تصريح ياسر العطا… يحوّل الجيش إلى مهدّد إقليمي

تصريح ياسر العطا… يحوّل الجيش إلى مهدّد إقليمي
مجاهد بشرى
في خطوة تُعد من أخطر التصريحات الصادرة عن قيادي عسكري سوداني منذ اندلاع الحرب، أعلن الفريق ياسر العطا مساعد قائد الجيش السوداني، أن مطار أم جرس ومطار إنجمينا في دولة تشاد أصبحا “هدفين عسكريين مشروعين” للجيش السوداني.
هذا التصريح، الذي صدر علنًا وأمام الإعلام، يحمل تداعيات قانونية ودبلوماسية وعسكرية جسيمة على السودان، ويضعه أمام أزمة جديدة، ليس فقط في الداخل، بل على مستوى الإقليم والعلاقات الدولية.
أولاً: قانونيًا… تهديد صريح لسيادة دولة
تصريحات العطا تمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي، وتحديدًا:
مبدأ السيادة الوطنية المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة
مبدأ عدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ضد دول أخرى ( المادة 2(4)من الميثاق)
مخالفة صريحة لاتفاقيات حسن الجوار والعلاقات الثنائية مع تشاد، ويزداد هذا التهديد خطورة من الناحية القانونية عندما يصدر عن شخصية تمارس السلطة من موقع غير شرعي دستوريًا، إذ أن العطا هو جزء من سلطة انقلابية تولت الحكم بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، وهو ما يجعل تهديداته تفتقر لأي غطاء قانوني أو اعتراف دولي.
ثانيًا: دبلوماسيًا… إحراج غير مسبوق للسودان
على المستوى الدولي، يضع هذا التصريح السودان في موضع المعتدي المحتمل، حتى لو كان الواقع الميداني يعكس تداخلات أمنية أكثر تعقيدًا.
تشاد، رغم علاقتها المتوترة ببعض الأطراف السودانية، حافظت – نسبيًا – على خطاب دبلوماسي. أما الآن، فقد تجد نفسها مضطرة للرد، وقد:
تقدم شكوى رسمية لمجلس الأمن
تطلب دعمًا إقليميًا لردع تهديد السودان
تعيد ترتيب تحالفاتها مع أطراف ترى فيها توازنًا ضد الجيش السوداني
والأخطر أن تشاد تستضيف مئات الآلاف من النازحين واللاجئين السودانيين، وقد تحوّلت إلى عمق إنساني وإغاثي واستراتيجي حاسم، خاصة لولايات مثل شمال دارفور – الفاشر، التي تعتمد في توازناتها على قادة عسكريين من أصول تشادية، وتُشكّل تشاد فيها ظهيرًا صلباً للحماية.
بمعنى آخر: أي توتر مع تشاد، قد يتحول إلى ضغط كارثي على الفاشر، والسودان غربًا.
ثالثًا: عسكريًا… انزلاق خطير
تصريح العطا قد يُفسر على أنه محاولة لتبرير قصف أو استهداف مباشر لمنشآت تشادية، مما قد يدفع تشاد:
إلى إغلاق حدودها بالكامل أمام السودان أو حتى التورط في دعم مباشر أو غير مباشر للدعم السريع، كرد على هذا التهديد
منح تشاد الاسبقية و الحجة لاستخدام القوة العسكرية في المناطق الحدودية او العمق السوداني و الرد على هذه التصريحات التي ترتقي لإعلان الحرب.
إنّ أي مواجهة مع دولة مثل تشاد، في ظل الانهاك العسكري للجيش السوداني، ستكون مقامرة و مغامرة خاسرة سياسيًا وعسكريًا، وستفتح جبهة إقليمية لا طاقة للسودان بها.
رابعًا: سياسيًا… انعكاس لتخبط القيادة
تصريح بهذا الحجم من مساعد لقائد الجيش، دون إعلان رسمي أو بيان استراتيجي من الدولة، يعكس أمرين:
فوضى القرار العسكري داخل المؤسسة الحاكمة بالسلطة الانقلابية استخدام الإعلام كمنصة لتهديدات مرتجلة دون تقدير للمصالح الوطنية وفي توقيت يعاني فيه السودان من عزلة دولية وانقسام داخلي، فإن تصريحات كهذه تقوض أي محاولة لطرح الجيش كقوة وطنية مسؤولة ويذهب إلى اثبات ما نكرره لفقدان هذا الجيش إلى المؤسسية و تحوله لقوة مختطفة من تنظيم اجرامي مثل الحركة الاسلامية.
كلمات العطا لم تكن مجرد رأي عابر… بل قنبلة سياسية موقوتة، تحمل تهديدًا مباشرًا للسودان قبل أن تطال تشاد.
إنها لحظة مفصلية يجب أن تُقرأ بجدية:
لأنها تعكس كيف يمكن لكلمة واحدة أن تُشعل صراعًا إقليميًا
ولأنها صادرة عن سلطة انقلابية لا تملك الشرعية ولا الغطاء القانوني
ولأنها تُهدد توازنات إنسانية وعسكرية قائمة، خاصة في مناطق مثل الفاشر ودارفور
فهل يفهم العسكر أن الخطر لم يعد فقط من المعركة داخل الخرطوم… بل من كلمات طائشة تُطلق من أفواه ضباط غير مسؤولين، وتصل إلى حدود دول، وأرواح بشر؟