انتكاسة الثورة

على طريقِ الانعتاقِ من الهيمنةِ المصرية (5 – 20)
د. النور حمد
“لن يستطيع أحدٌ أن يركبَ على ظهرِك، ما لم تكن مُنحنياً”
مارتن لوثر كينج
انتكاسة الثورة
مرَّت على الثورة التي انطلقت منذ 19 ديسمبر 2019، حتى الآن، ما تزيد عن الخمسة أعوام. ومع ذلك، لم تقترب حتى الآن من تحقيق أيٍّ من أهدافها وشعاراتها التي رفعتها. بل على العكس من ذلك، فقد انتكست مجمل الأحوال في البلد انتكاسةً كبيرةً ووصلت بها الأمور إلى حربٍ متطاولةٍ دمَّرت البنيات التحتية، واقتلعت الناس من بيوتهم، وجعلت من العاصمة الخرطوم، بمدنها الثلاث، مدينة أشباح، وتسببت في حالةٍ من التشرد ليس لها شبيه في كل الكرة الأرضية، في وقتنا الراهن. وقد صحبت كل تلك المآسي مجاعةٌ تمسك الآن بخناق عشرات الملايين من المواطنين. لقد تسببت الحرب في توقُّف معظم الأعمال التجارية، وفقد معظم الموظفين أجورهم الشهرية في القطاعين العام والخاص. كما تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي بصورةٍ مخيفة. وحدث توقُّفٍ شبه كاملٍ للخدمات الصحية والتعليمية. يُضاف إلى كل ما تقدم، يعيش ثلثا الولايات التي خرجت عن سيطرة حكومة بورتسودان اللاشرعية، فراغًا سياسيًّا وأمنيًّا وقضائيٍّا وتعليميًّا وصحيّا. باختصار شديد، تعيش ثلثا أراضي القطر، بصورةٍ حرفيةٍ، حالة اللادولة.
هذا الوضع الكارثي هو ما هددت به قيادات حزب المؤتمر الوطني الشعب السوداني في إفطاراتهم الرمضانية في مارس وأبريل 2023. وهي تهديداتٌ موثَّقةٌ على أشرطة الفيديو، التي لا تزال مبثوثةً على شبكة الانترنت. فالهدف من وراء إشعال الحرب وخلق هذه الحالة الكارثية، هو تغيير المسرح كليًّا ونقل الأمور إلى مربعٍ جديد يُنسي ويُسقط كل ما كان دائرًا قبل الحرب. خطط مقاومو الثورة من سدنة النظام القديم لإدخال الشعب في كارثٍة لم يشهدها في تاريخه تنسيه الثورة تمامًا، بل وتجعله نادمًا عليها، وتحصر همه في مجرد العودة إلى حالته التي كان عليها قبل الحرب. ولقد نجحت ما تسمى الحركة الإسلامية وذراعها السياسي الذي يسمى المؤتمر الوطني وأداتهم المتمثلة في الجيش والقوى الأمنية في هذه الخطة نجاحًا كبيرًا.
أيضًا كان أحد أهداف الحرب، الثأر من الشعب السوداني الذي تجرأ على الإسلامويين وأطاح برأس نظامهم، عن طريق الثورة التي أشعلها في 19 ديسمبر 2018. لقد نسف مشعلو الحرب كامل الاستقرار الأسري فلم يبق أمام الناس سوى خيارين: الاستسلام الكامل لمخطط عودة النظام القديم إلى الحكم برذائله المعروفة، أو نسيان العودة إلى البيوت والأمن والاستقرار، مرَّةً أخرى، وإلى الأبد. وقد أثبتت هذه الخطة المدروسة تلك التهديدات المتوعدة بالويل والثبور وعظائم الأمور المتكررة التي صدرت من مختلف لقاءات الإفطارات الرمضانية لجماعة المؤتمر الوطني وكتائبهم المسلحة. وهي فعالياتٌ صوروها وبثوها في العديد من أشرطة الفيديو على شبكة الإنترنت. وقد عمدت الخطة، إلى وضع السودانيين أمام خيارين، لا ثالث لهما: إما أن يخضع الشعب لعودتهم إلى الحكم بلا قيد أو شرط، أو نسف الدولة بما فيها ومن عليها. وقد قام الفريق شمس الدين الكباشي، بتلخيص ذلك حين قال: إما دولة وفقًا لفهمهم وإما لا دولة على الإطلاق. وقد كان نص ما قاله بالعامية السودانية: (يا دولة بفهمنا يا مافي دولة).
أدناه بعضٌ من الروابط التي توثق تآمر الكيزان من أجل القضاء على الثورة والعودة للسلطة، من جديد:
https://shorturl.at/p1EZl
https://rb.gy/cze6x0
https://rb.gy/ql7k1d
https://shorturl.at/mdP3L
https://tinyurl.com/2s3zepf2
هل تنجح السلمية دائمًا؟
من الخطأ الفادح أن نظن أن أسلوب النضال السلمي يمكن أن ينجح دائمًا، غض النظر عن اختلاف السياقات. نعم، لقد نجح الحراك السلمي الذي قاده المهاتما غاندي في الهند في تحقيق استقلالها. ولقد نجحت حركة الحقوق المدنية في أمريكا، وهي حركة اجتماعية، عبر عشر سنواتٍ من النضال المستمر، في إجبار السلطات الأمريكية على منح الملوَّنين حقوقهم الدستورية الأساسية. كما نجح الحراك الذي قاده نيلسون مانديلا ورفاقه الميامين في جنوب إفريقيا في إنهاء سياسات الفصل والتمييز العنصري، بعد عشرات السنين من النضال الدؤوب.
ابتداءً من ثمانينات القرن الماضي حدثت في العالم ثوراتٌ سلميةٌ عديدة متزامنةٌ حينًا، ومتتابعةٌ حينً آخر. جرى ذلك أثناء تفكُّك الكتلة الشرقية، وانهيار النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي. وقد أحدثت هذه الثورات، على تفاوتٍ بينها، تغييراتٍ كبيرة. كما جرت في الفلبِّين في عام 1986 ما سميت “ثورة سلطة الشعب”. وقد كانت ثورةً سلمية أنهت نظام الرئيس فيرديناند ماركوس الديكتاتوري، وأقامت محله نظامًا ديمقراطيًا. لكن، تختلف السياقات اختلافاتٍ كبيرةٍ مائزة. فقد ينجح النضال السلمي في بلدٍ ويفشل في بلدٍ آخر، بسبب اختلاف طبيعة الذين يجلسون على دست الحكم. ودعونا نتصور أن حراك الجنوبيين السودانيين الطويل، الذي استمر لنصف قرن،ٍ قد اختار أسلوب النضال الملتزم بالسلمية بصرامة. فهل، يا ترى، كان الجنوبيون سيصلون إلى مفاوضات نيفياشا ويحصلون على حق تقرير المصير، ومن ثم، إجراء استفتاءٍ يحققون به استقلالهم التام، على النحو الذي جرى؟ لقد سبق أن قال الرئيس المخلوع عمر البشير إنهم لا يفاوضون إلا من كانت له بندقية. وهذا ما ظل هو وجماعته يفعلونه، مرارًا وتكرارًا مع مختلف الحركات المسلحة التي جعلوها، بنهجهم هذا، تتكاثر كما يتكاثر الفطر في البرية. لقد ظلوا على هذا النهج منذ أن سطوا على الدولة السودانية في عام 1989، وإلى يوم هذا، ولا يزالون مستمرين فيه. وها هو أبوعاقلة كيلل يصعد إلى رتبة الفريق بين ليلة وضحاها وتنهض وراءه قبيلته، او بعضا منها، ليصبح قائدًا لمليشيا جديدة تتضخم تحت رعاية النظام اللاشرعي الحاكم من بورتسودان.
إن السبب في تعثُّر مسار هذه الثورة مقارنةً بالثورتين السابقتين 1964 و 1985، أن هذه الثورة قامت ضد نظامٍ مؤدلجٍ تقف وراءه منظومةٌ أيديولوجيةٌ كوكبيةٌ، عابرة للأقطار. علاوةً على ذلك، فهي منظومة أمنوقراطية مسلحة حتى أسنانها، تحرس نظامها بالجيش الذي اختطفته وبالمنظومة الأمنية التي تسيطر عليها سيطرة كاملة. بل، وبميليشيات إرهابية متطرفة لا تتورع عن فعل أي شيء. ولكي يضع النظام مختلف المنظومات الأمنية التابعة له تحت المراقبة، استخدم هذه المجموعات الإرهابية المتطرفة ذات التسليح النوعي والتدريب الخاص والخبرات القتالية النوعية وأطلق عليها مسمى “كتائب الظل”. إلى جانب كل ما تقدم، حرس النظام نفسه بشبكةٍ ضخمةٍ معقدةٍ من الوسائط الإعلامية المختلفة ومن الصحفيين المأجورين الذي يفعلون كل شيء من أجل المال ومن أجل الجاه والألق الذي يضفيه التقرب من الحاكم عادةً على كل وصوليٍّ متسلق. بهؤلاء نجح النظام عبر ثلاثين عامًا في اختراق مجالات الفنون كالموسيقى والدراما والأدب والرياضة وتمكَّن من تصعيد منسوبيه إلى قياداتها للسيطرة عليها وتوجيهها لتصب كل أنشطة المجتمع المدني في صالح النظام القائم. إلى جانب ذلك فقد سيطر النظام تمامًا على مناهج التعليم وعلى الخطاب الإعلامي وعلى وزارة الشؤون الدينة والأوقاف، ومن ثَمَّ، على منابر المساجد. وقد زاد على ذلك باختراق الطرق الصوفية والإدارات الأهلية وإدخال شيوخها في دائرة الزبانة الاقتصادية الواسعة التي صنعها.
أيضًا، تقف وراء نظام ما تسمى الحركة الإسلامية، رغم فساده الفاضح والمقرف، إلى جانب منظومة الإسلام السياسي الدولية، التي تنظر إلى السودان بوصفه البلد الأول الذي استطاع الإسلام السياسي أن يضع فيه أقدامه، ولأول مرة منذ أن برز الإسلام السياسي في الأقطار العربية وفي جنوب وسط آسيا. لذلك، فإن محاولات فك قبضة المؤتمر الوطني وتفرعاته عن رقبة الدولة السودانية بثورة ديسمبر 2018 السلمية، كانت عمليةً بالغة العسر، باهظة الكلفة عديمة المردود. ولا يزال باب الكلفة الكارثية فيها؛ من حيث هلاك الأرواح وتبديد الموارد وتدمير البنيات التحتية وتشظي الدولة، مفتوحًا على مصراعيه. وقد أثبتت تجربة الحرب الجارية الآن، التي قاربت العامين، تلك الصعوبة وتلك الكُلفة الباهظة، بما لا مزيد عليه.
لقد مارست قوى الثورة النهج السلمي لإحداث التغيير والتزمت به بصرامة، ودفعت في ذلك دماءً شبابيةً عزيزة غزيرة. وقد خلب ذلك السلوك السلمي المتحضر ألباب العالم، واستحلب، بصورةٍ لافتةٍ، إعجابه وتعاطفه. كما رفع اسم السودان من الوحل اللزج الذي مرَّغه فيه نظام الرئيس المخلوع عمر البشير ومن ورائه ما تسمى الحركة الإسلامية. غير أن ذلك لم يجعل الثورة تحقق أيًّا من أهدافها. فقد اعترض المؤتمر الوطني وذراعه المتمثِّل في الجيش وكتائبهما المختلفة، إضافةً إلى مجموعات المصالح والارتزاق، التي شكَّلت ما سُميت “الكتلة الديمقراطية” طريق الثورة. وقد دخل النظام المصري إلى جانبهم بكل قوته العسكرية المتمثلة في سلاح الطيران، وبقوته الدبلوماسية في التأثير على الدول العربية وعلى المجتمع الدولي وإشاعة أن الجيش السوداني مؤسسة حقيقية حارسة للبلاد ولاستقرارها وأن هزيمته تعنى انهيار الدولة السودانية. وقد اشترت بعض الدول العربية وبعض القوى الدولية هذه البضاعة الزائفة. أكثر من ذلك، تجاوزت مصر في تحالفها مع النظام القديم مجرد الفعل السياسي والدبلوماسي المناوئ للثورة، وخلق الحواضن الشعبية الزائفة الداعمة له، إلى التخطيط لإشعال الحرب الشاملة المدمرة ومد الفريق عبد الفتاح البرهان بالسلاح وبالخبرات العسكرية المصرية بل وبمشاركة الطيارين المصريين في الحرب. أدت كل هذه الجهود الشريرة وما أحدثته من كارثةٍ شاملة فاقت خيال كل متخيل، إلى خلط الأوراق، خلطًا ذريعا. فأدت إلى نقل الجمهور من الاصطفاف حول أهداف الثورة، إلى اصطفاف حول مجرد حلم العودة إلى البيوت وإلى مجرد الرضا بكسب العيش واستعادة الحياة التي فُقدت، غض النظر عن الكيفية البائسة التي كانت عليها ودفعت الناس للثورة. هكذا نجح تحالف البرهان والحركة الإسلامية والدولة المصرية الطامعة في استتباع السودان واستلحاقه في قلب الطاولة على الجميع، بكفاءةٍ تبعث على الإعجاب.
خلاصة القول، إن فرص نجاح الثورة السلمية في السودان، فرصٌ شديدةُ الضمور. فالكيزان لم يقيموًا في يومٍ من الأيام أي وزنٍ للقوى المدنية. وما أكثر ما ردَّدوا أن من لا يملك سلاحًا، لا كلمة له ولا وزن، بل لا وجود له، ولا ينبغي أن يُعبأ به أصلا. إن ما قاموا به من قتلٍ ذريعٍ وحشيِّ للشبان والشابات، اتسم بالتشفي، ومن اغتصاباتٍ وإغراقٍ للكثيرين في النيل مشدودي الوثاق إلى أثقالٍ خرسانية، لم يكن سوى رسالة رعبٍ لكل المدنيين. لقد خططوا بدقة وبتصميم لإحداث صدمةٍ نفسيةٍ هائلة، تخيف جميع المدنيين وتجعلهم يوقنون أَنْ هذه الطغمة الحاكمة التي يريدون إزاحتها عن السلطة ليس لبطشها وفظاعتها واستهانتها بالمدنيين، أي حدود. وقد رفعوا عيار الرعب عقب إشعال هذه الحرب حتى بلغ جز الرؤوس وبقر البطون ونهش الأحشاء ولَوْكَ الأكباد. وما كان الكيزان ليشعلوا حربًا شاملة، لولا أن قوات الدعم السريع قد خرجت عن طوعهم واتخذت لنفسها موقفًا جديدًا مستقلاً تجاه الثورة. انحياز قوات الدعم السريع للاتفاق الإطاري هو الذي أطاش صوابهم ودفعهم للإلقاء في المعركة بآخر أسلحتهم الأكثر فتكًا، وهي الحرب الشاملة وزعزعة أمن السكان إلى أقصى الحدود. وبهذا أسند البرهان والإسلامويون ظهرهم إلى الحائط؛ فإما أن يسحقوا الدعم السريع سحقًا كاملاً، وينصرفوا بعد ذلك إلى السياسيين والناشطين المدنيين، فيصفونهم، فردًا فردًا، وإما أن يواصلوا الحرب حتى تصبح البلاد وأهلها، هشيمًا تذروه الرياح، على قاعدة: “يا دولة بي فهمنا، يا مافي دولة”.
سناء حمد والمبعوث الأمريكي
لقد لخَّصت السيدة، سناء حمد، التي جعل منها المؤتمر الوطني، مفتشًا عامًا للجيش، بلا تأهيلٍ يذكر، فأصبحت تُجلس قادته أمامها وتحقق معهم، هذا النهج الثابت المعتمد على البندقية، في المقابلة التي أجراها معها الإعلامي في قناة الجزيرة، أحمد طه. قالت السيدة سناء: إن حزبها سيقبل قوات الدعم السريع، إن هي قبلت الرجوع إلى طاعتهم من جديد. وعضَّدت ذلك بقولها إنهم مأمورين بفعل ذلك بموجب النص القرآني القائل: “إِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا”، أي إذا قبلت قيادات قوات الدعم السريع الرجوع إلى طاعتهم، فليس أمامهم خيار سوى أن يقبلوا بذلك. وحين قال لها أحمد طه: ولماذا لا تفعلون ذلك مع تنسيقية “تقدم”؟ فارتبكت وقالت بعد فترة صمتٍ قصيرة: “إذا قَبِل الشعب”. ما قالته السيدة سناء حمد أوضح مبلغ الاستهانة التي تنظر بها الحركة الإسلامية وذراعها السياسي حزب المؤتمر الوطني إلى تنسيقية “تقدم” التي ما لبثت أن انقسمت. فالإسلامويون يريدون إعادة قوات الدعم السريع إلى جانهم ليفرغوا لتصفية الثورة والثوار بصورة نهائية. ولا يتعاظم لديهم من أجل تحقيق هذا الهدف أي شيء. فما جرى من بحور الدماء، ومن حالة التشرُّدٍ الملحميّةٍ التي طالت 14 مليونا من سوداني وسودانية، ومن المجاعة الطاحنة التي طالت 25 مليونًا آخرين، ومن الدمار الهائل الذي طال كل شيء، لا يهمهم في كثيرٍ أو قليل. فهم يريدون الاستمرار في حكم السودان منفردين، مهما كانت الكلفة.
من الجهة الأخرى، نجد أن المجتمع الدولي ممثلا في رمطان لعمامرة ، والمبعوث الأمريكي اللَّذين يبدو أن تنسيقية “تقدم” قد كانت تعوِّل عليهما، في تقديم العون لها وإعادة الأمور إلى العملية السياسية ومسارها المدني القاصد نحو التحول الديمقراطي، لم يكونوا في المستوى المطلوب أو المتوقع. فقد وضح، أن الجميع لا يعبأون بـ “تقدم”. وكل الدعوات للمفاوضات القاصدة لإنهاء الحرب كان يجري تقديمها لقوات الدعم السريع وقيادات الجيش. لقد حضر الجيش لقاء جدة وجيبوتي والمنامة وتنصل من مقرراتهما. ولم يحضر في دعواتٍ أخرى، مصرًا على مواصلة الحرب. هذا، في حين حضرت قوات الدعم السريع كل اللقاءات التي دعيت إليها، مبديةً كامل استعدادها لوقف الحرب. لكن، وللغرابة، مع هذا التهميش المزدوج والتغييب الكامل عما يجري، نجد تنسيقية “تقدم” التي أصبح الشق المتبقي منها يسمى “صمود”، قد بقيت ممسكةً بالعصا من المنتصف، عاكفةً على عبادة صنم السلمية غير المنتجة في هذا السياق المفكك، مستعيضة عن الموقف الصحيح، والفعل الثوري المنتج، بدبيج التصريحات الإنشائية والمناشدات المتَّسمة بالضراعة. وانتهى بها الأمر لتبهت أكثر وأكثر، ويصبح غالب نشاطها لا يتعدى محاولات جلب مساعداتٍ إنسانيةٍ لم يعرف المجتمع الدولي إلى الآن، كيف يوصلها إلى مستحقيها، في ظل خداع وتعنت البرهان وقبيله منزالإسلامويين وعاداتهم المرذولة المعروفة عنهم في سرقة المساعدات الإنسانية، ومنع الرقابة الدولية على مسارات إنسيابها.
(يتواصل)