الخرطوم: أم سلمة العشا
تراجعت هيئة الدفاع عن الرئيس السابق عمر البشير عن طلبها الخاص باستدعاء مندوب قوات الدعم السريع كشاهد في قضية استلام البشير لأموال من دولة أجنبية، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً لأي تكهنات في سير قضية الدفاع ربما تحدث لاحقاً، وبحسب الكشف المرفق للمحكمة بقائمة الشهود، فإن قوات الدعم السريع من بين الشهود الأساسيين من بين المؤسسات التي تلقت دعماً من مبلغ الـ(25) مليون يورو موضع البلاغ في القضية، وفقاً لإفادات المتحري الذي أدلى بها أمام المحكمة بشأن البشير، المتعلقة باستلامه أموالاً من دولة أجنبية، واعتراف صريح أمام المحكمة لمدير مكتب البشير السابق اللواء ياسر بشير بتسليمه شخصياً المبلغ إلى قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو.. حرصت هيئة الدفاع عبر ممثلها هاشم أبو بكر الجعلي على المطالبة بشهادة ممثلين للمؤسسات التي ورد ذكرها في مرحلة التحري للإدلاء بأقوالهم أمام المحكمة، غير أن المفاجأة كانت بمثابة تراجع الدفاع عن شهادة الدعم السريع.
سماع إفادات
واصلت المحكمة المكلفة بنظر الدعوى وفقاً لقانون السلطة القضائية أمس جلسات سماع إفادات شهود الدفاع في محاكمة الرئيس السابق عمر البشير، واتهامه في القضية محل البلاغ، على خلفية عثور السلطات بمنزله عقب عزله على مبالغ ضخمة بالعملات الأجنبية والجنية السوداني تعد وفقاً للاتهام مخالفة لقوانين الثراء الحرام والمال المشبوه والتعامل بالنقد الأجنبي، حيث حددت المحكمة جلسة الثامن والعشرين من سبتمبر الحالي، موعداً لمواصلة سماع إفادات بقية الشهود في القضية.
وكشف شاهد الدفاع أمام المحكمة التي عقدت أمس أمام قاضي المحكمة المكلف د. الصادق عبد الرحمن الفكي بمعهد العلوم القضائية بالخرطوم، عن دفع وزارة المالية نحو (270) دولاراً دعماً لطن القمح، للمطاحن المستوردة، وأقر بأن جهاز الأمن والمخابرات وجه بشراء قمح من شركة “ويتا” بمبلغ (5) ملايين دولار بهدف توفير كمية أكبر من القمح، واستمعت المحكمة، إلى ثلاثة شهود دفاع عن البشير، في عدد من مؤسسات الدولة رئاسة شئون الجمهورية، جهاز الأمن والمخابرات الوطني، بنك السودان المركزي، أدلوا بأقوالهم أمام قاضي المحكمة في الدعوى الجنائية الموجهة ضد البشير.
حقيقة اتفاق
حقيقة كشف عنها شاهد الدفاع بجهاز الأمن والمخابرات اللواء طارق عبد القادر مسؤول الصناعة بإدارة الأمن الاقتصادي في حديثه أمام المحكمة تتعلق بتوقيع اتفاق بين وزارة المالية والمطاحن الكبرى الخمس، بشأن توزيع حصص دقيق القمح يلزم شركة (سين) للغلال بإنتاج (44) ألف جوال قمح يومياً على نطاق السودان العاصمة (24) ألف جوال، فيما تنتج شركة (سيقا نحو(20) ألف جوال بالخرطوم وبعض الولايات، وتنتج شركة (ويتا) نحو(18) ألف جوال، والحمامة(10) آلاف، بجانب شركة (روتانا) (8) آلاف، وأضاف “إجمالي الكمية المنتجة من الدقيق بالخرطوم والولايات تصل إلى (100) ألف جوال يومياً، وقال عبد القادر إن جهاز الأمن الاقتصادي جهة رقابية من دوائر اختصاصاته الصناعة والدقيق والسكر والاستثمار والمعادن، لافتًا إلى أن الأمن الاقتصادي، مهمته متابعة المستودعات والمخازن حتى ترحيل القمح من بورتسودان وتسليمة للوكلاء، منعاً للتلاعب والتسرب، وأكد عبد القادر بأن هناك جهات أخرى معنية بالدقيق وتوفيره منها إدارة السلع الاستراتيجية بوزارة المالية وهي مسؤولة مسؤولية مباشرة من القمح والدقيق وتوفره.
فريق عمل
إزاء العجز الواضح من وزارة المالية في توفير النقد الأجنبي لشراء سلعة القمح، وارتفاع سعر الصرف لجأت الدولة إلى بعض الحلول بأن تشتري وزارة المالية القمح، هذا حسب ما أفاد به الشاهد طارق عبد القادر، ولسد الفجوة أنهم يعملون كفريق عمل متكامل الأدوار برئاسة وزارة المالية، ممثلة في إدارة السلع الاستراتيجية وبنك السودان المركزي لتوفير النقد الأجنبي بالإضافة إلى المطاحن الكبرى الخمس (سيقا، ويتا، الحمامة، سين، روتانا)، وهي شركات خاصة تدعمها الدولة لتوفير السلع الاستراتيجية، وأضاف عبد القادر بأن الدولة تسلم المخبز جوال الدقيق بمبلغ (550) جنيهاً، إلا أنه بعد زيادة الأسعار ارتفع الدولار وأصبح الجوال يباع بمبلغ (1700).
أزمة خبز
حسب إفادات الشاهد، فإن مساهمة الأمن الاقتصادي للحد من أزمة الخبز الطاحنة، قال إن وزارة المالية كانت تقوم بشراء القمح، وحينما حدث عجز، جاءت توجيهات من رئيس الجهاز السابق صلاح قوش بأن يتم شراء القمح من المطاحن العاملة في مجال الدقيق، وأوضح أن وزارة المالية التزمت بدفع (270) دولاراً لسعر طن القمح للمطاحن المستوردة، بالعملة الأجنبية، ووفقاً للتوجيهات تم شراء القمح من شركة (سيقا) بملبغ 5 ملايين دولار ما يساوي 16 آلاف درهم لتوفير أكبر قدر من الدقيق للمواطن وتوزيعه للمخابز..
مستند بالتوقيع بالاتفاق بين وزارة المالية ومطاحن الغلال وجهاز الأمن تم التوقيع عليه في يناير 2018، طالبت هيئة الدفاع بقبوله كمستند رسمي للدفاع، إلا أن هيئة الاتهام عبر رئيسها ياسر بشير البخاري اعترضت عليه بأن المستند صورة، ليس أصلاً، والشاهد لا صفة له، وليس طرفاَ في الدفاع، وليس وزير دولة، بجانب أن الشاهد أفاد بأنه التحق بهيئة الأمن الاقتصادي، في يوليو، وبما أن الاتفاق في يناير وكان يعمل في هيئة المخابرات الخارجية..
في المقابل جاء رد الدفاع عبر ممثلها هاشم أبو بكر الجعلي، فيما يتعلق بمسألة الصورة المستند رسمي صادر من وزير الدولة بوزارة المالية مع جهات أخرى، كما أن الشاهد الماثل أمام المحكمة ذكر أنه تم نقله في أواسط العام 2018 إلى هيئة الأمن الاقتصادي، وظل بها حتى يونيو 2019، غير أن المحكمة رأت ليس هنالك ما يمنع قبول المستند رقم (7) في قضية الدفاع، وهو عبارة عن توقيع اتفاق توزيع بين وزارة المالية والمطاحن.
ونفى عبد القادر علمه بعلاقة الرئيس بدعم الشركات الخمس، كما نفى علاقة الأمن الاقتصادي بشراء الدقيق بل إنه عضو في اللجنة بوزارة المالية، لافتاً إلى أن رئاسة الجمهورية والأمن الاقتصادي عملهما إشرافي.
تقديرات خاصة
الشاهد وزير الدولة السابق برئاسة شؤون الجمهورية، أبو بكر عوض قال أمام المحكمة: لا يحق لرئاسة شئون الجمهورية استخراج مبلغ نقدي، أو تصديق دعم أو تبرع لأي مؤسسة من مؤسسات الدولة، وبرر أن لتلك المؤسسات ميزانية مخصصة من وزارة المالية، وأضاف” أي تبرع أو دعم مالي يخضع لتقديرات رئيس الجمهورية السابق، وأقر بامتلاك البشير رقم حساب بنكي خاص بالنقد الأجنبي يتعلق بتسيير مكاتبه، ونفى الشاهد استخراج دعم مالي من رئاسة شئون الجمهورية. وأضاف: لا يمكن استخراج مبالغ ضخمة لمؤسسات لها ميزانية مخصصة بوازارة المالية، وزاد: في حال التصديق بدعم أو تبرع خارج بند الدعومات يخضع الأمر إلى تقديرات الرئيس بموجبه يتم نقل التوجيه إلى رئاسة شئون الجمهورية، وقال إن رئاسة الجمهورية وحدة إدارية تخضع لكافة أجهزة الدولة.
لائحة وتوجيهات
وقال شاهد دفاع ثالث، موظف ببنك السودان المركزي، إنه وفقاً للائحة بنك السودان المركزي يسمح بحيازة أي مبالغ للنقد الأجنبي دون أي مستندات ثبوتية، وأشار إلى أن تسوية المعاملات تتم بالعملة المحلية، وأضافك”لابد من الحصول على موافقة إذا كانت بالعملة الأجنبية، وقال ليست لدينا علاقة مباشرة برئيس الجمهورية، والتوجيهات تتم للمؤسسات التي تتعامل بالنقد الأجنبي، وأن الضوابط تتيح للجهات (المصارف، الجهات المعتمدة، الصرافات) المرخص لها بالتعامل بالنقد الأجنبي ولا تخول لأي جهة غير معتمدة.
رفض طلب
رفضت المحكمة طلب هيئة الدفاع المتعلق بموافقة المحكمة بتكليف المراجع القومي بمراجعة حسابات بيت الضيافة في الفترة من يناير 2018، وحتى 11 أبريل 2019، وأوضحت أن المبلغ موضع البلاغ لم يتم صرفه عبر القنوات الرسمية حتى تتم مراجعته عبر المراجع القومي.