إن النقاب بات مظهراً حاضراً في مجتمعنا في الأسواق وفي الشوارع ترى المنتقبات والحمد لله، في المدن والقرى وفي المدارس والجامعات، وفي الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة، تلبسه الطالبات والأستاذات والطبيبات والممرضات وكبار السن والفتيات، وسائر شرائح المجتمع، والإقبال على لبسه يزداد كل يوم، ويطيب لي أن أهدي قراء وقارئات عمود (الحق الواضح) هذه النصوص المباركة، مع تعليقات يسيرة عليها، والحق ضالة المؤمن، فأقول :
*عن أم المؤمنين عائشة قالت : كان الركبان – تعني الحجاج – يمرون بنا ونحن مع رسول الله صــــلى الله عليه وسلم، محرمات فإذا حاذَوا بنا سَدَلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه . رواه أحمد، وأبو داود وصححه الألباني في تخريج المشكاة، فهذا بيان من عائشة رضي الله عنها لحال الصحابيات المحرمات، أنهن إذا مر بهن الرجال غطين وجوههن .. مع أن المرأة ممنوعة من تغطية وجهها وهي محرمة.. إذن لماذا يغطين وهن محرمات ؟!! لأنهن يعلمن أن تغطية الوجه أمام الرجال الأجانب أهم وأوجب .
*قوله صــــلى الله عليه وسلم : ” لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ” ( رواه البخاري ) فمنع صــــلى الله عليه وسلم المرأة إذا أحرمت من أن تلبس ما جرت عادتها بلبسه في غير الإحرام كما منع الرجل عن لبس القميص والعمامة لأنه يلبسهما في غير الإحرام فدل ذلك أن عادة النساء في عهده صــــلى الله عليه وسلم كن ينتقبن – أي يسترن وجوههن ولا يخرجن إلا العينين –
*عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام.. رواه ابن خزيمة، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي.
*لما خرجت عائشة رضى الله عنها مع رسول الله في غزوة بني المصطلق، وفي طريق عودتهم إلى المدينة ذهبت عائشة لتقضي حاجتها فتأخرت ، فلما رجعت فإذا الجيش قد ارتحل عنها .. قالت عائشة : فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، قد انطلق الناس فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي، فتلففت بجلبابي وجلست، فغلبتني عيني فنمت فوالله إني لمضطجعة إذ مرَّ بي صفوان بن المعطل – وهو أحد الصحابة كان قد تأخر عن الجيش لبعض حاجاته – فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني .. وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علينا فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ظعينة رسول الله؟؟ فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي ووالله ما كلمني كلمة، ولا سمعت منه غير استرجاعه، حتى قرب راحلته إليَّ ، فأناخها، فركبت.. وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس .. ( الحديث )
*وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن – أي متسترات غاية التستر – ثم ينقلبن – أي يرجعن – إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الناس) متفق عليه.
*قوله صــــلى الله عليه وسلم : ” لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها حتى كأنه ينظر إليها) رواه البخاري، وفي هذا دليل على أن النساء إذا خرجن يكن مغطيات وجوههن بحيث لا يستطيع الرجل أن يعرف وصف المرأة ومعالم وجهها إلا بسؤال امرأته أو سؤال من ينظر إليها من النساء ولو كانت النساء في عهده صــــلى الله عليه وسلم يمشين في الشوارع كاشفات عن وجوههن لما احتاجت المرأة أن تصف المرأة للرجل ما دام قادراً على أن ينظر إليها في الطريق إذا شاء.
*عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صــــلى الله عليه وسلم يقول : (ثم إذا خطب أحدكم المرأة فقدر على أن يرى منها ما يعجبه ويدعوه إليها فليفعل) رواه أبو داود والحاكم وغيرهما وصححه الألباني قال جابر : فلقد خطبت امرأة من بني سلمة فكنت أتخبأ في أصول النخل حتى رأيت منها بعض ما أعجبني فتزوجتها ، فلو كانت هذه المخطوبة تمشي مكشوفة الوجه .. لما احتاج جابر أن يتخبأ لها في النخل ليراها، بل كان يقعد لها في الطريق بكل سهولة وينظر إليها ، وبمثل هذا الحديث ورد أمر النبي عليه الصلاة والسلام للمغيرة بن شعبة وغيرهما رضي الله عنهم جميعاً.
وفي الباب الكثير من الأدلة والعديد من الأبحاث المتخصصة .. والموفق من وفقه الله..