إضاءة حول خطاب (حميدتي) … المبنى والمعنى والأثر

إضاءة حول خطاب (حميدتي) … المبنى والمعنى والأثر
علي أحمد
كعادته، قلب خطاب قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي بثه أمس على تطبيق (تليغرام) وانتشر بسرعة البرق على المواقع الاخبارية ومواقع الاجتماعي، قلب الساحة السياسية الداخلية والإقليمية رأسًا على عقب، وأثار العديد من ردود الأفعال، وحرك الراكد السياسي إلى حد كبير.
لفت (حميدتي) إلى أن مناسبة كلمته هي إحياء ذكرى تأسيس قوات الدعم السريع (17 رمضان)، التي توافق موقعة “بدر الكبرى”، في إشارة إلى أن المعركة ما تزال مستمرة حتى النصر، أسوة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
تحية للأشاوس والشركاء
حيا في مطلع كلمته جنوده، الذين وصفهم بأشاوس وأبطال قوات الدعم السريع في كل ربوع السودان، خاصة في الخطوط الأمامية، ووجه تحية خاصة للشهداء الأبرار وأسرهم. كما حيا الشعب السوداني وهنأه بما حدث في كينيا مؤخرًا من توقيع على الميثاق التأسيسي، وخصّ في هذا السياق قائد الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان (شمال) عبد العزيز آدم الحلو ورفاقه وجميع الشركاء.
تأسيس جديد
وأعلن عن ترحيبه بميثاق التأسيس، واصفًا إياه بالدستور الجديد، والذي وقّعه في العاصمة الكينية نيروبي في الخامس من مارس أكثر من 20 جسمًا سياسيًا ومهنيًا وأهليًا، إلى جانب قوات الدعم السريع والحركة الشعبية (شمال) بقيادة عبد العزيز الحلو، التي تتمتع بنفوذ واسع في إقليمي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ووصف (حميدتي) التحالف التأسيسي بأنه أكبر تحالف سياسي عسكري اجتماعي في السودان، مشيرًا إلى أنه “يجمع كافة السودانيين تحت مظلة واحدة من أجل قضاياهم العادلة”.
الميدان
لم يفوّت القائد (حميدتي) الواقع الميداني، فشرحه وفصّل فيه بقوله: “ستنتصر في النهاية ولن نخرج من الخرطوم والقصر الجمهوري ومنطقة المقرن”، وأضاف: “الجيش خسر 70 في المئة من طائراته الحربية”، وتوعّده بخسائر فادحة، ووصفه بأنه صار شماعة للسياسيين، ولن يتمكن من هزيمة الدعم السريع، مشددًا على أن قواته ستنتصر وستصل إلى بورتسودان في ختام المطاف، وأن هذه الحرب ستكون آخر الحروب في السودان.
الانفصاليون والإرهابيون
أعلن رفضه تقسيم البلاد، متهمًا جهات لم يُسمِّها بالعمل على ذلك، واعتبر أن الشعب السوداني في الشمال “مغلوب على أمره” ومجبر على الوقوف مع السلطة الحالية. كما انتقد استخدام الدين في السياسة، والمجموعات التي تقاتل مع الجيش بشعارات دينية، معتبرًا أنها لا تمثل تلك الشعارات، وقال: “خدعونا باسم الشريعة وأخافونا من العلمانية”.
البندقية والقلم
ولم ينسَ القائد أن يحيي الإعلام الحر والصحافة المهنية النزيهة، وهذا ديدنه، حين قال: “الماسك البندقية والماسك القلم واحد”. وهذا وفاء نادر من السياسيين والعسكريين، الذين يستخدمون هذه الفئة لتنفيذ أجنداتهم ثم ينسونها عندما تتحقق، لكن (حميدتي) لم يفعل ذلك، وهذه حقيقة يعرفها عنه كل من يعرفه من مكان قريب.
الخلاصة
الخطاب، رغم بساطة كلماته، كان عصريًا جدًا، إذ اتسم بالالتزام بروح العصر (الاختصار والتصويب بدقة نحو الأهداف)، فجاء مختصرًا، لخص الماضي والراهن والمستقبل في جمل قصيرة وبكلمات بسيطة وواضحة ومحددة، وقد أوصل الرسالة على أتم وجه وبأقل عدد من الكلمات، ولذلك فقد خلّف أثرًا كبيرًا بين سامعيه.