هناك بعضٌ من الناس لم يثوروا.. لم يُشاركوا في ثورة ديسمبر المجيدة.. ولم يخرجوا في مسيرات النظام المُناصرة.. كما ولأنّ الثورة ليست جسداً فيزيائياً مُحدّد الشكل والهيئة أو معنىً مدركاً جامعاً مانعاً منفياً عن الجهالة، ولتعدد الخيالات والصور الذهنية عند الناس عن الثورة والثُّوّار (الشرفاء) (الأحرار)، فإنّ بعضاً آخر من الناس لم ترق له.. وبعضهم أباها – ساي كده – عادات وتقاليد.
أها الناس ديل مصيرهم شنوووو؟!..
احتكار الوعي – المفهومية آفة كل منبت وهي خطيئة إبليس التي سبقت خطيئة آدم.
والعجيب أنّ تلك الافة احدي مبررات قيام ثورة ديسمبر المجيدة من حيث الرغبة الجمعية في كسر احتكارية السلطة واجالة المسئوليات والمهام.
(لقد وقعنا في الفخ).. واتّبعنا سنن من كان قبلنا.. تمكيناً بتمكينٍ وتطهيراً بتطهيرٍ و(هارون) بـ(صغيرون).
(أمسح.. أكسح).. وزادت عليها ببصمة أنثوية: (أكنس).
تلك العبارة التي أودت بأحمد هارون إلى المحكمة الجنائية الدولية، ها هي تعود إلى لسان (المُنزعجة) من كون المذاهب أربعة والجامعات التابعة للدولة 39 جامعة!!
حذتِ حقا وأنت ابنة صغيرون أن تنزعجي من (المذاهب الأربعة) وترسلي بذلك إعلاناً مُوثّقاً للكافة .. ونحو ذلك حينما انفتح الباب (للفيمانيزم والكفران) فلماذا تغلقونه عَلى مَن يَرَى أنّ في أثوابكم ثمة عرى وثقوباً.. حتي وان آثر الصمت؟!..
(الحُرية لنا ولِسِوَانا الحجر).
ثمة مدرستين لـ(الحلومر) في هذه الحكومة.. منقسمتين على نحو من الجندرة.. فرجال الحكومة بحسب ما رُشح هم من دعاة (القانون يأخذ مجراه).. أما النساء فخاتنها قَرض و(بس طلِّقني)..!
ولأجل مثل تلك المواقف جعل الله الطلاق في يد الرجل.
المدرستان مُتّفقتان عَلَى ضَرورة التّطهير، لَكِن ثَمة اختلافات في مكان وضع المشرط وزمانه والاحتياطات اللازمة والإجراءات لفتح غُرفة العمليات.
وبينهما يقف وحيداً دكتور حمدوك وهو يعي ويعرف مردداً (ولا يجرمنكم شنآن قوم ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).
تقية فيصل ود. أكرم واضحة من حيث أنهما (يتملمظان) لتلك الأكباد، لكنهما يرعيان ألا يصلا إلى:
(كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذِمة).
يفهمون معنى (ولو دامت لغيرك لما آلت إليك).. وان الدنيا ضل ضحى.. وما حمدوك إلا كراكب استظل على انتقالية للسلطة ثم قام فتركها.
أتركوا بصمتكم التي تبذر في الأرض بذور الذكريات وتعدو بها المواكب المستحقة والركبان القاصدة، ولا تترسموا حالقة (نافع) ولحس الكوع.. والزارعنا غير الله الليجي يقلعنا.
في (سوبا) رغم أن الموت فيها والخراب كان ذكورياً خالصاً جناية وضحية، إلا أن الناس ومنذ (تشليعها) وحتى اليوم ما زالوا يقولون:
(عجوبة الخربت سوبا)
ففعل التحريض جريمة منفصلة ومستقلة بذاتها وأشد خطراً وتأثيراً، خاصة إذا كان فعل التحريض مُعلناً على رؤوس الأشهاد والحاضر يَكلِّم الغائب.. جريمة الاضطهاد لأسبابٍ سياسية جريمة تُعاقب عليها القوانين الوطنية والمواثيق الدولية.
دوّرت (الكراكات) التي في الجامعات الحكومية بإقالة مديري الجامعات ونوابهم، ومن ثم العمداء في أكبر مجزرة تشهدها البلاد المُستشرفة لدولة الحرية والسلام والعدالة.. وما ردة فعل الاستقالات الجماعية الاخيرة، الا مُحاولة لحفظ ما تبقي من ماء وجه لاساتذة الجامعات الاجلاء بعد الاهانة العلنية من د. انتصار صغيرون لإثبات صحة نسبها للثورة ورداً علي الحملة التي وصفتها بـ(الكوزة)، لتحاول ان تضيف لرصيدها (الكولومبي) نقاطاً مُضاعفة، بينما تضع علمها وتاريخ أسرتها ومُستقبل أولادها على المحك.
لقد ارتقت مُرتقىً صَعباً، وفتحت على عجزها الماثل نيران جهنم حين ارتضت وهي الوزيرة لكل الشعب أن تمضي بدولاب الدولة إلى أجندة مُسيّسة وضمير منحاز.
انحياز د. انتصار للجروح الجسدية والنفسية والمعنوية التي مازالت تُعاني منها منذ الاعتصام لن يخدم أحداً سوى انقلاب الحزب الشيوعي السوداني باسم الثورة وللحفاظ على مكتسباتها، وحينها فقط ستجد مارشالاً عسكرياً يسلف روحها القدرة ويناولها الإرادة، وستُمحى من روحها القيادة و(إلى أبد الآبدين).