استمعت إلى الأخ الصديق محمد عصمت القيادي المنشق عن الحزب الاتحادي الديمقراطي في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي يقول فيه إن الأموال التي نهبها الكيزان من مال الشعب السوداني وتم وضعها في البنوك الماليزية ٦٤ مليار دولار أمريكي وهذا الرقم يسدد كل ديوان السودان منذ الاستقلال وحتى الآن ويوفر ما يزيد عن حاجة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك البالغة ٨ مليارات دولار .
طبعاً محمد عصمت اكتفى فقط بالأموال الموجودة في البنوك الماليزية ولم يطف علي الصين وسويسرا وسنغافورة وتركيا ومصر ودبي والولايات المتحدة الأمريكية.
إذا افترضنا جدلاً صحة الرقم المبذول في الميديا دون تعب فكيف استطاع محمد عصمت الوصول لهذا الرقم؟ وكيف استطاعت حكومة حمدوك إقناع ماليزيا بكشف حسابات العملاء للسيد محمد عصمت وتعريض سمعتها للخطر فقط لأنها ستكسب من الخطوة أكثر من خسارة سمعتها التي لا تعني شيئاً (ما دام كسبت إلى جانبها حكومة السودان).
لم يسأل محمد عصمت نفسه عن السوابق التاريخية لمثل هذه الحالات وكيف تصرفت الدول في ودائع الأفراد من الدول الفقيرة التي سقطت حكوماتها.
طبعاً الأخ محمد عصمت لم يذكر لنا مثال دولة نييجريا عند انتخاب الجنرال محمد بهاري العام الماضي وكيف وضعت تشريعات لمكافحة الفساد باعتباره سرطاناً ينخر في عظم الشعوب مثل الغش والتدليس الذي يمارسه بعض الساسة وتغبيش وعي الناس ومخاطبة عواطفهم.
قبل أسبوع كنت أقف في صف الرغيف بالحارة ٧٤ في محاولة للحصول علي رغيفات فقال أحدهم أنه دخل ضمن الثوار منزل د. عوض أحمد الجاز وهاله ما وجد في المنزل الذي شيدت شبابيكه من الصندل الأصلي قلت للرجل الخمسيني ربما تشابهت عليك البيوت هذا منزل قارون وليس عوض الجاز.
لقد اصبح الكذب في بلادنا مباحاً وعندما يصعد السياسيون المنابر يتحدثون بما يطلبه الجمهور،
ايام سقوط النظام قال أحدهم إنهم كمغتربين في الغرب وحده رصدوا مبلغ ٧٠ مليار دولار أمريكي لدعم الاقتصاد الوطني، ومجرد تشكيل الحكومة المدنية سيجد وزير المالية هذه المليارات تحت تصرفه لبناء السودان الجديد، الآن تم تشكيل الحكومة المدنية، ولم تصل من هذا المغترب عشرة دولارات لبناء الوطن بل انطلقت حملة خجولة للتبرعات الدولارية دون ضوابط لاستقطاب الدعم من المغتربين وهي حملة أشبه بدعم الحراك الجماهيري لإسقاط النظام، وقد أثرى البعض أيما ثراء منها دع مبلغ الـ١٧٩ مليون جنيه استرليني التي دفعتها بريطانيا لتمويل التغيير في السودان والتي ذهبت لجيوب القطط الفاسدة.
لا ينغي لسياسي مثل محمد عصمت له خبرة طويلة في الجهاز المصرفي إطلاق القول دون الالتفات لمهنته كمصرفي يعلم القوانين الدولية المنظمة لهذا القطاع الهام.