*تتملّكني قناعة بأنّ ما وصل إليه الأندية السودانية (الهلال – المريخ – الأهلي شندي – الخرطوم الوطني) خلال المُوسم الأفريقي والعربي لهذا العام هو الحَد الأعلى لأنديتنا كَروياً ولن يتجاوزوه، لا في المُوسم القَادم ولا المَواسم القادمة إذا مَضَت أنديتنا في ذات النهج الكروي والإداري التّخبُّطي الذي يَمضون فيه الآن.
*أقول ذلك رغم كوة الأمل التي فتحها لنا الهلال بتقدُّمه خَطوات جيِّدة في البطولة الأفريقية للأبطال والذي سَيُواجه فيها عصر اليوم (أنيمبا النيجيري) في دور الـ(32) في ذهاب البطولة.
* ليس تَشاؤماً ولا انتقاصاً من قَدر فرقنا الكروية أو تثبيط همّتهم لكنها العقلية السودانية التي تأبى تَجَاوُز دور الأربعة في هذه البطولة منذ العام 1992م، وهي آخر سنة وصل فيها الهلال للنهائي الأفريقي أمام الوداود المغربي والتي حاز عليها النادي المَغربي بَعد تَغلُّبه على الهلال بهدفين في الذهاب بالعاصمة الرباط وتعادله سلبياً في الخرطوم.
*منذ ذاك التاريخ والكرة السودانية تُعاني عِلَلاً عديدة تسبّبت في تأخُّرها وغيابها عن منصات التتويج الأفريقية الكبرى، ففي الآونة الأخيرة أصابها شيءٌ من التردي في النتائج على مُستوى الأندية والفرق القومية، وأصبحنا نخرج من جميع البطولات التي نمثل فيها باسم السودان.
* وآفات كرة القدم والرياضة عندنا في السودان عديدة يتقدّمها التّخبُّط الإداري والفني منذ انتهاء الزمن الجميل للرياضة، فكرة القدم تحتاج لمن يُديرها سواء في الحال الإداري أو الفني، كرة القدم تتطوّر من مراحل سنية مُتدرِّجة من مراحل الأساس والثانوي والجامعة، بجانب الاهتمام بالناشئين في الأندية والفرق القومية، براعم وناشئين وأشبالاً وشباباً، وكرة القدم لا تقبل المُجاملة في الاختيار.
* فالآفة الأولى هي إدارات الأندية التي في اعتقادي تمثل ضلعاً أساسياً ورئيسياً في هذا التّدهور، حيث نجد أنّ إدارات الأندية تَجهل تماماً العمل الإداري، ناهيك عن العَمل الرياضي، فهم مُعظمهم تجار ورجال أعمال ويتدخّلون في العمل الفني بصُورةٍ مُباشرةٍ، فلا يُعقل أن يكون النادي قد تأهّل للأدوار النهائية وهم يبحثون عن لاعب ضعيف مهارياً وفنياً ويدفعون فيه ما يُقارب “الاثنين مليار” مِمّا يحد ويُؤثِّر ذلك في نفسيات بقية اللاعبين المحليين، والغريب في الأمر أنّ هذا الخطأ يتكرّر كل عَامٍ ويتراكم عدد اللاعبين المَعطوبين في النادي.
*الآفة الثانية تكمن في مجال التدريب، فليس هنالك تَخطيطٌ فنيٌّ للمُوسم بداياته ونهاياته – وأيضاً المُعسكرات – حيث، أنّ هنالك فريقاً يُعسكر في القاهرة – ومنه 6 لاعبين في الإمارات يتلقّون العلاج و3 مُحترفين في إجازة بدولهم ورئيس النادي يبحث عن لاعبٍ كبيرٍ – بالمليارات فكيف يكون المعسكر والإعداد إذن..؟
*الآفة الثالثة هي الإعلام الرياضي الذي له دَورٌ أيضاً وخَاصّةً المَقروء – فالتطبيل للإدارات أو إظهار اللاعبين كأنّهم نُمُورٌ وهم في الحقيقة هم كذلك، لكنهم من ورقٍ، أو يتحدّث عن لاعبين بصُورة سالبة تجعلهم يتأثّرون بذلك سلبياً، فأصحاب الصحف يُريدون إرضاء الإدارات ومن أجل رفع قوة شراء الصحيفة.
* الآفة الرابعة هي اللاعب نفسه، فاللاعب السوداني وكما تقول الشواهد بَعيدٌ كل البُعد عن مفهوم الاحترافية الكروية، يُساعده على ذلك ضعف ثقافته الاحترافية وضعف بنيته الجسمانية.
* الآفة الخامسة هي الجمهور الرياضي المُتعَصِّب الذي يتم شحنه، فنجد كثيراً من الجماهير يسيئون للفريق الآخر بكلماتٍ وعباراتٍ جارحةٍ من شاكلة (دلاقين) و(زناطير) وغيرها من العبارات التي يَعف اللسان عن ذكرها.
* الواقع يقول إنّ سياسة المُجاملات والتّرضيات و(شيلني وأشيلك) وغيرها لن تعيدنا إلى مَنَصّات التتويج الأفريقية.