير المادة 70 والتي بموجبها يتم تعديل في السيادي والوزراء لاستيعاب الحركات عقب التفاوض ومعناها أنني لن أعطيك السلام إلا بمقابل في السلطة، وإذا كنا عالجنا المسألة بالطريقة التي طرحتها لكُنا تجاوزنا الكثير، الآن أكبر خطأ هو أن تجعل القادة والحركات خصماً أو منافساً وهذه واحدة من النقاط التي ركزت عليها كثيراً خلال لقائي مع الفريق البرهان، أيضاً ركزت على الوثيقة الدستورية وأن يكون دستور 2005 مرجعية لها.
*لماذا؟
– الآن الوثيقة الموجودة هذه لا مرجعية لها، هناك قضايا أساسية أغفلت. فعندما يتم الخلاف يجب أن يكون هناك مرجع
*قضايا أغفلت مثل؟
– علاقة الولايات بالمركز، وهذه مسألة مهمة جدًا الآن، ولم تتطرق لها، كذلك لموضوع الحكم الذاتي ومثل هذه القضايا بحاجة إلى دستور يسعفك في مثل هذه النقاط حتى يحدد الصلاحيات، هم يتحدثون عن حكم ذاتي لكن نرى أن الصلاحيات الفيدرالية أعلى، وإذا أنا كنت أريد أن أقول إن صلاحيات الحكم الفيدرالي أعلى أستند على لابد من دستور يحسم الأمر، أيضًا مثل علاقة الدين بالدولة ومثل مرجعيات التشريع.
* هل يجب مراجعة الوثيقة؟
– يجب أن يكون دستور 2005 المرجعية فيها، وهذه القضايا التي ناقشتها وهي قضايا لا فكاك منها.