لغز الـ 2.3 مليار دولار المفقودة: كيف يموّل الذهب حرب السودان؟

يُعد الذهب أحد المصادر الأساسية لتمويل الحرب في السودان، ويشكل جزءًا كبيرًا من اقتصاد البلاد، إذ يُنتج السودان كميات ضخمة من الذهب، ويُعتبر من أكبر الدول في إفريقيا من حيث الإنتاج.
وتشير التقارير إلى أن الذهب يُستخرج من 14 ولاية سودانية، ويتركز بشكل خاص في ولاية نهر النيل، الشمالية، و البحر الأحمر، وغيرها من الولايات المتأثرة بالصراع.
ورغم توافر احتياطات كبيرة من الذهب، إلا أن القطاع يعاني من الفوضى، والفساد، والعشوائية، ما يعقد تحديد الحجم الفعلي للإنتاج.
إنتاج الذهب
80% من إنتاج الذهب يتم بواسطة معدّنين تقليديين في ظروف بيئية عالية المخاطر، حيث يستخدمون مواد سامة مثل الزئبق والسيانيد. أما الشركات فتنتج 20% فقط من إجمالي الإنتاج.
يُقدَّر حجم الذهب المكتشف بحوالي 1550 طنًا، لكن العديد من الجيولوجيين يشككون في هذه الأرقام بسبب غياب البيانات الدقيقة والمنهج العلمي.
اللغز وراء عائدات الذهب
شركة الموارد المعدنية السودانية أعلنت عن زيادة في إنتاج الذهب في 2024 إلى 65 طنًا، مقارنة بـ 34.5 طنًا في 2022، مما أظهر ارتفاعًا ملحوظًا في الإنتاج، لكن العائدات انخفضت بشكل غير مفسر من 2.02 مليار دولار في 2022 إلى 1.6 مليار دولار في 2024.
الغريب في الأمر هو أن قيمة 65 طنًا من الذهب في 2024 يجب أن تتراوح حوالي 3.9 مليار دولار، وفقًا للأسعار العالمية، إلا أن البيانات الرسمية تُظهر أن العائدات كانت أقل بكثير، مما يثير تساؤلات حول أين ذهبت هذه الأموال؟
اختفاء العائدات: الفساد والتهريب:
يعتقد الكثيرون أن الفرق بين العائدات المُعلنة (1.6 مليار دولار) والقيمة الحقيقية (3.9 مليار دولار) اختفى في جيوب الجيش والقادة العسكريين الذين يتحكمون في القطاع. يُقال أن هذه الأموال تُستخدم لشراء أسلحة وطائرات مسيّرة، مما يُساهم في دعم المجهود الحربي.
التهريب يشكل جزءًا كبيرًا من المشكلة، حيث يُهرّب الذهب إلى مصر ودول أخرى، ويقدّر الخبراء أن 60% من الذهب يُهرّب ويختفي من القنوات الرسمية.
عادل إبراهيم، خبير جيولوجي، أكد أن التهريب يمثل نسبة 60% من إجمالي الإنتاج، مما يُظهر حجم الفساد الذي يعصف بالقطاع.
الذهب والحرب:
يُعتبر الذهب مصدرًا رئيسيًا لتمويل الحرب في السودان، حيث يُباع الذهب لشراء أسلحة وتمويل العمليات العسكرية، مما يُطيل أمد الصراع. يُستغل هذا المورد الثمين بشكل مدمّر بدلًا من أن يُستخدم لدعم التنمية والاستقرار في البلاد.
الخلاصة:
تظل الشكوك حول عائدات الذهب هي اللغز الأكبر في السودان، حيث يُفترض أن العائدات الحقيقية تكون أكبر بكثير مما تم الإعلان عنه. تُشير التحقيقات إلى وجود فساد ضخم في قطاع التعدين، تهريب الذهب، وتوجه هذه الأموال نحو تمويل الحرب بدلًا من التنمية الاقتصادية.