تَشْكِيلُ حُكومةُ مدنية يُعد حتميّةٌ مُلَحّه وأمر لاَ مَنَاصَ مَنْه

تَشْكِيلُ حُكومةُ مدنية يُعد حتميّةٌ مُلَحّه وأمر لاَ مَنَاصَ مَنْه
دكتور خالد عبيد
فِي ظِلّ الحَرْبٌ الضَرُوسٌ التي مَا زَالَت تدور رحاها إلى يوم الناس هذا؛ أضْحَى تشكيل حكومة مدنية ضرورة قصوى تمليها عوامل عديدة ومتباينة
وهناك ايضا مهام مدنية عظيمة وجليلة تخص المدنيين ملقاة على عاتق الدعم السريع تستدعي تشكيل حكومة وبصورة عاجله يُسَيطُر الدعم السريع علي ثمانين في المئة 80% من أرض السودان وهي رقعة جغرافية شاسعة يقدر عدد سكانها بحوالي 35 مليون نسمة ونيف، مهمشه، حُرمت من معظم الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والأمن رغم ذلك تم إقصائها من اتخاذ القرارات السياسية ذات الطابع السيادي منذ بزوغ فجر(دويلة ٥٦) إذ استاثرت النخبة الشمالية التي لا يتجاوز تعداد سكانها (اثتين مليون نسمة) بالقرار السياسي وقامت باحتكار مقاليد الحكم والقيادة في كل الأحزاب السياسية وبعقلية إقصائية مسنودة بآلة العنف (الكلية الحربية) التي هي بدورها تدار عبر هذه النخب التي رهنت إرادة البلاد إلى جارة السوء مصر لذا استعادة السيادة والإرادة الوطنية يعد سبب جوهري لتشكيل حكومة تحظى بالقبول الشعبي من لدن الحاضنه الشعبية (٣٥مليون نسمة) يجمعهم التهميش والإقصاء وقطعاً هذا القبول الشعبي سيشكل أرضية للاعتراف الدولي لاحقاً.
عطفاً على ما سبق، الملاحظ في الآونة الأخيرة استهدفت عصابة بورتسودان الأسواق بشكل ممنهج فتعطلت التجارة وشُلّت حركة الصادر والوارد وغابت خدمات الأمن والتنقلات والاتصالات وكذا الخدمات الصحية والبيئية والتعليمية والاجتماعية وانعدمت سيادة القانون وتعطلت الأحكام القضائية وانفرط عقد الامن، واندثرت المصارف والبنوك والمؤسسات والشركات فخَرَّت العملة صَرِيعة واستُبدلت نكايةً، وسرقه لموارد الهامش العريض وانمحق الغذاء والكساء وتعطلت أوراق اثبات الهويه من جوازات ورخص قياده وبطاقات وطنية كل هذه العوامل وأكثر تحتم على الدعم السريع إقامة حكومة مدنيى تضطلع بمهامها وواجباتها تجاه المواطنين.
منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل لا يخفى على القاصي والداني استهداف وقصف مقدرات الأمة السودانية ومكتسباتها من بنيه تحتيه ومرافق خدمية ومصانع تحت غطاء الطيران الحربي المصري الغاشم مما أسفر عن أضرار شاملة وكاملة لهذه المرافق ونفاد للموارد الأساسية فأضحت هناك حاجه ملحة للإغاثة لذا تشكيل حكومة سيساعد في تنسيق جهود الإغاثة وإعادة بناء البنية التحتيه مع ضمان التوزيع العادل للموارد.
من نافلة القول أن يتصل شأن المواطنين بالتنظيم والإدارة والحكم، أظهر النزاع الجاري -وبما لا يدع مجالا للشك – حوجة المواطنين إلى من ينظم شؤونهم ويديرها وهي حوجه ماثله وملحه وقديمه قدم الخليقه فلا تستقيم حياة السكان المحليين بدون توفير الأمن والخدمات الأساسية مثل التعليم، الصحة، المياه، والكهرباء. تشكيل حكومة يساعد في تأمين هذه الخدمات.
ظلت دويلة ٥٦ مهدد أمني لكل شعوب السودان فاعملت عقلها الإجرامي فتنا ونزاعات وفوضي إجرامية وحروب ممنهجة لم تسلم منها شعوب السودان في وهادها وسهولها ووديانها المترامية الأطراف فـ (دويلة ٥٦ )غير مؤتمنة على السودان والسودانيين تشكيل حكومة سيكون الضامن الأوحد للاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي ويساهم في تقليل الفوضي والاضطرابات.
ثمة أمرٌ لا يتناطح فيه كبشان، منذ تاسيس دويلة ٥٦ ، وهو عمالة القوى السياسية السودانية ورهنها لإرادة السودان والسودانيين لمصر. هذه الخيانة الوطنية التاريخية لن نستطيع القضاء عليها إلا بتشكيل حكومة من لدن ثورية الدعم السريع .
إذا تشكيل حكومة سيساعد في الحفاظ على السيادة الإقليمية، خاصة في ظل أطماع مصر واريتريا الغير مخفية في السودان وستكون هذه الحكومة بمثابة الممثل الشرعي للشعب وكذلك أمام المجتمع الدولي.
من شعائر الإنسانية -بداهة – رعاية حقوق الإنسان وصيانتها والزود عنها لا سيما مع العسف والإساءة التي تمارسها دويلة٥٦ من سن قوانين تكرس للعنصرية وتقننها مثل قانون (الوجوه الغريبة) الذي جراءه سحل وقتل أكثر من 150 ألف سوداني من أبناء الهامش العريض وما زال مثلهم يقبع في سجون دويلة ٥٦ تحت ظل طروف مهينة ومنتهكة لإنسانية الإنسان السوداني، تشكيل حكومة يعد الطريق المفضي لترسيخ حقوق الإنسان ويضمن حماية هذا الحق الانساني وتعزيز ضماناته ويمكن من خلال هذه الحكومة تحسين الوضع الحقوقي للسكان، والعمل على حماية المدنيين من الانتهاكات والممارسات القمعية والسعى الجاد نحو تحسين العدالة والمساواة.
اختطف (الاسلاميون ) الإرهابيين الجيش بعد تقلدهم مقاليد السلطة في الثلاثين من يونيو 1989ولعل حرب الخامس من ابريل أظهرت الوجه الحقيقي للارهاب في السودان واتضح ان كتائب الاسلاميين الأرهابية هي التي تدير دفة الحرب وتمسك بزمام الأمور فرأينا بقر البطون واجتثاث الرؤوس ونحر الاعناق في موجه ارهاب لم يشهدها تاريخ السودان قاطبه وبعد هزيمة جيش ٥٦ قصدت الحركة الإسلامية الي فتح بوابة السودان علي مصرعيها لكل حركات الإرهاب الإقليميه والدولية التي تقاتل جنب الي جنب مع كتائب البراء التي تمثل مهددا امنيا تشكيل حكومة يسهل من القدرة على التنسيق مع القوات العسكرية والشرطية من أجل معالجة التهديدات الأمنية المختلفة، مثل الجماعات المسلحة أو الجماعات الإرهابية التي تهدد الاستقرار.
ما فتِئ التهميش المتعمد هو القاعده والعدل استثناء فلا عجب أن يتطلع أبناء الهامش العريض بأشواق سياسية إلى تمثيل سياسي يعبر عن مصالحهم. تشكيل حكومة قطعاً سيساعد في توفير هذا التمثيل، ويدعم أي مفاوضات اقليمية أو دولية من أجل تحسين وضعهم.
في رأي، الظروف الاستثنائية التي يعيشها السودان وتفويض مبدأ سلامة المواطنين وامنهم يشكلان ركيزة أساسية لاستعراض الدواعي التي ستفضي إلى تشكيل حكومة بمقتضاها ينبغي ويجب تكوين حكومة مدنية تحافظ على وحدة السودان وأراضيه من (بورتسودان) إلى (الطينة) من (الليري) إلى (اشكيت) والأهم منذلك تكوين جسم لمراقبة اداء الحكومة ومحاسبتها وفق قوانين ولوائح صارمه تتفق وظروف الحرب.
لندن