أتظن التي نادت بوقف العمل بالشريعة الإسلامية بدعوى أن السودان بلد متعدد الأعراق، أنها ستُطفئ نور الله وستخمد نار كتابه المبين في بلادنا، وستُحرّر شهادة وفاة لشريعته التي عَجِز اليسار كله والمنافقون من الأحزاب منذ الانتفاضة عام ١٩٨٥م عن إلغائها، فأوهن الجبّار كيدهم وجعله في نحورهم وجعلهم في ظلماتهم يعمهُون؟ أتظن أنها ومَن معها ومَن شايَعها بقادرة على كشط الدين وشطب شِرعة السماء، بحديث جهل وجهالة، ويمكنها مواجهة غضب هذا الشعب المسلم ومن فوقه غضب صاحب الملكوت ذي الجلال الإكرام؟ أتظن وهي في أرذل العمر، تمشي كالذي يتخبّطه الشيطان من المس، مُكِبّة على وجه الضلال، تستطيع أن تُهيل التراب على دين الله الخاتم وتُوقِف العمل بحدوده ونواهيه وشِرعته التي ارتضاها لعباده؟ لقد سبقها عُتاة شِداد من قبل، فكيف كان عذاب، وكيف كان مصيرهم؟ وكيف مآب..؟
لقد فرحِت هذه الداعية إلى إلغاء العمل بالشريعة الإسلامية بما آتاها الله من فضله، فبدلاً عن شكره والحمد والثناء عليه، تُريد أن تُحارب نهجَه وشرعَه وتُحادده وتتجرأ على أحكامه، وللأسف عن جهل مريع وفاضح. لقد كشفت عن ضآلة الفكر وضحالته، وعن عَجز المنُكرِين وشططهم، وكُنا نظن أنها أوسع صدراً وفهماً، وأنقى معرفة، وأكثر دراية، وأنفذ بصيرة ، وأرجح عقلاً، وأقل طمعاً في عرَض الدنيا الزائل، وهي في سن يتوجب عليها أن تتقرّب فيها بالطاعة إلى مولاها، وتستعد ليوم الرحيل، فإذا بها حتى في لادينيّتها تسقُط سقطة مريعة لا تتأتّى لطفل غرير جاهل، ففي كل دعوات العلمانيين والمُنافقين والمُنافحين عن الباطل، لم يُقيموا حُجّتهم على ما أسمته (السودان مُتعدّد الأعراق)، من قال إن تعدُّد الأعراق يتنافى مع الشريعة ويتعارض مع الدين، لو قالت مُتعدّد الثقافات والأديان لكان مقبولاً منها هذا المنطق ولتمّ دحضه أيضاً، لكن البصيرة العمياء لم تحسن معها الرمية، فظنّت ويا لبؤس المنطق أن تعدُّد الأعراق هو سبب وداعٍ إلى إيقاف العمل بالشريعة، فهذا المنطق المعوج واعوجاج الفهم هو الذي قادها إلى أن تغفل عن حقيقة موضوعية أن مجتمعنا المُتعدّد الأعراق هو مجتمع مسلم مُتمسّك بعقيدته مُتسامِح بدينه، فأياً كان سيكون هو الذي يتوجّب أن تحكم الشريعة فيه؟! قد يكون هو خريف العمر وتخريفاته، لكن ذلك عند الله وزر كبير وإثم بالغ ومُنكر ومكر لا يُقارب مكر الله والله خير الماكرين.
إذا كانت الشريعة الإسلامية وحُرّاسها وحُماتُها، قد استفزّهم هذا القول المارق، واللسان الضال المُضِل، لصاحبته التي حملت خنجرها المسموم لتطعن به الشريعة وتحز عنق الحنيفية السمحاء، لتُرضي أربابها وعرّابيها وسادَتها، فإن هذه التي تُعادي حدود الله، قد قصّرت لهم المسافة بكشفها عن مُخطّط الشيوعيين واليسار والعلمانيين في البلاد، وفضحت توجّهاتهم، وأبانت أنيابهم الدامية تريد أن تنهش لحم العقيدة وتنفث سمها الزعّاف في جسد الأمة، فمن لطف الله أن أنطَق مثلها، لتكون دليلاً على ما يُدبّر ويُحاك ضد هذه الأمة، التي لن يهدأ لها بال حتي تعصف بهؤلاء البغاة وتنتصر للحق وراياته ويزهق الباطل الزهوق …
لن يجد شباب هذه الأمة غير أن يحمدوا الله كثيراً الذي كشف لهم باكراً خبث ربائب وعَبَدة الشيطان والماسونيين الجدد، وسيجمع مالك الملك الجبار المنتقم، صف عباده المدافعين عن شرعه وسيذهب عن بلادنا الخبث والخبائث، فهم البادئ والبادئ أظلم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ..