السياسات والتهريب والأجانب وراء تراجع حصائل الصادر
الخرطوم: جمعة عبد الله
تشير أرقام رسمية لحصول البنك المركزي على أقل من 10% من حصائل الصادر في العام الماضي، رغم عمل أكثر من 400 شركة واسم عمل في قطاع الصادرات، وإقرار سياسات سابقة لتحفيز المصدرين، إلا أن جملة البالغ الموردة من حصائل في العام المنقضي كانت 1.2 مليار دولار، فيما لم تتجاوز حصائل الربع الأول من العام 2019 مبلغ 430 مليون دولار بحسب ما أفصح عنه مصدر مسؤول بالوكالة الوطنية لتأمين الصادرات. ويعطي هذا الرقم الضئيل لمحة عن حجم التلاعب في حصائل الصادر، خاصة عند مقارنته بحصائل صادر 2017 على سبيل المثال التي تجاوزت مبلغ 3 مليارات دولار ووقتها كان سعر الدولار 19 جنيهاً.
وأدت سياسات حكومية طبقت خلال السنوات القليلة الماضية لتدني عوائد البلاد من الصادر بسبب تنامي تهريب المنتجات المحلية وتصديرها بطرق غير رسمية مما يفقد البلاد حصائل مقدرة، خاصة في قطاع الذهب الذي تشير الوقائع لتهريب أكثر من 70% من إنتاجه بعوائد تصل إلى 6 مليارات دولار سنوياً، كما عانت المنتجات الزراعية من مشكلات عديدة كبدت الصادر خسائر فادحة تمثلت في فوضى الأسواق بمناطق الإنتاج وتفشي المضاربات وتنامي الفساد ودخول أجانب في مجال الصادر وتمكنهم من العمل عبر استخراج سجل وإكمال الإجراءات وفقاً لتسهيلات من الجهات ذات الاختصاص، المضاربات وتنافسية الصادرات السودانية التي تعتمد على السعر والمنافسة، وشكاوى من دخول شركات حكومية تضعف المنافسة.
وكان البنك المركزي قد حظر في يوليو الماضي 124 شركة واسم عمل حظراً مصرفياً شاملًا على خلفية تراكم حصائل صادر فشلت في توريدها رغم إعطاء عدد من الشركات مهلة كافية وبعضها تجاوزت مهلتها أكثر من عام ونصف العام دون استرداد الأموال.
وبحسب آخر خطاب صدر عن المركزي فقد تم رفع الحظر عن 6 شركات ما يعني ضمنًا ـن هناك 118 شركة واسم عمل ما تزال محظورة بسبب وجود متأخرات عليها عبارة عن حصائل صادر، وستكون المرحلة المقبلة تحدياً لبنك السودان المركزي لضبط عوائد حصائل الصادر وضمان توريدها من قبل المصدرين، واتخاذ إجراءات رادعة في مواجهة الشركات التي تتقاعس عن توريد حصائل صادراتها.
ودعا مختصون لفرض رقابة صارمة على سوق الصادر وتمحيص سجلات الشركات والأفراد العاملين في التصدير دون تأهيل كافٍ، وقصر التعامل في الصادر على الأجسام الرسمية الممثلة للمصدرين من الغرفة القومية أو شعب المصدرين المختلفة بكل قطاع مع عدم السماح بالتصدير دون استيفاء كامل الشروط الموضوعة للصادر.
وثارت خلال الفترة الماضية شكاوى عديدة من المصدرين بظهور أجانب وسيطرة بعضهم على سوق الصادر بطرق غير رسمية، عبر شراء سجلات المصدرين “فورم أي إم”، مشيرين لانتشار ظاهرة الوراقين وبيع السجلات مما أسهم في تنامي التهرب من جلب عوائد الصادر نظراً لتصديرهم بطرق غير رسمية وعدم معرفة السلطات عناوينهم وعدم وجود سجلات لهم بغرفة المصدرين.
وقال عضو الغرفة القومية للمستوردين، قاسم الصديق، إن ضبط حصائل الصادر يتم أولًا عبر ضبط السوق المحلي وتنقيحه من الأجانب ومخالفي القوانين، مشيراً لخروج بعض الصادرات من البلاد عبر أجانب دون أن تجني البلاد جنيهاً واحداً، وقال إن غابات الطلح في النيل الأزرق تتعرض لتدمير ممنهج بتصدير الفحم عبر أجانب لا يدفعون شيئاً للبلاد فضلاً عن تدمير الغطاء الغابي، وحذر من خطورة انتشار ظاهرة الأجانب في الصادر ودعا لحظرهم من التجارة بالبلاد.
وقال الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي: من الاولويات التي ينبغي الاهتمام بها الحرص على أن تعود حصائل الصادر للبلاد بإغلاق منافذ التهريب بكل أنواعه وعلى رأسها الذهب الذي تقدر حصائله بـ 8 مليارات دولار يهرب منها ما يقارب 7 مليارات دولار، وقال إنه مبلغ كاف لسد العجز في ميزان المدفوعات، مشيراً إلى أن المبلغ يمكن البنك المركزي من خفض ارتفاع أسعار الدولار إلى 10 جنيهات.
وقال الرمادي لـ “الصيحة”، إن التهريب هو السبب في تراجع حصائل الصادر مما انعكس بصورة سلبية على الوضع الواقع الاقتصادي في البلاد المتمثل في ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن صادرات الصمغ العربي تواجه العديد من المشاكل التي أثرت على إنتاجه بالبلاد مثل وجود بورصة للصمغ في إثيوبيا وليس بها شجرة صمغ واحدة، وفتح باب الاستيراد بدون قيمة تتم عبر مضاربين في الدولار والتي كان يمكن أن تتم عبر الأجهزة الرسمية مثل تحويلات المغتربين التي تتم عبر مكاتب في دول المهجر والاستيلاء على الأموال الخارجية التي تقدر بـ 4 مليارات سنوياً والتي كان يمكن أن تكون ضمن حصائل الصادر التي تدخل بنك السودان.