البرهان يجهض “نداء حمدوك” لوقف الحرب في السودان

تتضاءل فرص نجاح المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار في البلاد، يتم عبر لقاء يجمع بين قائدي الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”بحضور إقليمي ودولي.

ويتوقع محللون سياسيون أن يصطدم نداء “حمدوك” لوقف الحرب الدائرة في البلاد التي اقتربت من إتمام عامها الثاني، بعقبة رفض قائد الجيش، الذي سبق وأن رفض التعاطي بإيجابية مع كل المبادرات الإقليمية والمساعي الدولية بهذا الخصوص.

فبعد أقل من شهر على اندلاع الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع”، بادر رئيس الوزراء السابق، بإجراء اتصالات مباشرة بقادة الطرفين، يدعوهما للجلوس والتفاوض لوقف الحرب، حينها لم يجد أي استجابة من قادة الجيش.

لاحقًا ترأس حمدوك تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” أكبر ائتلاف سياسي وعسكري مناهض للحرب في البلاد، قبل خروج مجموعة منه والانضمام لتكتل تحالف السودان التأسيسي، لتشكيل حكومة السلام والوحدة.

قال المحلل السياسي حاتم إلياس، لــ”إرم نيوز” إن مدى نجاح دعوة رئيس الوزراء السابق، لعقد اجتماع يضم الطرفين المتقاتلين، يبدو أنه يعتمد في الأساس على ثقل الدعم الدولي الذي يمكن أن يقف وراء هذه المبادرة لإنجاحها.

وأضاف أن حمدوك الذي يرأس حاليًا “تحالف صمود”، يعلم تمامًا أن دعوته لوحدها لن تنجح في جمع الأطراف المتقاتلة، لذلك أقترح أن يتم الاجتماع تحت مظلة “مجلس الأمن الدولي” و”مجلس السلم والأمن الإفريقي”، للاستفادة من الضغوط الإقليمية والدولية لدفع البرهان وحميدتي للجلوس إلى طاولة المفاوضات وجهًا لوجه لوقف الحرب.

ورأى إلياس أن نجاح نداء أو مبادرة رئيس الوزراء السابق يرتبط بتوفر الإرادة السياسية لطرفي النزاع، وعلى وجه الخصوص “حكومة بورتسودان”، مشيرًا إلى أن قائد الدعم السريع” حميدتي”، كان دائمًا ما يبدي استعدادًا لأي تفاوض يؤدي إلى إنهاء الحرب على نحو عاجل، ولم يرفض أي مبادرة في هذا الصدد، لكن التعنت كان دائمًا يأتي من طرف قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان.

وقال إذا وجد نداء حمدوك استجابة من مصر، قطعًا سيجد القبول والترحيب من قبل حكومة بورتسودان.

وقال قيادي سياسي بارز في “تحالف السودان التأسيسي” إن فرص الاستجابة لنداء رئيس الوزراء السابق، لإحلال السلام عبر اجتماع دولي وإفريقي ضئيلة جدًا، وبلا شك ستجد الرفض من قبل حكومة بورتسودان التي لا ترغب في أي حل سلمي متفاوض عليه لإيقاف الحرب.

ورأى القيادي الذي فضل حجب هويته أن حمدوك أقرب إلى المجموعات التي اتفقت على تشكيل حكومة بنظام علماني ديمقراطي لامركزي، وهي نصوص تتطابق مع ذات الاتفاقيات والمواثيق التي سبق أن أبرمها مع فصيل الحلو و”حركة عبد الواحد النور” خلال رئاسته تنسيقية تقدم.

وأشار إلى أن كل المحاولات الإقليمية والدولية لاستمالة قائد الجيش السوداني للمساهمة في إيقاف الحرب استنفذت، ولم يبقَ أمام القوى الوطنية سوى العمل على إنهاء هذه الحرب بتكوين حكومة تعبر عن تطلعات الشعب السوداني.

من جانبه قال المحلل السياسي والإعلامي، الجميل الفاضل، إنه يعتقد أن الأحداث الجارية حاليًا، بعد قيام “تحالف السودان التأسيسي”، وتوقيع أطرافه في العاصمة الكينية “نيروبي” على الميثاق السياسي والدستور الانتقالي، لتشكيل حكومة “السلام والوحدة” في البلاد، هذه الخطوات تجاوزت عمليًا محطة النداءات والمناشدات لما كان يعرف بطرفي القتال.

وأضاف أن ما جرى في “نيروبي” خلال الأسبوعين الماضيين، أنتج واقعًا جديدًا لا يمكن القفز عليه لإعادة الأوضاع إلى ما قبل ذلك، وتجاوز بالفعل المنهج والطريقة التي درج “حمدوك” وتحالفه على التعاطي بها مع التطورات طوال عامين كاملين.

وذكر الفاضل أن تعويل رئيس الوزراء السابق المستمر على المجتمعين الدولي والإقليمي، كوسيلة وحيدة لحلحلة أزمة السودان المعقدة والمركبة في ذات الوقت، يعد خيارًا قد تجاوزته الأحداث بدرجة بعيدة.

ورأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، لن يكون مفهومًا أن ينفض قائد الدعم السريع، “حميدتي” وقائد الحركة الشعبية لتحرير السودان، عبد العزيز آدم الحلو، يديهما عن اتفاقات ومواثيق لم يجف حبرها بعد، ويذهبا وراء نداء “حمدوك” وهي لقاءات جربت من قبل في منبر جدة الأول والثاني وفي مبادرة المنامة.

وأشار إلى أن المسيرات الحاشدة التي خرجت في عدد مدن أقاليم النيل الأزرق وكردفان ودارفور، مؤيدة وداعمة بشدة لتشكيل “حكومة السلام والوحدة” في كل أنحاء البلاد، يجعل من الصعب على قادة “تحالف السوداني التأسيسي” الاستجابة لطلب حمدوك المغلف بديباجات “مجلس الأمن الدولي” و”مجلس السلم والأمن الإفريقي”.

ورأى الفاضل أن قطار التاريخ قد بدأ بالفعل في تخطي محطة مثل هذه الحلول المثالية نوعًا ما – على حد تعبيره.

عقب إطلاقه النداء، أعلن “حمدوك” أنه سيشرع فورًا في التواصل مع الأطراف السودانية العسكرية والمدنية، وحشد الدعم الإقليمي والدولي لتنفيذ هذه الخطوات.

وكان رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك دعا في مبادرته إلى اتخاذ إجراءات بناء الثقة وتهيئة المناخ لإنهاء الحرب، بالاتفاق على آليات مراقبة فعالة لوقف إطلاق النار بما فيها نشر بعثة سلام إقليمية ودولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى