“البرهان” بين مطرقة إسرائيل، وسندان “الإخوان”؟!

“البرهان” بين مطرقة إسرائيل، وسندان “الإخوان”؟!
الجميل الفاضل
بدأ لافتاً أن “كامرون هيدسون” المقرب جداً إلى الجنرال البرهان، والباحث البارز في برنامج افريقيا بمركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن، قد أطلق أمس تحذيراً شديد اللهجة لحكومة بورتسودان، قائلاً:
“من الأفضل للسودان أن يتواصل مع إسرائيل، قبل أن يُصنّف نفسه ضمن خانة إيران”.
مشيراً في تغريدة علي منصة (x)، إلى أن إسرائيل قلقة من تقارب السودان مع إيران، كشريك إستراتيجي.
وكشف هيدسون أن البرهان زعم أن هذه الشراكة من أجل مصالح السودان، موضحاً أن البرهان قال بصريح العبارة: “أنه سيعقد صفقة حتى مع الشيطان”.
بيد أن كامرون هيدسون، أطلق ما أعتبره تحذيراً أخيراً لصديقه البرهان: قائلاً: من الأفضل للسودان أن يتواصل مع إسرائيل قبل أن يتم وضعه بالكامل مع إيران”.
على أية حال، فكاميرون هيدسون، ليس مجرد باحث أمريكي متخصص في الشؤون الإفريقية فحسب، بل اكتسب هو خبراته في الشؤون الإفريقية من خلال عمله الميداني كمسؤول سابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، وكدبلوماسي بوزارة الخارجية الأمريكية، ومدير مكتب المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، فضلاً عن عمله كمدير للشؤون الإفريقية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض من (2005) حتى (2009).
وكان هيدسون قد أشار في لقاء سابق نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” إلى أن الإدارة الأميركية تسعى لحفظ الأمن على طول البحر الأحمر، «وهذا يعني أن تظل روسيا وإيران بعيدتين عن حيازة أي قواعد في تلك المنطقة».
وقال هدسون: لو صح أن السودان وروسيا قد اتفقا على منح موسكو قاعدة بحرية على البحر الأحمر، فمن المؤكد أن ذلك سيكون إشكالية كبيرة لترمب، وسيكون له رد فعل قوي حتى يعلم السودان أن ذلك الاتفاق كان خياراً سيئاً، ويجب أن يخاف الناس هناك من ذلك.
ويأتي تحذير هيدسون العلني لبورتسودان من مغبة التمادي في تطوير علاقاتها بطهران هذه المرة، في وقت كان البرهان قد أوفد فيه بالفعل مبعوثه الشخصي الفريق الصادق إسماعيل إلى إسرائيل في زيارة سرية في محاولة أخيرة للحيلولة دون تصنيف حكومة بورتسودان رسمياً في قائمة أعداء اسرائيل الأشد خطورة، القائمة التي تضم كافة حلفاء إيران بالمنطقة، والذين يواجهون الأن حرباً منظمة ومعقدة من قبل اسرائيل وحلفائها، وعلى رأسهم بالطبع الولايات المتحدة.
وأشارت مصادر إلى أن مبعوث البرهان قد أخفق في إزالة مخاوف اسرائيل من أبعاد العلاقة المركبة لبورتسودان بطهران، القائمة على تداخل في الأجندات ما بين احتياجات الجيش المرحلية ذات الصلة بالحرب، وتطلعات الإخوان المسلمين الرامية لإعادة بناء تحالف استراتيجي مع طهران.
وبالتالي فرغم تذرع موفد البرهان بأن دافع العلاقة يقتصر على تلبية حاجة الجيش للسلاح الإيراني في حربه الحاليه ضد قوات الدعم السريع.
إلا أنه لا يعرف إلى الآن على الأقل هل ينجح البرهان في الخروج من هذا المأزق، بإقناع اسرائيل بعدم وضع نظامه الانقلابي في خانة “حلفاء ايران”، الذين هم أعداء الداء لإسرائيل بالضرورة، وما سيترتب على مثل هذا التصنيف من تبعات قاسية ربما لا تقوى على احتمال تداعياتها وردات فعلها سلطة الأمر الواقع ببورتسودان التي أنهكتها الحرب؟.
في مقابل ما يمكن أن يثيره أي إتجاه لنفض البرهان يده من التحالف مع ايران، من توترات في العلاقة بين جنرالات الجيش وتنظيم الحركة الإسلامية الذي أفلح في إعادة السودان بشق الأنفس للتموضع من جديد تحت حلف المقاومة الذي تقوده طهران؟.