** (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا منقلبون اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم هوّن علينا وعثاء السفر وكآبة المنظر في المال والأهل والولد ولا تجعل لنا فيه نصباً، اللهم أجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين).. وبعد العودة (آيبون عابدون إلى ربنا حامدون).
** كانت هذه إحدى الصيغ المأثورة لدعاء السفر التي كان يدعو بها رسولنا الكريم وأصبحت الآن نداء في كل رحلات السفر، ومؤكد أن من يدعو بها تأسياً بالرسول الكريم، فإن له الأجر والثواب وكذلك يذهب الكثير من الأجر والثواب لمن استنها وابتدعها فصار أجرها له ولمن عمل بها إلى يوم القيامة .
** هنيئًا لأخينا الأكبر، عبدك المطيع يا الله، شيخ الدين محمد عبد الله الطيب الفكي الباسعيد، وقد أتاك ربنا وقد سبقته أعماله وسيرته الحسنة إليك من أعماله في الدنيا والتي انقطعت برحيله إليك قبل يومين، ولكن ويا للعظمة فإن ما قدمه لن ينقطع وتتواصل العطايا في ميزانه إلى يوم القيامة، امتثالاً لقرارك سبحانك وتعالى بأن عمل المؤمن الحق لا ينقطع إن كان صدقة جارية ونشهد وتشهد شركات الطيران أن دعاء السفر هو الصدقة الجارية لعبدك الكابتن شيخ الدين .
** للكابتن شيخ الدين العديد من الأعمال الصالحة على شاكلة إحياء سنة دعاء السفر في الطائرات، وهي أعمال لم يتحدث بها كما تحدث بها من شيعوه بمقابر بري، ومن تحدثوا عن مناقبه وأخلاقه عند رفع سرادق العزاء، ونحن أهله وأقرباؤه نعلم الكثير ونسأل الله أن يجازيه بالجنة التي عمل لها.
** كان الكابتن شيخ الدين متميزاً بين أقرانه في كل شيء، تميز في دراسته، وكان أول الشهادة السودانية، وكان من أوائل المقبولين بجامعة الخرطوم في الخمسينات بكلية الهندسة، ولكنه هرب بأوراقه للالتحاق بالطيران ولم يخجل أو يتردد في الإجابة أمام لجنة المعاينة من الخواجات بأنه يرغب الطيران لأسباب مادية بحتة ليرفع من قدر أسرته ويسهم في تربية دستة من إخوانه وأخواته حتى في سؤال عن الطائرة أجاب أنه لا يعرف عنها شيئاً ولم يرتادها فكان قرار اللجنة قبوله أول دفعة المتقدمين الستة.
** اجتهد كطيار مبتدئ واختصر فترة التدريب العملي للنصف، وفي رحلة الامتحان الأخير سقطت بهما الطائرة مع مدربه الخواجة الذي قذف بنفسه ومات، أما هو فقد تمسك بالمقود وتجاوز بالطائرة حركة المرور وبص الجريف كما شهد الناس لترتطم بأحد المباني بالعمارات قرب مقابر فاروق وتتناثر وشفي بعد أسابع في عمر جديد لخمسين سنة تنتظره في الأعمال الخالدة الباقية التي يتحدث بها الناس الآن.
** برع في عمله وتسلق سلم المجد قائداً لأحدث الطائرات ورئيساً لاتحاد الطيارين الدولي، ولم يغادر مقود الطائرة حتى وهو مدير لسودانير ورئيساً لمجلس إدارتها، وأذكر مرة كان في جدة لمهمة رسمية مع الخطوط السعودية، وكنا في استقباله مع مدير الخطوط السعودية الكابتن أحمد مطر، وتأخر نزوله مع الركاب لأنه كان قائد الرحلة، وكان هذا موضع إشادة وإعجاب مستقبليه.
** في العمل العام كان الكابتن شيخ الدين مؤسساً لرابطة أبناء منطقتنا ديم القراي وتولى رئاستها إلى ما قبل مرضه الأخير، وأنجز الكثير لأهله وليتهم يكملون ذلك بتشييد الدار الممنوحة لهم مؤخراً بجهد كبير منه في التصديق بها.
** لم يكن كابتن شيخ الدين إلا واحداً ممن صعدوا لأعلى قمة الرياضة في بلادنا رئيساً للجنة الأولمبية السودانية ورئيساً للاتحاد العام لألعاب القوى ومن خلاله كانت الانتصارات والميداليات الأخيرة ولم يكن شيخ الدين متزمتاً فقد كان يعشق الحياة الكريمة، ويحب الرياضة والفن ويطرب لعثمان حسين ووردي وكابلي وأغاني الحماسة، ويترنم بالوكر المهجور ونور العين وكسلا كابلي وتوفيق صالح جبريل.
** إلهنا، هذا عبدك شيخ الدين أتاك مستعداً لهذا اللقاء وأحسن المرض الأخير كفارته وسلامته وكان صبوراً مع المرض يواسي زواره أكثر مما يواسونه، فأكرم اللهم نزله وأحسن عزاء أسرته الصغيرة والكبيرة و(إنا لله وإنا إليه راحعون).
**نقطة نقطة ***
** في أسبوع الأحزان فقد السودان أحد رموزه وشيوخه وفنانه المتكامل الفنان صالح الجيلي محمد أبوقرون (صلاح ابن البادية) وبكاه الجميع وبكته الطرق الصوفية وتكايا الحفظة والمحرومين وترك خلفه رصيداً هائلاً من الأعمال الفنية والإنسانية وهنيئا له بما ترك.
** ظهر أول أمس الخميس أحسست لأول مرة بثورة الشباب وشممت رائحة العدالة ومتابعة الفساد والفاسدين وألف تحية لنيابة المال العام التي استدعتني للسؤال عما يسمى قناة النيلين الرياضية والتي بح صوتي من الإشارة لما لحقها من فساد، وكنت الوحيد الذي كتب وتقدم للقضاء الذي أنصفني على المستوى الشخصي، ولكن لم يجد المال العام من ينصفه حتى كانت مفاجأة الأسبوع الماضي لأرى أن الملف لم يغلق، وأن الحساب آت رغم أنني لم أجد من يساندني ظناً منهم أن هذه القناة التي توليت تأسيسها وتسميتها وإطلاقها أرضية في ٢٠٠٧م وفضائية في ٢٠١٢م، ولكن لم أجد من يذكرني بخير بل منهم من مسح كل بصماتي في القناة بعد أن وقع في ثالوث الغيرة التي تتحول إلى حسد والذي يتحول إلى حقد والعياذ بالله ولكن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة والحمد لله.
** لابد من تحية وتقدير لقناة النيل الأزرق وقائدها الجنرال حسن فضل المولى والقائمين على أمرها فقد كانت القناة الوحيدة التي وثقت وتابعت المراحل الأخيرة من ساعات الراحل صلاح ابن البادية وتابعت كاميراتها واستوديوهاتها العزاء والتشييع ومراسم الدفن واستحقت الاحترام.
** كنت أود أن أختم بالتعليق على حالنا الرياضي وحالنا السياسي، ولكن في الرياضة الضرب على الميت حرام وقد نؤجل أمر السياسة للأسبوع القادم، فلعل أن يعيد الأخ الدكتور حمدوك النظر في قائمة وزرائه وهم امرأتان وشاب وضح أنهما ليسا في مستوى الآخرين والثورة وحمدوك والمستقبل المنتظر.