مُجَرَّد سؤال ..!

“أنا لا أعرف الحقيقة المُجرّدة، لكنِّي أركع متواضعاً أمام جهلي، وفي هذا فخري وأجري..!”

جبران خليل جبران

إذا سألت قارئاً مُهتماً بالأدب عن الدكتور “يوسف زيدان”، سيقول لك إنه روائي مصري، صدرت له عدة روايات منها “ظل الأفعى”، “النبطي”، و”عزازيل” التي فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية. وإذا سألت أكاديمياً مطِّلعاً سيقول لك إن “يوسف زيدان” أستاذ جامعي متخصص في التراث العربي المخطوط. وإذا سألت باحثاً متوسعاً فقد يقول لك إن الرجل صاحب أبحاث مقدرة في الفكر الإسلامي، والتصوف، وتاريخ الطب العربي. وإذا سألت مثقفاً مُهْتَماً بالفكر، أو “مُتَّهَماً” بالفلسفة، فقد يقول لك إن “يوسف زيدان”هو مفكر وفيلسوف مصري له آراء صادمة تقلب ظهر المجن لبعض ثوابت التاريخ الإسلامي..! 

أما إذا سألت موقع “ويكيبيديا” فسوف يقول لك شيئاً من هذا، أو بعضاً من ذاك، ثم يذكرك بأن ما قرأته على صفحته يحتاج إلى مصادر ومراجع إضافية، قبل أن يرجوك ـ على طريقة عبد المعين – أن تساعد في تطوير محتوى الصفحة بالمصادر المناسبة. وإذا جرَّبت أن تسأل أي شخص محدود الاطلاع – اعتاد أن يتسكع بين الأخبار وقضايا الساعة على مواقع الإنترنت، قبل أن يُروِّح عن وجوده الافتراضي بدخول المزرعة السعيدة – فهو في الغالب قد يجيب على سؤالك بسؤال آخر على غرار: أو ليس”يوسف  زيدان” هذا هو الرجل الذي قال عن صلاح الدين الأيوبي إنه “شخصية تاريخية حقيرة”..؟!

أردتُ بهذا الاستعراض لتلك العباءات المفترضة – التي قد يتسربل بها سؤالك المفترض عن “يوسف زيدان” – أن أثبت حضوره “المكتوب” متعدد الوجوه، وإسهاماته الفكرية والأدبية عديدة الأبعاد، قبل أن أتوسل بحديثٍ له ملأ صفحات المثقفين، وشغل بعض الباحثين – وحظي ببعض الاهتمام من زوار مواقع التسلية – مؤخراً،  تمهيداً لأن أقول رأيي بشأن ردود الأفعال التي تنتهجها معظم رموز عقلنا الجمعي بشأن “المتحوّل” من الآراء التي تتعرض لبعض “الثابت” في تاريخنا الإسلامي ..!

الكاتب المصري “يوسف زيدان” قال إن بعض الوقائع التاريخية تؤكد أن القائد صلاح الدين الأيوبي قد أحرق مكتبة القصر الكبير، لمُبرِّر سياسي لا يزال سارياً حتى عصرنا هذا، وهو “محاربة الفكر الشيعي”. وقال – أيضاً – إنه قد ارتكب جريمة إنسانية عندما منع الفاطميين – الذين حكموا مصر نحو قرنين ونصف – من التناسل، عندما قام بعزل ذكورهم عن إناثهم  بحيث لا يجتمعون حتى يقطع نسلهم .. إلخ .. حفنة لا بأس بها من الآراء المخالفة..!

والآن دعك من “يوسف زيدان”، دعك منه تماماً، فلسنا هنا في معرض الدفاع عنه أو الهجوم عليه. نحن هنا لنتأمل سوياً ردود الأفعال التي أعقبت إطلاق مثل تلك الآراء التي قرأتها أعلاه. والتي تراوحت بين الاستنكار المطلق والهجوم المطلق، فضلاً عن الشتائم والحكم بالتكفير ..!

وكما ذكرت لك من قبل، أرجو دعك من “يوسف زيدان”، كما أرجو أن تفكر معي في السؤال التالي: لماذا يكون الرد دائماً على مثل هذه الآراء هو وجوب عدم الخوض فيها؟!. وإذا كان من يثير الغبار حول بعض القضايا في تاريخ الإسلام يستقي معلوماته من مصادر غير دقيقة، فلماذا لا يخرج المتبحِّرون في تلك المصادر الدقيقة – في معيتهم – إلى مناظرات علنية يدحضون بها حجج المسيئين ..؟!

لست أدافع – بطبيعة الحال – عن إثارة الزوابع حول التاريخ الإسلامي، ولست مؤهلة للحكم على تصريحات باحث وأكاديمي مختص. لكنني قارئة مُهتمة بالبحث عن حزمة ضوء في ذلك النفق.  بعيداً عن الهجوم المطلق والنقد المطلق. أنا فقط أحتاج أن أقرأ إجابةً منهجية يدبجها فقهاء وعلماء تشفي غليل العامة من أمثالي. إجابة واحدة على مجرد سؤال ..! 

منى أبو زيد

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى