الثنائي الفرنسي يُطالبان بـ(254 ألف دولار).. وغرامات (فيفا) تصل بالمبلغ لـ(370 ألف دولار)
فقرات العقد تسهل مُهمّة غارزيتو ونجله في فسخه من طرفٍ واحدٍ.. و(72) ساعة على نهاية مهلة (فيفا)
العجز عن السداد يَحُول المريخ للجنة الانضباط.. عقوبات خطيرة في الطريق.. المجلس يُناشد والأقطاب يمتنعون
الخرطوم: ناصر بابكر
يُواجه نادي المريخ الذي تأسّس في العام 1908 كأعرق أندية كرة القدم السودانية، خَطَر الهُبُوط لدرجة أدنى للمرة الأولى في تاريخه الطويل، وذلك على خلفية القضية التي تَقَدّم بها المدير الفني الأسبق للنادي الفرنسي دييغو غارزيتو، والتي يُطالب من خلالها باستحقاقاته عن فترة عمله بالنادي خلال العام (2017) والتي حَصَلَ فيها على حكم من (فيفا)، ألزم المريخ بسداد مبلغ يُقدّر بـ(285) ألف دولار لغارزيتو ونجله أنطونيو، الذي كان يعمل في وظيفة المعد البدني.. وتَسَلّم المريخ القرار الذي أمهل النادي مدة شهر للسداد بتاريخ (12 أغسطس 2019) ما يعني أنّ مُهلة (فيفا) ستنتهي يوم (12 سبتمبر) الحالي، وحينها ستم تحويل ملف القضية للجنة الانضباط لتوقيع عُقُوبات على النادي.
(الصيحة) تَحَصّلت على التفاصيل الكاملة للقضية بالمُستندات وتنشرها في المساحة التالية:
عودة الفرنسي
اتّخذت لجنة تسيير نادي المريخ برئاسة جمال الوالي في الأسبوع الثالث من شهر يناير في العام 2017، قراراً بإقالة المدير الفني الألماني أنطوني هاي من تدريب الفريق بعد أن أشرف الأخير على مباراة تنافسية وحيدة كانت أمام تليكوم الجيبوتي في ذهاب المرحلة الثانية من التصفيات التمهيدية للبطولة العربية.. وقرّرت لجنة التسيير إعادة الفرنسي دييغو غارزيتو لتولي تدريب المريخ في ولاية هي الثانية للمدرب الفرنسي بعد فترته الأولى في العام 2015.
تفاصيل الاتّفاق
وصل المدرب الفرنسي غارزيتو للسودان يوم (23 يناير 2017) وفق اتّفاق مع رئيس نادي المريخ على تولي مهمة تدريب الفريق، على أن يبدأ العقد بتاريخ (23 يناير ويستمر حتى 30 نوفمبر 2017) بقيمة تعاقد إجمالية تصل إلى (300) ألف دولار، يحصل منها الفرنسي على (50 ألف دولار) كمقدم عقد عند التوقيع، و(50 ألف دولار) كمقدم عقد ثانٍ في (يوليو 2017) ثُمّ (35 ألف دولار) مُقدّم عقد أخير في (أكتوبر 2017).. على أن يحصل على بقية قيمة العقد كمرتبات (15 ألف دولار راتباً شهرياً)، كما نص العقد على حصول المدرب الفرنسي على حوافز عن المباريات المحلية والعربية والأفريقية وفقاً للنتائج التي يُحَقِّقها الفريق.
ساعة الرحيل
غادر المدرب الفرنسي دييغو غارزيتو في خواتيم شهر أغسطس من العام 2017 الخرطوم وسافر لبدء مُشوار تدريبي جديد مع نادي الاتحاد الليبي، وذلك بعد خلافٍ مع لجنة التسيير التي كانت تُدير شؤون المريخ وقتها بسبب استحقاقاته المالية المُتأخِّرة، وهي الخطوة التي أثارت وقتها جدلاً واسعاً بشأن قانونيتها وبشأن إمكانية أن يشكو المريخ مدربه الفرنسي لـ(فيفا) لإخلاله بشروط التعاقُد وعدم إكمال مدة عقده مع المريخ الذي كَانَ يُفترض أن يستمر حتى نهاية الموسم في (نوفمبر 2017).
إنذارٌ كتابيٌّ
استفاد دييغو غارزيتو ونجله أنطونيو لفسخ عقديهما مع المريخ من طرفٍ واحدٍ من فقرة في العقد (المادة 14) المُعنونة بـ(النتائج المالية المُترتِّبة للإنهاء المبكر للعقد) تمنح المدير الفني ومعاونه حق فسخ العقد من طرفٍ واحدٍ حال تأخُّر النادي في دفع مرتب شهر واحد حال مرور (15) يوماً على الفترة المحددة للسداد، شريطة أن يخطر إدارة النّادي قبلها كتابة برغبته في فسخ العقد، وهو ما فعله غارزيتو الذي أرسل خطاباً لنادي المريخ ونسخة منه للاتحاد السوداني بتاريخ (19 أغسطس 2017)، يُطالب فيه النادي باستحقاقاته المُتأخِّرة والتي تبلغ (190,000) دولار، وخلال الخطاب أمهل الفرنسي المريخ حتى تاريخ (29 أغسطس) على أن يعتبر العقد لاغياً حال لم يَفِ النادي بالتزامه تجاه المدرب خلال تلك المُهلة وفقاً لنص المادة (14 من العقد)، وبالفعل أرسل المدرب الفرنسي غارزيتو خطاباً للمريخ بتاريخ (30 أغسطس) يخطر فيه النادي بإنهاء العقد من طرفٍ واحدٍ نظراً لعدم التزام النادي بمنحه استحقاقاته وهو نفس ما فعله أنطونيو الذي أرسل إنذاراً كتابياً للنادي يُطالب فيه باستحقاقات تصل لـ(64 ألف دولار) مع منح مُهلة للنادي انتهت بلا جديدٍ، ليرسل خطاباً آخر بعدها يخطر النادي بفسخ تعاقُده.
طريق مسدود
في تلك الفترة (النصف الثاني من شهر أغسطس 2017)، انتشرت صورة بشكلٍ واسعٍ في وسائل التّواصُل الاجتماعي تجمع عضو مجلس المريخ ورئيس القطاع الرياضي وقتها حاتم عبد الغفار بالفرنسي غارزيتو وعلى الطاولة مبالغ مالية بالدولار، وتعود قصة تلك الصورة لجلسة عقدها مسؤولو المريخ مع الفرنسي للتوصل معه إلى تسويةٍ لمنحه استحقاقاته المالية، غير أنّ تلك الجلسة انتهت دون التّوصُّل إلى حلٍّ بعد أن وصل الطرفان لطريقٍ مسدودٍ بعد رفض المدرب الفرنسي القبول بمبلغ (85 ألف دولار) التي عرضها عليه المجلس لأنه أوضح في خطابه للنادي أن حقوقه المتأخرة تبلغ (190,000) دولار غير حقوق نجله أنطونيو.
تحويل في الحساب
بَرّرَ أعضاء في لجنة التسيير التي كانت تُدير المريخ في تلك الفترة عدم مَنح الفرنسي استحقاقاته بسبب مُشكلة التّحاويل المالية، مشيرين إلى أن غارزيتو كان يرفض استلام استحقاقاته (كاش) ويصر على تحويلها في حسابه، وبعد الاطلاع على عقد الفرنسي مع النادي، وتحديداً المادة (8) المُتعلِّقة بـ(شروط الدفع)، نجد أنها تحوي فقرة تُشير إلى أن النادي يدفع استحقاقاته للمدرب عن طريق التحويل المصرفي عبر حساب بنكي مُوضّح في العقد.
مَن أخل بشُرُوط التعاقد؟
بعدها، رحل المدرب الفرنسي إلى ليبيا، وطالب البعض مجلس إدارة المريخ بتقديم شكوى ضده لـ(فيفا) بتهمة إخلاله بشروط التعاقُد ومُطالبة الاتحاد الدولي بتوقيع غرامة عليه، غير أنّ (الصيحة) تَحَصّلت على صورة من عقد الفرنسي مع النادي والذي يحوي فقرة تمنح غارزيتو ونجله أنطونيو حق فسخ تعاقُده مع النادي من طرفٍ واحدٍ حال لم يحصل على راتب شهر حتى يوم (15) في الشهر الذي يليه مع إخطار النادي كتابةً قبلها، وهي الفقرة التي استغلها المدرب الفرنسي في فسخ تعاقُده مع المريخ من طرفٍ واحدٍ لأنّه لَم يَحصل وقتها على رواتبه لمدة سبعة أشهر، إلى جانب دفعة ثانية من مُقدّم العقد كان يُفترض أن يحصل عليها في (يوليو 2017) وجزء من الحوافز، حيث خاطب غارزيتو لجنة التسيير التي كانت تُدير النادي وقتها كِتابةً بأنّه سيفسخ عقده بسبب عدم حصوله على رواتبه وأمهل النادي فرصة (10) أيّامٍ، وحينما لم يصله أيِّ رد مكتوب قام بفسخ العقد من طرفٍ واحدٍ، مُتّهماً النادي الإخلال بشروط التعاقُد.
مطاردة الاستحقاقات
وبعد رحيله إلى ليبيا، ظل المدرب الفرنسي في حالة تواصُلٍ مُستمرٍ مع مسؤولي المريخ مُطالباً باستحقاقاته المُتأخِّرة على النادي، وكان المجلس الوفاقي بقيادة محمد الشيخ مدني فتح خطاً مع المدرب الفرنسي وطلب منه مُهلة للوصول إلى اتّفاقٍ بشأن استحقاقاته عن العام (2017)، وطلب منه إرجاء تقديم ملف القضية الذي كان جاهزاً مع محامي الفرنسي لحين التّوصُّل الى اتفاق للسداد وهو الطلب الذي وافق عليه الفرنسي، ليبقى في حالة انتظارٍ وترقُّبٍ لخطوة جدية من قبل مجلس المريخ دُون جدوى، ليلجأ بعدها لتقديم الملف لـ(فيفا).
(فيفا) تخاطب ولا إجابات!
عقب تقديم المدرب الفرنسي بواسطة مُحاميه لشكواه ضد نادي المريخ لـ(فيفا) بتاريخ (8 نوفمبر 2018)، قام الاتحاد الدولي بمخاطبة نادي المريخ بالشكوى التي تقدم بها غارزيتو مع تفاصيل الشكوى كاملةً للرد عليها وذلك يوم (12 يناير)، وأمهل الاتّحاد الدولي النادي حتى (4 فبراير 2019) للرد، غير أنّ مجلس المريخ لم يتقدّم بأيِّ رَدٍّ للاتّحاد الدولي.
إلزامٌ بالسداد
وكما كان مُتوقّعاً، وجَرّاء عدم وصول أيِّ رَدٍّ من المريخ، حكم الاتحاد الدولي يوم (24 يوليو 2019) لصالح المدير الفني الفرنسي غارزيتو ونجله أنطونيو في الشكوتين اللتين تقدّما بهما ضد المريخ، حيث خاطب (فيفا)، نادي المريخ يوم (12 أغسطس 2019) وأخطره بالحكم لصالح غارزيتو بمبلغ يصل إلى (275) ألف دولار ولصالح أنطونيو بمبلغ يصل لـ(92 ألف دولار) ليصل إجمالي المبالغ المُستحقة للثنائي الى حوالي (367 ألف دولار) مع مُهلة لنادي المريخ لمدة شهر للسداد تنتهي في (12 سبتمبر)، وحال عدم السداد يتم تحويل ملف القضية إلى لجنة الانضباط بالاتحاد الدولي لتوقيع عقوبات على النادي.
تفاصيل الزيادة
أوضح الاتحاد الدولي في الخطاب الذي بعث به لنادي المريخ، تفاصيل المَبلغ الذي حَكَمَ به للمدرب الفرنسي غارزيتو ونجله أنطونيو، فعلى الرغم من أن الأول أوضح في خطابه للنادي الذي سَبَقَ فَسخ العقد أن استحقاقاته على النادي تبلغ (190 ألف دولار)، وأنّ استحقاقاته نجله تبلغ (64,400 ألف دولار) وفق ما أوضحه الثنائي لنادي المريخ في الخطابات التي سبقت فسخ العقد ليصل إجمالي المبلغ المُستحق لهما لـ(254,44 ألف دولار)، غير أنّ الزيادات على المبلغ وصلت لأكثر من (100 ألف دولار)، حيث بلغ الحكم النهائي لغارزيتو ونجله لـ(367 ألف دولار) بعد أن تمّ تَغريم المريخ مبلغ (21,200 ألف دولار) كتعويض لصالح غارزيتو عن الفترة المُتبقية من عقده مع المريخ بسبب خرق الأخير لبنود التّعاقُد مع الإشارة إلى أنّ استحقاقاته الفرنسي عن الفترة المتبقية كانت تبلغ (81,000 دولار) لكن (فيفا) خصم منها ما ناله غارزيتو من الاتحاد الليبي في تلك الفترة ليُعوِّضه بمبلغ (21,200 ألف دولار) ونَفس الأمر مع أنطوني، وتَعُود بقية الزيادات لغرامة تنص عليها لوائح (فيفا) تبلغ (5%) عن قيمة كل بند مُتأخِّر (رواتب، حوافز ومقدّم عقد)، إلى جانب إلزام النادي بسداد أتعاب المُحاماة، وبالتالي وبدلاً من أن تقتصر استحقاقات الثنائي على (254 ألف دولار) حال الحل الودي، تكبّد المريخ خسارة تفوق الـ(120 ألف دولار) بعد لجوء الثنائي الفرنسي لـ(فيفا).
خيارات لجنة الانضباط
حال تحويل ملف القضية إلى لجنة الانضباط بعد نهاية المُهلة يوم (12 سبتمبر) حَال عجز النادي عن السداد، ستكون الخطوة الأولى للجنة الانضباط بين أحد أمرين، الأول مُعاقبة المريخ مُباشرةً بعقوبة مثل (خصم النقاط) مع منحه مُهلةً جديدةً وقصيرةً لسداد المبلغ وتهديده بعقوبة (الهبوط لدرجة أدنى) حال عدم السداد خلال المُهلة، أو مُخاطبة النادي بالعقوبات التي ستصدر ضده (خصم النقاط ثم الهبوط) مع منحه مُهلة لا تزيد بأيِّ حالٍ عن شهرٍ واحدٍ للسداد، مع العلم أنّ كل تأخيرٍ يزيد من قيمة المبلغ المطلوب كما أنّ لجنة الانضباط يمكن أن تضيف غرامة مالية على النادي عقاباً على تأخير السداد، مع العلم أنّ لجنة الانضباط بالاتحاد الدولي سبق لها مُعاقبة نادي المريخ بالمنع من التسجيلات لمدة عامٍ على خلفية استحقاقات لاعبه الإيفواري السابق كواسي مارسيال.
بين المطرقة والسندان
ومع اقتراب المهلة من نهايتها ومع بدء العد التنازلي لموعد تحويل ملف القضية إلى لجنة الانضباط تمهيداً لتوقيع عقوبات على نادي المريخ، يجد النادي الكبير نفسه في موقف لا يحسد عليه وسط قلق كبير لأنصاره من الأوضاع التي يعيشها النادي ومن تعامله مجلسه وأهله مع ملف القضية، فالمجلس يُعاني من مشاكل مالية معلومة للكافة وتظهر من خلاله معاناته في تسيير النشاط اليومي للفريق، حيث أعلن المجلس عن لسان أمين ماله الصادق مادبو أنّ سوداكال سيتكفل بدفع (50 ألف دولار) من جملة المبلغ الواجب سداده، على أن يقوم باقي أبناء المريخ بنفرة لجمع مُتبقي المبلغ، ويرى المجلس أنّ مسؤولية القضية لا تخصهم وحدهم، خُصُوصاً وأنّ تلك المُتأخِّرات كان في زمن لجنة تسيير سابقة، بينما رفض مجموعة من الأقطاب المساهمة في سداد المبلغ، مُشترطين تنحي المجلس ورحيله للمُساهمة وهو الشرط الذي يرفضه المجلس المُتمسِّك بالاستمرار مهما كانت العواقب، وبين وضعية المجلس ورؤيته للقضية وبين موقف الأقطاب والمُقتدرين، يجد النادي الكبير والوحيد الذي شرّف السودان ببطولات قارية وإقليمية نفسه في موقفٍ لا يحسد عليه وخطر الهبوط لدرجة أدنى للمرة الأولى في مسيرته الطويلة يقترب شيئاً فشيئاً دون أن تلوح في الأفق بوادر للحل.