لا مكان للجبن في معركة المصير.. نحن صنّاع التغيير!
إسماعيل هجانة
عبر التاريخ، لم تُبنَ الأمم ولم تتحقق الحرية إلا بشجاعة أبنائها في مواجهة الظلم والتصدي للشر. نحن لسنا سجناء في سراديب الخوف، ولا رهائن لليأس، ولا أسرى لسلطة الفاسدين الذين استنزفوا وطننا وحرموا شعبنا من حقّه في الحياة الكريمة.
لقد مرّ السودان بمراحل عديدة من النضال والتحديات، منذ فجر استقلاله مرورًا بالأنظمة التي تعاقبت على حكمه، والتي كرست القبلية والتمييز والإقصاء والتهميش المنهجي. ورغم المحاولات المستمرة لكبح جماح الحرية والتطور من قبل قوى الظلام، ظلت الشعوب السودانية العظيمة عصيّة على الكسر، شامخة في مواجهة الظلم، قوية في التصدي للفساد، ومتمسكة بحلم الحرية والعدالة.
إن الثورة السودانية التي اندلعت في ديسمبر 2018 كانت نقطة تحول جذرية، حيث أعادت للشعب السوداني زمام المبادرة، وأكدت قدرة الشعوب على التغيير، مهما بلغت قسوة الظلم واستبداد الأنظمة. وعلى الرغم من الصراعات التي تلت تلك الثورة، فإن إصرار الشعوب السودانية العظيمة ظل ثابتًا، مؤكدًا رفض العودة إلى الوراء.
اليوم، ونحن نقف على أعتاب مرحلة تاريخية فارقة في مسيرة السودان، مع توقيع الدستور الانتقالي في مارس 2025، ندرك تمامًا أن الجمهورية السودانية الثانية، أو السودان الجديد، ليست مجرد شعار يُرفع، بل واقع جديد يبنيه كل سوداني بحلمه وإصراره وشجاعته.
إن بناء جمهورية المواطنة الفدرالية يعني العمل الجاد على ترسيخ أسس العدالة الاجتماعية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة بشكل شفاف ونزيه، بعيدًا عن المحسوبية والتمييز، مع التأكيد على مبدأ المساءلة والمحاسبة، وعدم السماح للمجرمين والفاسدين بالإفلات من العقاب.
ستكون هذه الجمهورية عنوانًا للوحدة والتنوع، بعيدًا عن الصراعات العرقية أو الدينية أو الجهوية. دولة تنبذ الأبارتايد السياسي والاجتماعي، وتؤسس لقواعد المواطنة المتساوية والحقوق العادلة للجميع دون استثناء.
نؤمن ببناء اقتصاد مزدهر وعادل، قائم على التنمية المستدامة التي تحقق الرفاه والازدهار لكل مناطق السودان، خاصة المهمشة منها تاريخيًا. اقتصادٌ يفتح أبوابه للجميع، ويتيح فرصًا متساوية للعمل والاستثمار والنمو.
إن الجمهورية السودانية الثانية هي جمهورية المستقبل، جمهورية العلم والتنوير، الجمهورية التي ترفع راية السلام وترفض الحروب، جمهورية تبني علاقاتها الإقليمية والدولية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
إننا اليوم، كشعوب سودانية عظيمة، ندرك تمامًا أن الحرية لا تُمنح، بل تؤخذ بشجاعة وإصرار وعزيمة لا تلين. نحن أسياد أنفسنا وأصحاب هذا الوطن، وحُرّاس أحلام أجياله القادمة.
فلتستعد الشعوب السودانية العظيمة لفجر جديد يحمل معه الانتصارات والحرية والسلام، فجر العدالة التي لا تسقط بالتقادم، والحقوق التي لا تُطمس، والكرامة التي تعود لتسكن كل بيت سوداني.