البرهان .. القذارة تليق بك!

البرهان .. القذارة تليق بك!
علي أحمد
قبل أن يجف مداد مقالنا السابق، الذي أشرنا فيه إلى “الشفشفة” (الجريمة المنظمة) التي تمارسها حكومة بورتسودان و”كيزان” بورتسودان وجيش بورتسودان، حيث يعمدون إلى سرقة كابلات النحاس، ثم صهرها وصبها في قوالب لتصديرها إلى الدولة (شقيقتهم) السروقة إياها. وقد كنا نظن أن فئة ضالة من “الكيزان” هم من يرتكبون هذا الدمار والنهب. ولكننا وجدنا أنفسنا أمام طامة كبرى، إذ تبين أن (الشفشفة) أصبحت سياسة دولة بورتسودان، وأحد مصادر دخلها! وإنا لله.
كشف الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية، عبدالرحمن عباس – المقيم في بورتسودان – في تصريحات صحفية، أن هناك شركات يديرها رجال أعمال وتجار تعمل بصورة رسمية، وعن طريق موانئ البلاد، في تصدير كميات هائلة من الحديد، إلى جانب نحاس كوابل الكهرباء والاتصالات والصرف الصحي، بعد أن يتم تجميعها وتحويلها إلى خردة صالحة للتصدير. وأوضح أن الدولة تتقاضى رسومها من هذه التجارة، بل وتدخل لها عائدات صادر منها!
وأضاف الرجل أن بنك السودان يقوم بتحويل حصيلة صادر هذه (المسروقات) – من الحديد الخردة والنحاس – إلى عملة صعبة، مطالبًا الحكومة (التي هي اللص ذاته) بالتحقيق في قانونية ومشروعية تصدير الحديد والنحاس الخردة عبر ميناء بورتسودان.
وحذر الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية من أن استمرار هذا الأمر بوتيرته المتسارعة، سيجعل السودان خاليًا تمامًا من الحديد والنحاس في وقت وجيز.
بطبيعة الحال، لا يخفى على أحد ممن تتكون حكومة (بورتكيزان). فإلى جانب قيادة الجيش – وهي قيادة فاسدة ومعروفة بذلك – يأتي “الكيزان”، وهؤلاء فسادهم ذائع وشائع ومؤسس له فقهيًا عبر فتاوى شيوخ الضلال الفاسدين، أمثال تاجر الدين الهارب إلى تركيا، عبد الحي يوسف. ثم تأتي الحركات المسلحة (جبريل، مناوي، عقار)، وهؤلاء لم تلد النساء أفسد منهم! إنهم رؤساء عصابات يبيعون البشر كمرتزقة يقاتلون خارج البلاد، ناهيك عن سرقة النحاس والحديد.
وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لم تقم قوات الدعم السريع، التي سيطرت على ولايتي الخرطوم والجزيرة وما تزال تسيطر على بعض أجزائهما، بسرقة كابلات الاتصالات والكهرباء النحاسية؟ لماذا لم تسرق سقوف المنازل والمباني الحكومية وقضبان السكك الحديدية لتحولها إلى خردة وتصدرها إلى مصر ودول أخرى عبر تجار وشركات تنشط عبر البحر الأحمر؟
إذًا، فإن وصم قادة وأفراد قوات الدعم السريع باللصوصية – رغم وجود فئة قليلة منهم مارست بعض الأعمال الاجرامية، كما هو حال جميع المنظومات – لن يصمد طويلًا أمام السرقات الممنهجة التي يديرها الجيش بتخطيط دقيق من قيادته العليا، حيث يتم تصدير المسروقات عبر ميناء بورتسودان، عاصمة البرهان، وتضخ العائدات في بنك السودان، الذي أصبح بنك جبريل والبرهان و”الكيزان”، ليكون ذلك أحد مصادر الدخل القومي!
المؤكد هنا أن قيادة الدعم السريع لم تكن تخطط لسرقة منازل المواطنين، ولم تدعم هذه السرقات أو تصمت عنها – كما يفعل قادة الجيش و” كيزانهم” الذين حولوها إلى سياسة دولة. بل إن الدعم السريع كوّن لجنة لتتبع الظاهرة ومحاسبة مرتكبيها. إذًا، الفرق هائل وكبير، بل لا مقارنة.
لم يمر وقت طويل حتى اكتشف السودانيون أن هذا الجيش هو (أم المصائب) في بلادنا! إنه صانع المليشيات، وسارق المقدرات، ومشعل الحروب، ومفقر المواطنين. وإن لم يتم استئصاله من جذوره – لا إصلاحه كما كنا نظن في أيام رومانسيتنا الأولى – فإن كارثة الحرب التي نعيشها اليوم ستصبح مجرد قصة صغيرة، وحكاية هامشية، في سردية الفساد واللاوطنية الضخمة التي يمكن أن نرويها عن جيش تسرق قيادته كابلات النحاس وحديد (البالوعات)، بينما يسرق أفراده منازل المواطنين التي فشلوا في حمايتها وهربوا منها أمام جحافل الدعم السريع!
فهل هذا جيش؟! وهل هؤلاء “الكيزان” اللصوص بشر؟! وهل قائد هذا الجيش رجل؟! بأي معنى للرجولة، حتى في وصفها السوقي المبتذل؟؟!
يعمل البرهان على تأسيس دولة تقوم على “الشفشفة” وسرقة البالوعات، وهي دولة تليق بقذارة دواخله!