إبرة البرهان السحرية، متي تتوقف عن حفر القبور؟!

إبرة البرهان السحرية، متي تتوقف عن حفر القبور؟!
الجميل الفاضل
الحفارون بالإبر الصغيرة توعدونا بحرب لمائة عام، قدروا انها تكفي لقتل (48) مليونا، لم يحصدوا منها الي يومنا هذا سوي عشرات الوف فقط، لا تكفي لكي يخلوا لهم وجه أبيهم “كرتي”، ولكي يحكموا ما شاء لهم حظهم من فراغ، لأكثر من دورة أو دورتين، بل إلى ثلاثة أو أربعة دورات إنتخاب متتالية، قبل أن يضع كاهنهم “برهان” إبرته السحرية عن حفر ملايين قبور أخرى، ربما لا يتسع لها الآن مكان.
فحصاد الأرواح البريئة الطاهرة يمضي إلى اليوم على قدم وساق.
إذ أن الرصاص يعوي في كل مكان، والطائرات تطير لتخبز السكان، والمسيرات تغير لتهدم السدود وسائر الأعيان، والسكاكين على الأعناق تجري.
أدوات القتل ومطارقه لا زالت تهبط على رؤوسنا المطأطأة، والدم المسفوح يصعد هو كذلك فوقنا نوافيرا فوارة تمور، يلطخ سيرتنا وثيابنا ووجوهنا، يلطخنا كلنا من أدنى اخامصنا، إلى أعلى نواصينا، يجللنا بمثل هذا العار المخزي الذي سيلاحقنا لا محالة إلى الأبد.
في وقت يؤكد فيه السياسي المخضرم “مبارك الفاضل” حقيقة تقول: إن مجموعة كرتي وعلي عثمان، هي أسوأ مجموعة من مجموعات الإسلاميين، لأنها هي المجموعة التي كانت تدير الإنقاذ، والتي قامت بكل موبقات الإنقاذ، قائلاً: أن هذه المجموعة يهمها إستمرار الحرب، ويهمها إستمرار وضع شمولي في السودان، وأنها تسعى للعودة إلى السلطة عبر تلك الحرب.
وأردف مبارك بأن لا شك عنده في أن لهذه المجموعة تأثير.
بيد أنه قال: ولكن إذا وضع الفريق البرهان يده في يد كل الشعب السوداني، وكل القوى السياسية المدنية، وكل الأصدقاء والأشقاء، لن يجد هؤلاء مكاناً بل سيضطروا، للامتثال لرغبة الشعب السوداني، والجيش السوداني، وأصدقاء واشقاء السودان.
حاثا الفريق البرهان على أن يقرر وقف الحرب.
هكذا خلص مبارك الفاضل بكل بساطة إلى هذه النتيجة ناسياً أو متناسياً سؤال الواقع الذي يقول، هل يملك البرهان الآن فسحة وشجاعة تمكنه أن يقرر وقف مثل هذه الحرب التي قوي هو بها، وبإنقلابه المشؤوم قبلها، شوكة الإسلاميين ونفوذهم إلى هذا الحد والدرجة من النفوذ والقوة؟.
كما أني لست أدري، كيف يمكن لرجل كالبرهان إرتكب هو أيضاً موبقات تزول منها الجبال، منذ العام (2019)، أن يضع يده الملطخة بدماء السودانيين ذاتها في يد هذا الشعب، الضحية الدامية؟.
على أية حال، فإن وصفة مبارك الفاضل تفترض هي كذلك وجود قوى سياسية مدنية ذات ثقل وتأثير مقابل لتأثير الإسلاميين، ترجح كفة الجنرال في هذه المعركة، بما تملكه في الواقع من قدرة على التأثير والفعل، يمكن أن تعين بها البرهان على التخلص من مجموعة (كرتي – علي عثمان) لو أن هذه القوى التي لا أثق بوجودها، قد قبلت لنفسها القيام بمثل هذا الدور، ولو أن البرهان نفسه قادر في ظل الظروف التي تكتنفه وتحيط به، على أن يفكر مجرد تفكير في التخلص من هذه المجموعة المالكة لزمام أمور الجيش حالياً، وبالتالي لقرار الحرب.
فضلاً عن أن المعطيات المتوفرة إلى الآن على الأقل، لا تعزز فرضية أن هنالك أشقاء وأصدقاء يثقون بالبرهان لدرجة التورط بالتدخل العسكري المباشر في حرب ضد الإسلاميين بالسودان، لصالح بقائه هو في الحكم، أو حتى لقطع دابر الإسلاميين كغاية، أو لإضعافهم على الأقل.