ما يشهده السودان هذه الأيام في المركز والولايات من أزمات في الوقود والخبز، لم يشهده حتى في أيام الحكومة السابقة، والتي كان الخروج عليها بسبب تردي الوضع المعيشي وشح الوقود والخبز.
أسوأ ما كان في قيادات الحكومة السابقة هو عدم تفاعلهم وبرودهم مع قضايا المواطنين، فضلاً عن تصريحاتهم والتي يمكن وصفها بالمستفزة.
يكاد ذات السيناريو يُطبّق في حكومة (الطاشر) يوم، فبرغم الصفوف الطويلة والدائرية في طلمبات الوقود، وعدم وجود وقود في طلمبات أخرى ولمدة أسبوع أحياناً، خرج علينا وزير المالية ليقول بأن موقف الإمداد من الوقود مطمئن، وأن السبب الرئيسي عدم التنظيم والتوزيع (يطمنك الله ياخ).
كيف نطمئن ووسائل المواصلات تصطف في الطلمبات لساعات أكثر من عملها في نقل المواطنين. وحجة التوزيع والتنظيم هذه واحدة من الأسباب التي عجّلت بذهاب الإنقاذ، فلتبحث الحكومة أو وزير المالية عن أسباب حقيقية لعدم توفّر الوقود بدلاً من دفن الرؤوس في الرمال وعدم مواجهة الحقائق.
قاصمة الظهر هي شمّاعة الدولة العميقة التي يتحدّث عنها من بالحكومة ومن بقوى الحرية والتغيير، فالدولة العميقة هذه جلباب فضفاض لا لون له، يذكّرني ذات الحديث المكرور أيضاً والذي ملّه كل الشعب السوداني بالحكومة السابقة حينما يتّهمون عبد الواحد نور وإسرئيل، كلما حلّت بهم مصيبة، فكانا الشماعة التي يتم تعليق كل المشاكل عليها.
على حمدوك ووزرائه عدم تكرار أخطاء الحكومة السابقة بتوهّم وخلق أعداء من العدم، لستر عوراتهم والتي بدأت تتكشف اليوم والآخر.
على قيادات قوى الحرية والتغيير أن تُدرك أن المعارضة ليست كالحكم، فالجلوس على الكرسي العام مسؤولية كبيرة، يتحمّل الشخص الحاكم كل المسؤوليات، ولن يقبل المواطن بأي تبريرات على شاكلة الدولة العميقة أو منسوبي النظام البائد أو غيره.
على الحكومة أن تتحزّم وتُواجه مشاكل البلاد، وتعمل على حلها سواء من الداخل أو مع الحلفاء أو الأصدقاء، وحديث قوى الحرية حينما كانت في صف المعارضة عن عدم التمحور أو التعامُل مع الدول الأخرى، ستُدرك جيداً تلك القوى بأنه حديث غير قائم على ساقين، كل دول العالم تتحالف وِفق مصالحها وتُساند بعضها البعض، وإن وقفت الحكومة الحالية في موقفها الحالي، فإن المشاكل الحالية ستلتف حول عنقها، ولن تنفعها بعد ذلك أجهزة الإنعاش.
زيارة حمدوك إلى نيويورك لن نجني ثمارها قبل العام، فيجب عدم إلهاء الشعب السوداني ورفع سقف طموحاته بأن الزيارة ستفتح للسودان آفاقاً كبيرة وتُخرجه من عزلته الحالية.