Site icon صحيفة الصيحة

الجيش سابقاً.. (البراء) حالياً!

الجيش سابقاً.. (البراء) حالياً!

علي أحمد

كان واضحاً، إلا لمن في عينيه غشاوة وفي أُذنيه وقر، أن ميليشيا ما تُسمى بـ”البراء بن مالك”، المكوّنة من أفراد ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين (حزب المؤتمر الوطني) وجماعة داعش الإرهابيتين، اللتين شارك الضباط المنتمون إليهما قيادة الجيش في إشعال حرب الخامس عشر من أبريل 2023، ووضعوا البلاد على حافة الانهيار الكامل والشلل التام، تسعى لتحل مكان الجيش بعد تدميره من الداخل، من خلال السيطرة على دفة القيادة بتحويل ضباطه الكبار إلى تابعين لها أو تشريدهم من الخدمة!

وقد رأى الشعب السوداني عياناً بياناً كيف اقتحم أحد قادة هذه الميليشيا الإرهابية (الناجي مصطفى) مكتب عقيد في الجيش، واتهمه بالخيانة، وحقق معه، وصوّر التحقيق، ونشر مقطع الفيديو على السوشيال ميديا، فيما كان الأخير منكسراً مُطأطئ الرأس، ترتجف علاماته العسكرية (دبابيره) على كتفيه.

 

كان واضحاً أن الأمور ذاهبة بسرعة كبيرة إلى إحلال هذه الميليشيا الإرهابية مكان الجيش الوطني وإعلان تدميره إلى الأبد؛ بدءاً بإقحامه في هذه الحرب العبثية، وإغراء قائده الحالم بالسلطة والحكم بذلك، ثم القضاء عليه في مرحلة لاحقة.

أمس، صرّح قائد ميليشيا البراء، الإرهابي المصباح أبو زيد طلحة، يوم الثلاثاء 8 أبريل، بترفيع ميليشياته من “لواء” إلى “فيلق”، بعد أن كانت كتيبة عند اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023. وكما هو معلوم، فإن الفيلق يعني وحدة عسكرية تضم ما بين (فرقتين إلى خمس فرق)، ويصل عدد جنودها ما بين (20 ألفاً) في الحد الأدنى إلى (45 ألفاً) في الحد الأعلى، يقودها ضابط عظيم برتبة لواء.

وإذا افترضنا جدلاً أن عدد أفراد الميليشيا الداعشية الإخوانية الإرهابية قد بلغ الآن نحو (32) ألف جندي، فإنها قد تصل إلى أكثر من ضعفي هذا العدد بعد عام واحد فقط من الآن، خصوصاً بعد أن خفت وتيرة العمليات العسكرية، وبعد تمكنها من وضع يدها على جميع الأسلحة الاستراتيجية الخاصة بالقوات المسلحة، والاستيلاء على مقراتها ومقدّراتها، ما يعني أن البلاد قد تقع تحت قبضتها في القريب العاجل.

إن عبد الفتاح البرهان يضع بلادنا مجدداً على فوهة بركان لا يخمد؛ فهذا الرجل، الذي أصبح أسيراً لحلم أبيه ولرغبته الجامحة في الحيازة على صفة “رئيس”، حتى ولو على جزء قليل من البلاد كما هو حاله الآن، فقد الإحساس بما يدور حوله، ولا يرى إلا ذيول وأشباح حلمه الذي لن يتحقق. لذلك، عندما يرسل الرجل رسالة إلى إخوته الإسلاميين، فإنه يشير إليهم بأن يبتعدوا عن “الكرسي” ويفعلوا كل شيء فيما عدا ذلك. كما أنهم، عندما يريدون كسب جانبه، فإنهم يطمئنونه على أن لا رغبة لهم في الجلوس على هذا الكرسي؛ فهو له وحده. فيُبقي عليهم في المشهد حتى بلغوا فيلقاً، أي جيشاً موازياً؛ فالفيلق يمتلك بالضرورة، وبالتعريف الفني له، (مدفعية، ودبابات، ومضادات، ومسيّرات). علاوة على ذلك، فإن ميليشيا البراء تسيطر على سلاح الطيران سيطرة تامة، وبالتالي فهي الآن – إن صح حديث قائدها صبي الأواني المنزلية – تكون قد أصبحت الجيش الحقيقي للبلاد وحلّت محله تماماً. لكنها ستظل محتفظة إلى حين بعصابة الأربعة: البرهان، وكباشي، والعطا، وجابر – وهذا الأخير منهم وإليهم -، لكي تمرر بهم أجندتها السياسية داخلياً وخارجياً، وتخفف بهم حدة الرفض الذي تواجهه في هاتين الجبهتين، ثم تنقلب عليهم وتنحرهم في وضح النهار بلا شفقة أو رحمة. ويستحقون ذلك جزاءً وفاقاً، فقد ألحقوا بالسودان وشعبه أضراراً فادحة، وحوّلوهما إلى دولة فاشلة وشعب مشرّد.

إن الحرب الحقيقية في بلادنا لم تبدأ بعد، فما يزال الطريق طويلاً؛ فهناك عشرات الميليشيات المتناقضة، بدءاً من هذه البراء الإرهابية، إلى ميليشيات حركات الارتزاق، وميليشيات شرق السودان الناهضة، وميليشيا البطانة والجزيرة (كيكل)، وميليشيا مالك عقار، وتمبور، وطرطور، وغيرهم. وهذه كلها ستشتبك وتتحارب بعضها ضد بعض في مقبل الأيام، وسيكون الجيش مجرد ميليشيا صغيرة في هذه المعمعة الكبرى.

إن ما فعله هذا البرهان بالبلاد خلال سنوات قليلة، لا يمكن أن يفعله شيطان رجيم.

Exit mobile version