القيادي بشرق السودان مبروك مبارك سليم لـ(الصيحة)
حتى الآن لم تتم مخاطبة أساسيات قيام الثورة
إن سارت الأمور هكذا فسوف تأتي لحظة الناس تقول (يا حليل البشير وحكومته)
هذه حكومة (كردفان) وحسن شيخ إدريس يمثل حزب الأمة
وليس الشرق
أرفض تسمية ما يحدث في الشرق بالصراع القبلي وهناك أسباب خفية وعلى الدولة الإجابة على التساؤلات
حوار: روضة الحلاوي
حذّر رئيس تنظيم الأسود الحرة والقيادي بشرق السودان الدكتور مبروك مبارك من الصراع القبلي الذي شهدته ولايات الشرق، وقال مبروك خلال هذا الحوار إنه يرفض وصف ما تم بالصراع القبلي، وقالك هناك أسباب خفية وعلى الدولة الإجابة على التساؤلات من اين جاء السلاح، وأشار إلى أن توزيع مناصب الفترة الانتقالية تم بمحاصصة إقليمية أو حزبية أبعد فيها الشرق رغم وجود حسن شيخ إدريس في المجلس السيادي، وهو حزب أمة من أبناء الشرق، ويمثل حزبه في المجلس السيادي، وليس الشرق، واتهم مبروك الحكومة بالتنصل عن الاتفاقيات الموقعة مع الحركات المسلحة رغم الوعد الذي قطع لهم من قبل المجلس العسكري في السابق، لكن تم التنصل عنه في الوثيقة الدستورية.
فلنطالع الحوار..
*ما هي رؤيتكم للوثيقة الدستورية وهل هي مستوفية لمتطلبات الفترة الانتقالية؟
بالتأكيد بها نواقص، ونحن استبشرنا بزوال النظام ومجيء العهد الجديد، لكن حتى الآن لم تتم مخاطبة أساسيات قيام الثورة.
*إلى أي مدى كان الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة معكم من قبل النظام السابق؟
ما يلينا في اتفاقية الشرق هي ميثاق وعهد ووردت ضمن الدستور فى 2005 والآن وردت بإشارة ضعيفة وهي مراجعة الاتفاقيات، وهذا يعتبر تنصلاً تكشّف لنا عند إعلان قيام لجنة تسييرية لصندوق إعمار الشرق، كأن هذه اللجنة جمعية خيرية تبحث عن عون داخلي وخارجي، وهذه اللجنة التسييرية تنصلت عن مبالغ كانت أساساً للشرق في صندوق إعمار الشرق، وهو مبلغ (600) مليون دولار الذي التزمت به الحكومة ضمن اتفاقية الشرق في المحور الاقتصادي، ولم يدفع منه إلا (80) مليون لإنشاء سد أعالي نهر عطبرة وستيت، بالرغم من أن الاتفاقية تقول إن المشاريع القومية ليست خصماً من صندوق الإعمار ولو سلمنا بذلك وأنها مخصومة من الصندوق فالمتبقي (520) مليون دولار للصندوق بطرف الدولة، يجب أن تلتزم بها.
ثانياً: الدولة التزمت للصندوق بمليار و(400) مليون دولار، وتنصلت منه أيضاً، وهذا يعني التنصل من اتفاق الشرق، وهذا شيء مخزٍ، والاتفاق تحدث عن اربعة محاور السلطة، وهى تبدأ من السيادة إلى آخر مكون في الحكم، وكذلك الثروة والترتيبات الأمنية مازالت فاتحة، ولم يكتمل محورها، وهذا يعني هناك تنصل من هذه الاتفاقية ومن إنفاذها رغم وصفها أنها أفضل اتفاقية، والكل مجمع على أن هذه الاتفاقية جيدة، لكن لم تكن هنالك إرادة سياسية لتنفيذها في الفترة الماضية وعدم التنفيذ أدى لسوء العلاقات مع دولة أرتريا كضامن والحكومة السابقة.
*برأيك هل ستصمد الوثيقة الدستورية والمؤسسات التي ستنشأ بموجبها أمام الحملة المعارضة لها؟
الوثيقة من جانبنا نرى أن بها خللاً وعيوباً، وأهملت معالجة أسباب تحرك الشارع التي كانت نتيجة الضائقة الاقتصادية التي يمر بها الناس، وهذه الأزمة حتى اللحظة موجودة بل في زيادة مستمرة، والآن مضت(خمسة شهور) على التغيير وبداية المرحلة الجديدة ولا شيء تغير الشد والحذب وإقصاء الىخرين هو نفسه الذي كان سائداً, وأحد أسباب الثورة لكن لم يتغير شيء فقط الأشخاص، وأتخوف من أن تأتي لحظة وتقول الناس (يا حليل البشير وحكومته).
*كيف تنظر لتركيبة المجلس السيادي في شقه المدني؟
المجلس السيادي في شقه المدني كله من كردفان، هذه حكومة كردفان ما عدا واحد من الشرق حسن شيخ إدريس هو نائب برلماني سابق حزب أمة من الشرق، إلا أنه في المجلس السيادي، هذا الذي تكوّن بمُحاصصات حزبية واضحة يمثل حزب الأمة لا شرق السودان.
*معظم القوى المعارضة للوثيقة تجمعت في تكتلات أين أنتم منها؟
نحن في الشرق نتمسك بالاتفاقية التي وقعتها جبهة الشرق، ولا يمكن لأحد أن يزايد علينا، ويقول هو أكثر نضالاً منا، فنحن عندما تحدى رأس النظام ونادى بأن من يريد السلطة عليه حمل السلاح حملناه في ذلك الوقت وشخصنا قضية شرق السودان بأنها تهميش سياسي، اقتصادي، ثقافي، اجتماعي، وعملنا على معالجة هذه المحاور والمشاكل في روشتة اتفاق الشرق، وإقصاء جبهة الشرق أو من يمثل هذه الاتفاقية المشهود عليها دولياً يعني إقصاء للشرق بكل ما تعني (الكلمة)، لأن من يمثلون جبهة الشرق هم حزب “الأسود الحرة”، “مؤتمر البجا” و”كيان الشمال” الموجودون في جيهة الشرق، التي هي مظلة شاملة لمعظم أهل الشرق وهي من الناحية الثورية.
*أنتم مصنفون مع من سقطوا مع الإنقاذ؟
نحن كحزب نفضنا يدنا وخرجنا من الحكومة في فترة معتز موسىن ورفضنا صراحة سياسة الإقصاء وحب الذات والسلطة، وقلنا: هناك فشل اقتصادي ذريع وانعدام تنمية وتعطيل للإنتاج، وأعلنا خروجنا من الحكومة، وقلنا نحن مع الشارع ومع تسقط، ولكن (ليس تسقط بس)، بل كيف تسقط وما هو البديل، وقتها كان الموجود هو فقط المهنيون حتى المهنيين في ذلك الوقت لم يفصحوا عن أنفسهم، بعد التغيير ظهرت مجموعة (قحت) واتفق معهم المجلس العسكري باستعجال على نسب، ونحن نقدر ان هناك تدخلات خارجية وضغوط دولية وهنالك شارع (قايم) و”قحت” ومجلس عسكري والسياسة هي فن..
*هل تتوقع استمرار التوافق بين حمدوك و”قحت” و”السيادي” ورضوخ حمدوك لبرامجهم؟
هم الآن يتحدثون عن 67% والوسيط يقول لا40% ونعلم أن هناك 33% باقية، هذه لمن ومن يقسمها هناك ضبابية وعدم معرفة واختلاف على الكراسى ومن يحكم، والقضية الأساسية لا يوجد لها التفات حتى الآن، ونحن نتفرج ولا نريد أن نحكم قبل أن نعرف ماذا يحدث، بعد ذلك سوف تكون كلمتنا قاطعة.
*ما سبب صمتكم وعدم الإفصاح؟
نحن نعرف متى نعارض، ولا نريد أن نسبق الأحكام، نريد أن نرى ماذا يحدث، وحتى الآن كل الناس مُغيّبة والجدل كان دائراً بين “قحت” والمجلس العسكري، والآن انتقل ما بين مجلس الوزراء و”قحت”، يعني كلما خرجنا من مسلسل دخلنا في آخر، وحتى الآن نسمع عن أن هنالك وسيطاً تحدث ووصل إلى نسب في الحكم هو يقول 40%، وهم يقولون 67%، وهنالك 33% مسكوت عنها حتى الوثيقة والاتفاق السياسي تحدث عن مجلس السيادة وعن مجلس وزراء لم يتحدث عن الولايات، وهذا ما يهمنا ولا نعلم ماذا يحدث في شأن الولايات، ولا نريد أن نتعجل في الأحكام قبل أن نعرف الحقيقة عندما تتضح الرؤية سيكون حكمنا وكلمتنا.
*هل ترى هناك برامج ممرحلة للفترة الانتقالية متفق عليها؟
حتى الآن لا يوجد برنامج واضح، هذه عملية حظ مثل (طرة أم كتابة) حتى معالجة الاقتصاد ليست هناك رؤية واضحة، وإنما حديث أقل من العموميات، حتى تركيبة الدولة غير واضحة، ونبدأ من الشرطة هل هي قومية؟ وكذلك الجيش هي مهن طاردة كل الناس تركتها، بل كل الدولة تحتاج لإعادة صياغة، والبلاد تحتاج للإنتاج، لا إنتاج زراعي ولا صناعي، بالرغم من أن موقع البلد استراتيجي، وهو ما يأخذ أهميته منه وليس لدينا طرق، ولا بنية تحتة، ولا مواصلات ولا مواعين طائرة ولا عائمة، ولا غيرها، نحتاج لبرنامج اقتصادي واضح المعالم، وفي 2017 طرحنا على الحكومة برنامجاً اقتصادياً لكنها رفضته، وقلنا لهم إن البلد سوف تنهار وهذا ما حدث.
*ما موقفكم من الجدل الدائر حول صمت الوثيقة من الإشارة للشريعة واللغة العربية؟
الدولة كانت تسير بوتيرة عقدية، والآن ظهرت أصوات تناهض التجربة الإسلامية، ونحن وسطيون ولا نرضى سب الإسلام ولا نرضى التهجم عليه، وإذا كانت الحرية مثل ما نراه في الوسائط من سب للدين فهذا منكر ومرفوض وحتى الحريات لا تعطي الحق في سب المعتقدات، إذن نحن نقول إن البلاد تحتاج لإعادة صياغة كاملة.
*هل تحققت المدنية الآن؟
ما هى المدنية، هل هي حكومة مدنية أم برنامج مدني، هذا هو السؤال لم تتحقق ولم يحدث شيء من أصله، فقط تكونت حكومة ولا نعلم برامجها، والمعروف رئيس وزرائها يقدم برنامجاً لحكومته طويل المدى وقصير المدى ومتوسط المدى، ونتمنى لحمدوك التوفيق، ولكن هل لديه برنامج سيطرحه أم سيعمل على برنامج “قحت” ؟؟ و”قحت” ليس لديها برنامج هي تحالفات نشأت عن طريق الصدفة، وتكونت في أوقات حرجة وضيقة جداً، ونحن نرى حتى الآن أن البرنامج غائب.
*مدى التناغم بين العسكريين وقوى التغيير؟
الآن هم في موقف المراقب، بالتأكيد البلد لا تتحمل التسويف، ولا المماطلات، ولا الترضيات الزائدة عن اللازم، وإلى الآن نحن كقوة سياسية موجودة لا نعرف أين نحن كنا معارضين للنظام السابق وخرجنا منه ورجعنا إليه ولكن الآن لا نعلم اين نحن، ومع من نتحدث لا يوجد كيان موحد.
*تفسيرك للصراع القبلي الذي حدث في الشرق؟
أنا أرفض تسمية ما يحدث في الشرق بالصراع القبلي، لأن الصراع القبلي يقوم على الحواكير على زرع أو ضرع، وهذه أحياء حضرية، ويجب أن يكون أمنها مستتباً، وإذا لم تكن هنالك أسباب خفية لم يحدث ذلك، وهذه الأحداث ليست بالجديدة، بل هي منذ عام 86 كانت في القضارف وكسلا والقربة ومن ثم بورتسودان، كأنما هناك تعبئة ولا أستطيع أن أقول إنه منظم، ولكنه لا يوحي بالخير، ونحن نستنكر كل ما حدث، ونعتبر الدولة مسؤولة عن كل الدماء التي أريقت، وهناك تفلتات يجب حسمها، وهناك أسلحة أطلقت لمن هي؟ ومن أين أتت؟ لابد من الإجابة على هذه الأسئلة لمعرفة من وراء ذلك.
لم نسأل لأن ذلك التزام وميثاق وعهد وعندما تمت صياغة الوثيقة الدستورية قالوا تراجع الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة السابقة، ولكن لم يفصل الحديث أي اتفاق وكيفية إعادتها ومع من؟ وهذا حديث مبهم ومخيّب للآمال، والآن لجنة تسيير صندوق إعمار الشرق التي كونت مؤخراً ليس لها أي دور وأضح، بل كل شيء مبهم، وهذا يعني أن الحكومة تنصلت عن مواثيق واجبة بموجب الاتفاقية ومؤتمر تنمية شرق السودان.
وهذه الاتفاقية مازالت موجودة، وهى الوحيدة التي لم يطلق بعدها طلقة واحدة، ويجب الانتباه لوجود تذمر شديد في الشرق، فإذا كانوا يعملون على إبعاد الآخرين فهذه كارثة وأي حديث عن أنه لا توجد محاصصة فهو غير صحيح. فهي إما إقليمية أو حزبية، والحوار الذي أقامه البشير لم يكن من فراغ، فهو قام لوجود مشكلة حقيقية، وقام على ستة محاور أساسية وهي داء السودان، فكل الحركات والمهمشين مشكلتهم ما زالت موجودة.
*قيادة “قحت” تقول إن القبلية والجهوية بدأت في الانحسار بعد الثورة؟
الحديث عن عدم وجود قبلية أو جهوية غير صحيح، والدليل ما يحدث الآن في شرق السودان، وبكل صراحة البلد في كارثة، نسأل الله اللطف، ولا أعتقد أن النظام يستطيع أن يستقر بهذه الوضعية، والإنقاذ 30 عاماً تبحث في المشاكل، وأكبر المصائب أن أقل الناس علماً هم من يديرون الأمن، وهم من أضاعوا البلد وأضاعوا أنفسهم وحتى الآن لم نر ضوءاً حتى في آخر النفق، والظلام دامس، ولا بشرى بخروج البلد من ما هي فيه من دوامة الصراع.