تابعت كغيري من السودانيين الظهور الباهت للسيدة أسماء محمد عبد الله وزيرة الخارجية خلال الفترة القصيرة جداً التي تولت فيها أعباء أهم حقيبة وزارية في الحكومة الانتقالية، ومنذ اليوم الأول ظهرت الوزيرة أمام عدسات الكاميرات مرتبكة تخرج الكلمات من شفتها بعسر شديد وهي تنظر للصحافيين ببرود، وفي اول حديث لها قالت إن التطبيع مع إسرائيل لا يمثل أولوية في الوقت الراهن وبالتالي ركبت الوزيرة مع وزير الشؤون الدينية والأوقاف الأنصاري المفرح في سرج واحد مما اضطر حليفها السياسي محمد وداعة كتابة مقالة كشف من خلاله أن حزب البعث العربي الاشتراكي لا يزال على مبادئه القديمة ويرفض مد يده لدولة الكيان الصهيونى ووضع وزيرته في ركن قصي ووداعة شريك أساسي في “قحت”.
تابعت عن قرب أداء الوزيرة أسماء في مدينة جوبا وهي تقرأ البيان المشترك لمباحثات الرئيسين كير وحمدوك، وأخطات الوزيرة في القراءة ثلاث مرات وتلعثمت ورفضت تقديم شروحات لبعض ما استعصى على الصحافيين فهم دلالاته فوجدت الوزيرة أويت دينق نفسها مرغمة على توضيح غير الواضحات من الكلمات الواردة في البيان وأثناء انتظار وزراء خارجية الدول الثلاث انفضاض اجتماع لحمدوك مع المعارضة الجنوبية، ومن ثم يلتقي بوزير الخارجية اليوغندي جلس الوزراء الثلاثة أسماء محمد عبد الله وأويت دينق وجوزيف مالونق وزير خارجية يوغندا في صالة بفندق كروان وكنت قريباً من حديث الوزيرين وانشغال وزيرة خارجية السودان بهاتفها النقال (موستبه ) أو (مفسبكة) لم يفتح الله عليها بكلمة مجاملة للوزير اليوغندي بابتسامته الساحرة وانفتاحه على الإعلام وهو يجيب على أسئلة الصحافة بثقة في النفس ويستخدم لغة الجسد في توصيل رسالته والتعبير عن نفسه بينما السيدة أسماء تبدو في حالة دهشة وهي شاردة الذهن تحيط نفسها بغموض لا يليق بوزير خارجية بلد ينظر إليه الأفارقة بعين التقدير وينظر إليه العرب بعين الغيرة.
بالأمس نشر إعلام القصر صورة لاجتماع الفريق البرهان وضيف البلاد الكبير الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، ومرة أخرى أطلت الوزيرة أمام الرئيسين وهي تتصفح كتابها وتقرأ رسائل “واستابها” من غير احترام للمقام ولا رؤساء الدولتين، ولأن الفريق البرهان رجل صبور لم يوجه بإعفاء هذه الوزيرة حتى الآن وهنا فقط أطلت في المخيلة صورة الرئيس الأسبق جعفر نميري الذي لو رفع وزير هاتفاً أمامه لبلغ الوزير قرار إعفائه قبل الوصول لبيته.
في الأسبوع الماضي طالبت في هذه الزاوية بمنح وزراء حكومة حمدوك فرصة وعدم التسرع في الحكم عليهم وتحديداً قلت وزيرة الخارجية ربما تم اختيارها لقدراتها الخاصة وأن الأيام وحدها ستكشف معدنها لكن الحقيقة التي تبدت لي في أسبوع، هذه الوزيرة تجلس (في مكانا ما هو مكانها)، وتتولى مهمة أكبر من قدراتها المحدودة جداً وحتي مظهرها لا يليق بوزيرة في دولة قاد دبلوماسيتها الراحل مبارك زروق ومحمد أحمد المحجوب ومنصور خالد وإبراهيم طه أيوب ومصطفى عثمان ولام أكول والدرديري محمد أحمد وإبراهيم غندور وأحمد خير المحامي والشريف زين العابدين الهندي.
قوى الحرية والتغيير تملك خيارات أفضل أداءً من السيدة أسماء التي ابتعدت عن الخارجية وهي موظفة صغيرة فكيف تعود إليها وهي فوق السبعين من العمر ولم يعرف لها نشاط سياسي ولا علاقات مجتمعية، فمن جيء بهذه المرأة وظلم “قحت” وظلم السودان وظلم أسماء محمد عبد الله نفسها.
لو عينت “قحت” مريم الصادق المهدي أو بت سنهوري التي أبعدوها من وزارة العدل أو حتى عين عمر قمر الدين أو عمر الدقير أو العودة للسفير إبراهيم طه أيوب كان أفضل وأصلح من هذه المرأة التي يمكن الاستفادة منها في أي موقع غير الخارجية التي تحتاج لوزير له حضور ذهني ومثقف وقادر على تمثيلنا كسودانيبن لا التمثيل بنا؟ فهل تسمعني سيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك؟؟