السكن المنتج بالجزيرة.. تحت المجهر
إلى حمدوك والبرهان.. زيارة واحدة تكفي لتبكيان
مشروع لوتاه خيري وليس استثمارياً.. وينتظر الدعم المعنوي
الخير موجود في أرض الجزيرة.. والعين لا تراه
الجزيرة: جعفر باعو
شرقاً في اتجاه مدينة حنتوب بولاية الجزيرة، يتدفق الخير بكثرة عبر منازل منتجة تحتاج إلى قليل من يقظة الضمير حتى يعم خيرها أقاصي السودان، باتجاه حنتوب وبعدها بكيلومترات قليلة كنا نسير نحو مشروع السكن المنتج، فتذكرت حديث احد المستثمرين العرب لي قبل سنوات عديدة، وكان حينها ذاك المستثمر يدفع الأموال من أجل زراعة القمح حتى تعود عليه بالارباح، ولكن قمح الموسم الذي حضرت حصاده لم يكن ناجحاً، فقلت له أنت الآن تدفع لتزيد مالك، ولكن زراعتك لم تنجح ولازلت تزرع في ذات المكان، فكانت إجابته لي بأنه حينما يسأل يوم الحشر العظيم عن مصدر أمواله فهو يعلم أنها حلال وسيجيب على مصدرها، ولكن الأصعب من ذلك أن تجيب فيما أنفقت مالك، فأفضل لي أن أنفقها في زراعة القمح وإن خسر ليستفيد منه المواطن من أن تنفق في أشياء أخرى لا تفيد البشرية.
تذكرت رجل الأعمال هذا، وصاحب مشروع السكن المنتج يدفع دون ـن ينتظر ربحاً في الحياة الدنيا وإنما يريد ثواب الآخرة، وهو ينتشل الأسر من دائرة الفقر إلى مربع الغنى.
إنه الحاج سعيد لوتاه، هذا الشيخ الأماراتي الذي ظل ولسنوات يرعى مشروعات الخير والبركة في جميع أنحاء العالم، وليس السودان وحده، صرف الحاج سعيد المليارات من أجل مشروعات الخير دون أن يرجو عائداً منها، فقط يحتاج للعقلية التى تفهم مغزى هذه المشروعات التي استفادت منها الكثير من الأسر والبقية تنتظر. “الصيحة” كانت في قلب مشروع السكن المنتج الذي تقف عليه مجموعة الحاج سعيد لوتاه وخرجت بالكثير والمثير عبر هذه المساحة التى نرجو أن تجد العين الفاحصة من الحكومة الانتقالية حتى يزداد خيرها.
*مشروع مجاناً
حينما استلم رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك تكاليف الحكومة الانتقالية، قال في أول تتصريحاته إنهم يسعون إلى تخفيف حدة الفقر عبر المشروعات الإنتاجية والخطط الاقتصادية المرتبطة بمعاش المواطن، وهذا المشروع يضم الآن أربعمائة وحدة سكنية، ومع كل وحدة ثلاثة أفدنة تزرع بالمحاصيل والخضروات والفاكهة، وبها أبقار وضأن ومنحل واستزراع سمكي، وتستخدم في هذه الوحدات السكنية الطاقة الصديقة إن كان للكهرباء أو المياه عبر الطاقة الشمسية، وكل هذا مجاناً للمزارع السوداني الفقير والمسكين، وقبل أن نُبحر في هذا المشروع الإنتاجي الخيري الضخم، نرجو من السيد رئيس الوزراء ورئيس المجلس السيادي أن يسجلا زيارة إلى هذا المشروع الكبير ليقفا على حقيقه الخير الكثير القادم من الأشقاء في دولة الإمارات عبر رجل الأعمال الحاج سعيد لوتاه، ولن يضيرهما شيء إن استقطعا يوماً لخدمة البسطاء من أهل الجزيرة الذين يبحثون عن مثل هذه المشروعات.
ويعتبر مشروع السكن المنتج نقطة تتم فيها الاستدامة والتكاثر والديمومة للسكن المنتج، وانتهج فيه الحاج سعيد مبدأ تعليم المستهدفين ليكونوا عائلين لأنفسهم غير معتمدين على الآخرين.
وقال لنا مدير مشروع السكن المنتج هلال علي الثوباني إن المشروع تطبق فيه الخدمات المتكاملة لجعل المجتمع منتجاً ومكتفياً ذاتياً لا ينتظر الغوث والمدد من الآخرين.
*الامانة في الاختيار
400 مدير المشروع هلال الثوباني قال لنا إن المرحلة الأولى من المشروع مسكونة بالمزارعين الفقراء والعمل الآن يتم في المرحلة الثانية والتي تصل إلى مائة وثمانية منازل، وهي جاهزة للتسليم الذي يتم بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية لإحضار الأسر المستهدفة بعد أن تتم عملية التنقيح، وقال إن بعض المتقدمين يبحثون عن سكن دون الاستفادة من الأفدنة والثروة الحيوانية مما يفقد المشروع هدفه الأساسي، وأوضح أن هذه الحالات أدخلت المجموعة في بعض الإشكاليات خاصة وأن مجموعة الحاج سعيد تسعى إلى إخراج الاسر السودانية من خط الفقر، لذا فإن الاختيار الصحيح للمستهدفين هو الذي ينجح المشروع وبالضرورة أن يكون المتقدم مزارعاً حتى يسهم معنا في تحقيق الغايات المنشودة.
*الاستثمار في البشر
إن هدف الحاج سعيد لوتاه الأول هو استثمار البشر وليس استثمار المال حتى يكون الفقير قادراً على العطاء وأيضاً لتخفيف المعاناة عنهم، والمواطن والمقيم، والتاجر والموظف.
وقال هلال إن التجربة الآن تتجه إلى ولايات كسلا وكردفان ونهر النيل، مما يجعل المجموعة تسهم بصورة كبيرة في تخفيف حدة الفقر وتدفع بالاقتصاد السوداني إلى الأمام وتجعل السودان يتفرغ للمشروعات الضخمة الأخرى، وأثنى هلال على التعاون الذي تجده المجموعة ولكنهم يريدون المزيد من الدعم المعنوي والوقوف معهم في إسكان جميع الأسر الفقيرة والمحتاجة حتى يعبر المشروع إلى أهدافه المنشودة، بيد أنه أشار إلى مشكلة توفير الأمن في المشروع، وقال إن مدير الشرطة بالولاية قابلهم قبل أيام معدودة ووعدهم بحل هذه المعضلة. وأوضح الثوباني أن هناك أيدي مخربة تحاول العبث بأمن وممتلكات المشروع دون معرفة الأسباب والدوافع.
فيما أشار هلال إلى الخدمات التي تقدم في مشروع السكن المنتج والتي تتمثل في إنشاء مسجد داخل المشروع ومدارس ومستشفى متكامل به أحدث الأجهزة الطبية، وتم تشغيله بالتنسيق مع إدارة جامعة الجزيرة إلى أن يتم افتتاحه رسمياً خلال الأيام المقبلة.
وأوضح الثوباني أن بداية المشروع واجهته بعض الصعاب التى تم تجاوزها، وأثنى على جهود والي الجزيرة، بيد أنه قال إن عدم التزام المزارعين بالبقاء في المشروع يحتاج إلى توعية من الجميع، مشيرًا إلى فتحهم عدداً من البلاغات في مواجهة المزارعين المخالفين رغم حرص الشركة على عدم القيام بمثل هذه الاجراءات، ولكن لابد من المحافظة على سياسة المجموعة التي تهدف إلى عمل الخير والاستفادة من كافة إمكانياتها من أجل نشر هذه الثقافة.
*السعي للهجرة العكسية
حسناً، إن مشروع السكن المنتج يعتبر فاتحة للكثير من الخير إن وجد الاهتمام والمتابعة من الحكومة الانتقالية فهذا المشروع يعتبر من أهم المشروعات الخيرية التي تسهم في تخفيف حدة الفقر وتزيد من ثقافة الإنتاج والإنتاجية دون أن تدفع حكومة السودان “جنيه واحد”، فجميع الأموال تأتي من رجل الخير والبر الحاج سعيد لوتاه، وتتم بإشراف ابنه الأستاذ ناصر سعيد لوتاه الذي يولي المشروعات في السودان اهتماماً متعاظماً، إلى جانب الأستاذ محمد علي الثوباني مدير أعمال الحاج سعيد لوتاه الذي ظل على تواصل دائم مع الشركة في الخرطوم من أجل تحقيق غايات ورغبات الحاج سعيد والتي تصب جلها في عمل الخير للفقراء والمساكين، وما يؤكد على هذا أن المزارع الذي يسكن في هذه المنازل يجد المتابعة والدعم من المجموعة حتى منتجات مزرعته توفر الشركة لها عربة للتسويق عبر مراكز البيع المخفض للمجموعة وغيرها من مراكز البيع المخفض، مما يجعل جميع مواطني الجزيرة يستفيدون من خيرات هذا المشروع، وقال لنا هلال الثوباني إن لديهم دفاراً لحمل المنتجات ويتم تسويقها عبر مزارع يتم اختياره من بين المزارعين، مشيراً إلى أنهم يريدون تحقيق الهجرة العكسية من المدن إلى الريف عبر هذه المشروعات التي يقف عليها ويرعاها الحاج سعيد لوتاه.
*العودة للسيرة الأولى
المزارع يونس عبد الصادق قال إنه جاء لهذا المشروع قبل ستة أعوام وكان لا يملك شيئاً، والآن وضعه يعتبر ممتازاً، وأشار يونس إلى أن بداياته في المشروع كانت بالمزرعة وبقرة واحدة وماعز، والآن يمتلك تسع بقرات وأربعين رأس مناً الأغنام، مؤكداً أنهم في المشروع لا يستخدمون الكيماويات بل جل الأسمدة طبيعيية مما يجعل منتجاتهم ممتازة، وقدم شكره وتقديره للحاج سعيد لوتاه وقادة الشركة في السودان الذين يتابعون معهم جميع المراحل الزراعية من أجل تغيير حالهم من الفقر إلى الغنى، واتفق المزارع عبد القادر مع يونس مع ما ذهب إليه، وقال إن هذا المشروع إن امتلأ بالمزارعين ستعود الجزيرة إلى سيرتها الأولى، ولن تجد الدولة فقراء فيها. وأوضح عبد القادر أن الأسعار التى تباع بها منتجات المشروع في أسواق مدني لا مثيل لها، مشيراً إلى أنهم يبيعون رطل اللبن بستة عشر جنيهاً، وسعره في السوق خمسة وعشرون جنيهاً، وكذلك الخضروات والبيض وغيرها من المنتجات.
*أعمال خيرية
مدير الورشة الصناعية بالمشروع شمسان محمد علي، قال لنا إن الحاج سعيد رجل فاضل وحكيم وجميع أفكاره تأتي بعد التأمل في القرآن الكريم، ويرى الحاج سعيد أن العالم يمر بثلاث أزمات هي الفقر والمرض والفوضى، لذا يسعى لبناء المجتمع الفاضل عبر مثل هذه المشروعات.
وقال شمسان إن مشروع السكن المنتج تقوم فلسفته على استجلاب الفقير وتوفير السكن له والأرض الزراعية حتى يتحقق المجتمع الآمن وإخرجه من دائرة الفقر عبر الاكتفاء الذاتي وتسويق المنتج لتحقيق مبدأ “نأكل مما نزرع”.
وقال شمسان إن مركز لوتاه التقني حديث جداً، وكل شيء يتم تصنيعه داخلياً، ويستهدف خريجي كلية الهندسة ونفتح لهم الاستيعاب للحد من البطالة، وهو مجاناً ونعطيهم حوافز حسب الاجتهاد، وفي مجال الخدمات العامة لم نقصر في المصلحة العامة وتنمية العنصر البشري للاستثمار في الشباب الذي يعتبر الأساس، لذا نسعى إليه. فيما قال المستشار القانوني للمجموعة عمر عبد الجليل إن إدارتهم تعنى بجميع العقود في كافة المجالات الزراعية والإنتاجية، موضحاً أن المشكلة التي يعانون منها هي المشكلة الأمنية، بيد أنه قال إنهم يثقون في تعاون الشرطة معهم لتذليل هذه الصعاب والقضاء على المشكلة الأمنية. وتقدم عمر بالشكر للإخوة في الإمارات واليمن، وشكر خاص للحاج سعيد لوتاه وابنه ناصر سعيد ومدير أعمال الحاج سعيد، محمد على الثوباني، والمدير المالي للمجموعة رضوان لوقفتهم مع المشروع حتى يخرجوا فقراء السودان من دائرة الفقر إلى الاكتفاء الذاتي.
فيما تعتبر منظمة “إنماء الصداقات” واحدة من أذرع الخير لمجموعة الحاج سعيد لوتاه، وهي منظمة خيرية لديها أعمال خيرية كثيرة، ومن الأعمال الخيرية التي تقوم بها مجموعة الحاج سعيد لوتاه في دبي هناك صندوق الخير، وهو يقوم على كفالة الطلاب من مرحلة الأساس حتى الجامعة، ويقرض المساكين تكاليف التعليم، وهناك مؤسسة الأيتام من جميع بقاع العالم، وهولاء تتكفل مجموعة الحاج سعيد بتربيتهم وتعليمهم حتى المرحلة الجامعية ليستفيد المجتمع منهم بعد ذلك، وإنماء الصدقات هي واحدة من الأذرع الخيرية للحاج سعيد لوتاه والهدف منها إخراج الفقير من حالة التلقي إلى التصدق.
وقال لنا محمد المبارك إن هذه المنظمة وزعت في السودان قرابة الخمسة آلاف رأس من الأغنام لألف وخمسمائة وواحد وأربعين أسرة في سبعين قرية وحيّاً
حيث تستهدف الأسر الفقيرة بمنحها أغناماً مؤمناً عليها. وأشار محمد أن أفضل شركة للتأمين منحتهم سعراً لتأمين الأغنام كانت هي شركة النيلين للتأمين لصاحبها الأمين الشيخ مصطفى الأمين، وتقدم بشكره لهذه الشركة التي تسعى معهم لتخفيف حدة الفقر، ومن المشروعات أيضًا التي تقوم بها هذه المنظمة هو مشروع “الأم المربية” حيث يستهدف هذا المشروع الأطفال من عمر سنتين وتقوم فكرته على تعليم الطفل الرقي والتحضر وآداب الإسلام وغيره من الأشياء الدينية الكثيرة، ويتم منح الأم مائتي جنيه شهرياً من أجل إنجاح هذا المشروع.