تقرير: مريم أبشر
بالأمس، طَوَى السُّودان حقبةً امتدت لثلاثين عاماً من حكم الإنقاذ، وبدأ مرحلة جديدة يستشرف فيها عبير الحرية بعد تضحيات ونضال فَقَدَ السودان فيها خيرة شبابه، وأعلن من القصر الجمهوري أمس عقب أداء سبعة عشر وزيراً من جملة ثمانية عشر، تم التوافُق على اختيارهم، القَسَم أمام أعضاء المجلس السيادي ورئيس الوزراء بحضور رئيس القضاء، ودخول الحكومة الانتقالية مرحلة التنفيذ الفعلي، وعقد المجلسان التنفيذي والسيادي اجتماعاً مُشتركاً أمّنا خلاله على وضع أيديهما معاً، مدنيين وعسكريين حتى تنطلق المسيرة وتحقق الثورة (حرية.. سلام وعدالة) التي من أجلها اقتلع الشعب الإنقاذ.
الفكي: اكتملت المدنية
ابتدر الحديث لوسائل الإعلام الأستاذ محمد الفكي الناطق باسم المجلس بتوجيه تحية للشعب السوداني وللانتصار الذي تَحَقّق بالأمس باكتمال الحكومة المَدنية بتمثيل وزيرين عسكريين فقط، وأضاف بقوله: مُوافقة المجلسين أعلنا عن تعيين 18 وزيراً أدوا القَسَم بتحمُّل المسؤوليات، ولفت للملفات الساخنة التي تنتظرهم في كل أنحاء البلاد وأبرزها الفيضانات، وأكّد أنّهم سيدخلون مُباشرةً في عملهم، ولفت الفكي أنّ المجلس السيادي سيلتزم بالوضع الذي حَدّدته الوثيقة الدستورية وهي مَهامٌ قليلة جداً، وأكّد أنّ ثقل المهام الأكبر سيكون على عاتق الحكومة.
فيصل.. نحن هنا بفضل الشهداء
حيّا الأستاذ فيصل محمد صالح وزير الإعلام والثقافة، زملاء وزميلات المهنة، وعبّر عَن سعادته بتواصُل الاتّصال، وَوَجّه تحايا خاصّة للشعب السوداني، الذي جعل هذا مُمكناً لولا التضحيات العظيمة والبسالة والشجاعة ودماء الشهداء الذين قدّموا أرواحهم ودماءهم فداءً لهذا الشعب في مسيرته نحو الحرية والسلام والعدالة، لما كان هذا مُمكناً ولما كنّا وقوفاً، وحيا نضال الشعب المُتّصل طوال ثلاثين عاماً، وقال: هذه الثورة العظيمة التي بدأت في أبريل وانتصرت لم تكن من فَراغٍ، وإنّما بُنيت على نِضالٍ مُتواصلٍ، وعلى شهداء منذ الثلاثين من يونيو من المدنيين والعسكريين وكل مناطق السودان، دارفور، جبال النوبة والنيل الأزرق، ولفت إلى أنّ كل أبناء السودان أسهموا لكي نقف اليوم هذا الموقف لنكون هنا، وزاد: لولا التضحيات لما كان هذا مُمكناً، ووصف فيصل ما تمّ باللحظة التاريخية، وأضاف: نضع أقدامنا اليوم نحو مرحلةٍ جديدةٍ من تاريخ بلادنا يملؤنا عزمٌ أكيدٌ على أن نبقى على العهد الذي قطعناه للشهداء والشعب وأن نكون رهن إرادته، وأكّد الالتزام بالعمل بكل ما وسعتنا قدرتنا البشرية لتحقيق الأهداف التي ضَحّى من أجلها الشهداء، مُسترشدين بإعلان الحُرية والتّغيير وبالاتفاق السِّياسي والوثيقة الدستورية باعتبارهما الدليل الهادي للمسيرة، إضافة لبرامج تفصيلية سيعمل عليها كل وزير في اختصاصه تُرفع لمجلس الوزراء لتكون هي الخُطة الوطنية التي يعمل على تنفيذها، وأضَافَ: أمامُنا ثلاث سنوات من العمل والجهد، وجَدّد وزير الإعلام العزم والعهد للشعب بأن نصون هذه التضحيات عبر العمل لتحقيق هذه الأهداف، وقد تبدو التطلُّعات والأماني والأحلام التي حلم بها الشعب السوداني في السابق من المُستحيلات، الآن أصبحت مُمكن التحقق بجهدنا وعملنا المُشترك.
الاجتماع المُشترك
وكشف وزير الإعلام عن اجتماعٍ مشتركٍ عقب أداء القسم مع المجلس السيادي، واستمع الوزراء لحديثٍ من رئيس المجلس السيادي ورئيس مجلس الوزراء، مُؤكِّدين الرغبة في العمل المُشترك، وأن نضع أيدينا في أيدي بعض بلا تفصيلٍ لمكوِّن عسكري أو مدني، وأشار إلى أنّ المسؤولية مُشتركة والعمل مُشترك والمسؤولية المُلقاة على عاتق الحكومة مُهمة وطنية مشتركة، وأن يعمل الجميع كلٌّ في مجاله لتحقيق الأهداف، وقال إنّ رئيس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء أكّدا أنّ العالم يضع عينه علينا ويُراقبنا وهي نظراتٌ مِلؤها الإعجاب وربما الانتظار والتّرقُّب، كيف ستكون استجابتا للتحديات العظيمة التي تُواجهنا، وقال فيصل: نحن كوزراء عقدنا العزم على العمل من أجل تحقيق الأهداف.
البوشي.. لن ننسى دولة القيادة
حَيّت ولاء البوشي وزير الشباب والرياضة، كل شهداء ديسمبر وشهداء الحروب والنِّزاعات في دَارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وكل ضحايا النظام منذ 89 الثورة كانت مُستمرة، ولم تَنسَ الجَرحى والمُصابين للمفقودين وغيرهم من ضحايا النظام، ومن فَقدَ عينه ويده وكل من عَمل ليأتي هذا اليوم.. ولم تَنس البوشي تحية الصحفيين، ولفتت لقمع الحُريات التي واجهها الصحفيون إبان الثورة، وحيّت الشعب السوداني وهو يَتنفّس أنسام الحُرية والتغيير، وذكرت رفقاء المَواكب تحت ألسنة الغاز المُسيل للدموع وأنغام الرصاص وأنسام دولة القيادة التي ما زالت حيّةً باقيةً في الأعماق، وقَطعت بأنّ ما تَمّ التّوصُّل إليه أمس هو خطوة من خطوات الثورة التي ما زالت مُستمرة حتى تَستلم حكومة مَدنية مُنتخبة أمر البلاد، نحن الآن في بداية الطريق.
جلسة مع حمدوك
البوشي كشفت عن اجتماع جمع الوزراء برئيس الوزراء حمدوك، قالت سادته روح الفريق للالتزام الكامل لخدمة الشعب، التزام يليق بكمية التضحيات، مع استصحاب شعار الثورة (حرية.. سلام وعدالة) لرفعة السودان في كل المجالات لكل الناس، وقالت: ستكون هنالك قنوات تواصُل مفتوحة، وأكدت الالتزام بالشفافية.
الطريق شاقٌ
البوشي اعترفت بأنّ الطريق ليس سهلاً، وأن الحكومة ستُواجه بالكثير من التحديات والعقبات، ولكن بالإصرار والعزيمة لثورة ديسمبر سنقهر كل التحديات، ولم تنس كل الشهداء ولكنها خصت عبد العظيم.
وزير المالية.. خطة إسعافية عاجلة
الدكتور إبراهيم البدوي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، بدأ بالترحُّم على الشهداء وكل من بذل الحياة خلال 30 سنة، وقال: نحن نحرث هذا الجهد في إطار الحكومة المدنية والتعاوُن والتعاضُد بين مُكوِّنات الشعب السوداني العسكرية والمدنية وكل الأقاليم، هذه الحكومة في مظهرها نرى فيها السودان وفي مخبرها من حيث البرامج والأولويات، وقال إن البرنامج الاقتصادي النهضوي الذي نبشِّر به يجب أن يجسد هذه المعاني العظيمة للثورة، وقطع ببذل الثورة كل الجُهد بما يملك من علمٍ وجهدٍ لإنجاز المعاني بدءاً من البرنامج الإسعافي لـ(200) يوم الأولى، مضيفاً أن البرنامج يهدف لخمسة محاور أساسية، أولها تثبيت الاقتصاد الكلي وإعادة هيكلة المُوازنة ورفع الجهد المالي حتى نتمكّن من الإيفاء بالالتزام تجاه الشعب في الرفاه الاجتماعي والصرف على التعليم والصحة والتنمية، ويتمثل المحور الثاني في وضع إجراءات إسعافية ناظمة وجزائية لتكملة الأسواق وتثبيت الأسعار وتوفير وسائل لتخفيف كلفة المعيشة التي يُعاني منها الشعب السوداني، وقال إنّ الشعب الآن حُر سياسياً ووجدانياً ولكنه مقهورٌ اقتصادياً، ويجب بذل كل الجهد لمُعالجة الأزمة بصورة إسعافية عاجلة ريثما يتم التوفر على برامج اقتصادية لمُكافحة التّضخُّم وتدهور أسعار الصرف وأزمة السيولة، وأشار إلى أنّ المحور الثالث يركز على مُعالجة أزمة بطالة الشباب عن طريق برامج إسعافية قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل، أمّا المحور الرابع هو الانتقال من العون الإنساني إلى التنمية المُستدامة في المناطق الثلاث لاعتقادنا بأهمية التركيز على هذا الجانب وتأسيس دعم توجه جديد يعطي الأولوية القُصوى لعملية بناء السلام التي ستبدأ ويقودها رئيس وزراء المجلس السيادي، مُشيراً لدعم المالية هذا التوجُّه عن طريق الانتقال للتنمية المُستدامة، وكشف البدوي عن دعمٍ كبيرٍ جداً من المُجتمع التنموي لهذه البرنامج غير مقيّد ولن يتأثّر بالعُقُوبات المفروضة على السودان، فيما يمثل المحور الخامس بناء القدرات والمؤسسات المعنية بالاقتصاد وذلك لتحضير الاقتصاد السوداني للانطلاق في السنة الثانية، والثالثة نحو القيمة المُضافة والتصنيع خَاصّةً في مجال الثروة الحيوانية والحبوب الزيتية، وقال: هنالك يمكن وصفه بالقطوف الدانية، ويمكن سرعة إنجازها خلال الفترة الانتقالية وثمّ الانتقال من دعم السلع لدعم الإنسان السوداني بصورة مُباشرة، لافتاً إلى أن هذا مشروع استراتيجي يهدف لتحقيق أهداف الألفية للتنمية المستدامة أهمها مُكافحة الفقر وتمكين المُواطن السوداني والانتقال من تمكين فئة كما كان سائداً إلى تمكين المُواطن على المستوى الواسع، وقال إنّ خُطته تهدف فى نهاية الفترة الانتقالية وقبل تسلُّم السُّلطة للحكومة المدنية للانتقال الى التحول الهيكلي عن طريق المشاريع الاستراتيجية الكُبرى في الطرق الإنشاءات والمطارات بحيث يكون الاقتصاد السوداني جاهزاً، بجانب التدريب استعداداً للثورة الرقمية التي بدأت تشكِّل العالم.
مَشَـــاهد من الشّـــــرفة
عَددٌ كَبيرٌ من الوكالات والقنوات والصحفيين ضاقت بهم المركز الإعلامي بالقصر الجمهوري، ورغم تأخّر أداء القسم لثلاث ساعات، إلا أن الكل كان في كامل الاستعداد للبقاء ليرى الوزراء والحكومة المدنية تبدأ خطوتها الأولى نحو المدنية.
الأستاذ فيصل محمد صالح وزير الإعلام ابتدر حديثه بكلمات مُؤثِّرة تلعثم وخنقته العبرة وهو يُشير إلى أنّ ما هُـم بصدده الآن كان بفضل أرواح شهداء دفعوها فداءً للوطن، وكان لكلماته كبير الأثر لدى الحُضُور دُون استثناء.
التقى الوزراء الذين يمثلون رصفاءهم بإلقاء كلماتهم دون الخوض في تقبل أسئلة من قِبل الصحفيين، وعزا الأستاذ فيصل ذلك إلى أن الوزراء لم يستلموا بعد مهامهم، وأن القنوات ستكون مفتوحة.
المؤتمر رغم عدم الترتيب البائن، إلا أنّه كان الأفضل.
مصدر بمكتب رئيس الوزراء حمّل القصر، مسؤولية التأخير، وقال لـ(الصيحة): الفترة المقبلة ستشهد ضبطاً في المواعيد.
غَابَ وزير العدل عن أداء القَسَم، وأشارت مصادر إلى أنّ الوزير خارج السودان.