ها هو وزير العدل يأتي من بعييييد وبتصريح واحدٍ يكش كل القدامو… ليعلن رفضه لنشر الوثيقة الدستورية ويُعلن انحيازه للوثيقة غير المُوقّعة ذات الـ78 بنداً، بعد أن علم بها من (أصحابه وزملائه) في الحرية والتغيير… والله العظيم قالها هكذا: (أصحابنا وزملائنا في ….)!!
كُنّا على انتظار في أن يحلنا من كل تلك (الشربكة والجغمسة) نشر وزارة العدل (المحترمة) لوثيقة (الترامدول) الدستورية الماسونية..
كُنّا على الانتظار حتى يتسنى لنا أيما فرصة للزعم والصراخ:
(شفناهو.. شفناهو)..
بعد أن نجحت الوثيقة في (التخفي) تدللاً وريبةً.. فصارت أعجوبة من حيث قُدرتها المُمعنة في التواري عن الأنظار وهي ما هي، (قانون القوانين) وحجر الزاوية لكل بناء الفترة الانتقالية.
بين يدي وزير العدل المُستجد وثيقتان دستوريتان… وعليه أن يحرق واحدةً وينشر الأخرى في (الغارزيتة)، فماذا ينتظر؟!.. وكيف سيحل تلك الإشكالية؟!..
نسختان، واحدة مُوقّعة، والأخرى مُعدّلة ولكنها غير مُوقّعة!؟
نسختان، واحدة متّفق عليها، والثانية متّفق عليها أكثر.. بالله دا وزير عدل دا…
(فِيمَ اقْتِحَامُكَ لُجَّ الْبَحْرِ تَرْكَبُهُ
وَأَنْتَ تَكْفِيكَ مِنْهُ مَصَّةُ الْوَشَلِ)
وما الذي يُمكن أن ننتظره منه بعد هذا.. وكيف سيترك له حمدوك ظهره للتفرُّغ للمشاغل التنفيذية لينوب عنه في حماية ظهر الفترة الانتقالية وسد الثغرات القانونية وتمتين القوانين..؟!
قووووم يا عاطل..
بل نوم يا عااااطل.. فلعلّ نومك وعطالتك ما يشفع ارتقاءك وتسنمك زمام الفعل في بلدٍ يسبق فيها الأعرج ويسود فيها اللا منطق.
وخليكم من قصة دستور وقانون، وننزل أدنى من كل ذلك.. فلو أنّ أيِّ اتفاق منجز بين أيِّ اثنين في سوق (ستة) أو (أم دفسو) أو (غرزة ابسينا) فأيِّ نسخة من الاتفاق ستعمل بها الأطراف وأيهما ستعتمدها الجهات والمُؤسّسات والمحاكم؟!..
إنت تاجر وقدموا ليك شيكين، واحد مُوقّع والتاني بلا توقيع، أيُّهما ستختار لضمان حقك..؟!
زمااان أيام المدرسة، كيف كانوا يعتمدون الكراسات المُصحّحة والمُوقّعة أم (إنت وذوقك) و(ما بيناتنا)..
نُسختان أمام وزير العدل، واحدة مُوقّعة والأخرى غير مُوقّعة يا متعلمين وفاهمين.. يا (بتُوع المدارس)، فمتى سيُقرِّر وأيهما يَختار؟!.. أينتظر الوحي والإلهام السماوي أم (أصحابه وزملاءه)..؟!
كيف يُمكنك نسبة ورقة أو مستند أو اتفاقية غير مُوقّعة إلى شخصٍ أو جهةٍ ما، إلا أن تكون (حاوياً) ومُتبصِّراً من ذوي القدرات فوق الطبيعية، أما بالقانون وفقه القانون فلن تتسنى لك أية فرصة، لا تقول لي (هارفرد) لا(جورجتاون)..
وحاولت أن أرى للسيد الوزير مُخَطّطاً مَا، يعفيه من تبعات تلك التصريحات الخطيرة فلم أجد..
إلى أيِّ مزبلة سنحيل كل هؤلاء الشهود الذين حضروا وباركوا الوثيقة.. كل تلك الفرحة والليالي المُلاح أين ستمضي.. وحنقول شنو لي (أبله ظاظا) وسلفا كير وآبي أحمد وود لباد..؟!
الأفضل (ناكلها باللباد).. ولنتراجع من هذه المواجهات عاجزة المنطق، عديمة الفائدة، والتي من الواضح أنّ الذي يُغذِّيها وأبطالها الحقيقيين مُشجِّعون من الدرجة العاشرة في أقصى جنبات (المسطبة العجيبة).. لقد هتكنا تلك الوثيقة قبل أن تدخل علينا لتحل المشاكل والأزمات.. صيرناها أزمة، و(مسخناها) جرجرة ومطاولات.. حتى تسفلنا إلى ذلك القاع الذي جعلها وكأنّها اتّفاقٌ بين تُجّار (الصنف)… يكفي هذا.. لمصلحة مُستقبل القانون والحجية..
ولمصلحة الحرية والتغيير أنفسهم.. فكل هذا الجدل المُتعاظم لا يلبث أن يبقى تاريخاً لا ينمحي، تحفظه الأجيال وستحاكمه بذكاءٍ وحصافةٍ وحزمٍ دُون تشويهٍ ومواكب..
ولا أجد إلا كلمات الصديق البروف شهاب سليمان والمعروف عنه مُساندته لثورة ديسمبر حيث يقول: (الملف القانوني لقحت شكل الحلقة الأضعف رغم أنه عظمها وأساسها.. حيث استعانت بأشخاصٍ لا أتردّد في وصف خبرتهم الدستورية بالضحلة، وتركت عن عمدٍ فطاحلة القانون الدستوري أمثال الدكتور علي سليمان وأستاذ سنهوري والدكتور يس عمر وغيرهم من الأفذاذ، لذلك حصدنا هذا التخبُّط والضياع).
رحم الله الكفاءات في بلادي ويحيى بن خالد حين قال:
(ما رأيت رجلاً إلا هبته حتى يتكلم).