ما أسباب تراجع البرهان عن تصريحاته حول مشاركة الإسلاميين في الحكم؟

تعهد قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، قبل أسبوع بعدم السماح لحزب المؤتمر الوطني بالعودة إلى الحكم، إلا أنه تراجع عن هذا التعهد بشكل مفاجئ، مما يفتح المجال أمام الحزب للمشاركة في الحياة السياسية والسلطة.

هذا التغيير في الموقف يعكس حالة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد، حيث تتزايد الضغوط على البرهان من مختلف الأطراف السياسية والعسكرية.

في سياق متصل، اعتبر مراقبون أن تصريحات البرهان قد تشير إلى بداية فك الارتباط بين الجيش والحركة الإسلامية، لكن المفاجأة كانت في كلماته أمام مقاتلي كتيبة البرق الخاطف، التي تعد واحدة من المجموعات المسلحة المرتبطة بالإسلاميين. حيث أكد البرهان أن كل من قاتل إلى جانب الجيش سيكون له دور في أي مشروع سياسي مستقبلي، مشددًا على عدم استثناء أي طرف من هذا التعاون.

من جانبه، أشار صلاح مناع، مساعد رئيس حزب الأمة القومي، إلى أن البرهان يتعرض لضغوط تؤثر على تصريحاته، حيث يدلي بتصريحات في الصباح ثم يتراجع عنها في المساء.

وذكر مناع عبر منصة إكس، أن البرهان قد يكون تلقى تهديدات من شخصيات بارزة مثل علي كرتي، مما دفعه إلى التأكيد على أن الإخوان والحركة الإسلامية سيكونون شركاء في الحكومة المقبلة، مما يعكس التوترات الداخلية التي تعصف بالعملية السياسية في السودان.

مناورة سياسية

اعتبر المحلل السياسي، داوود خاطر، أن تصريحات البرهان كانت منذ البداية مناورة غير جادة، مشيرًا إلى أنه لم يكن عازمًا على منع الحركة الإسلامية، لأنه يتبع تعليماتهم، وفق قوله.

وأوضح خاطر، في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن الحركة الإسلامية لن تقبل بتصريحات البرهان حول منعها من الحكم، حتى لو كانت مجرد مناورة، لأنها تعيد تشويه صورتها في عيون الشعب السوداني بعد أن اعتقدت أنها استعادت قوتها خلال الحرب.

وأضاف أن الحركة الإسلامية تعتبر أن استمرار الحرب هو فرصة لاستعادة ثقة الشعب فيها، لكن ردود الفعل الإيجابية من الشعب على تصريحات البرهان السابقة دفعها للضغط عليه للتراجع.

وتابع بأن قيادة الحركة الإسلامية اجتمعت بالبرهان وأعطته توجيهات، ومن المعروف أنه يستجيب لهم منذ توليه السلطة بعد سقوط البشير.

رسائل مضللة

بدوره، رأى المحلل السياسي صلاح حسن جمعة، أن البرهان لا يتحدث إلا بلسان الإسلاميين، مشيرًا إلى أن تصريحاته السابقة لم تكن موجهة ضدهم، بل كانت موجهة لقوى سياسية شاركته في انقلاب 2021 وتسانده الآن في الحرب.

وقال جمعة لـ”إرم نيوز” إن تصريحات البرهان حول منع حزب المؤتمر الوطني من العودة إلى السلطة كانت محاولة لإرسال رسائل مضللة إلى القوى الإقليمية والدولية، لتظهر بأنه تخلى عن الإسلاميين ويدعو إلى حوار وطني شامل.

وأشار إلى أن البرهان كان يسعى، من خلال تصريحاته، إلى كسب دعم الاتحاد الأفريقي لفك تجميد عضوية السودان، خاصة قبل القمة الأفريقية الأخيرة.

وأضاف أن البرهان اعتاد على تقديم وعود بإعادة السلطة للمدنيين، لكنه استمر في العمل وفق أجندة الإسلاميين، ويدعم استمرار الحرب بشعارات حماسية.

وأوضح جمعة أن ردود فعل الإسلاميين على تصريحات البرهان هدأت بعد أن تراجع عنها، حيث هددوا بالعواقب إذا تم عزلهم من المشاركة السياسية.

وختم بالقول: “سيستمر البرهان في المناورة، لأنه لا يمتلك القرار بمفرده كقائد للجيش، بل القرار يعود للتنظيم الإسلامي والكتائب التي تقاتل جنبًا إلى جنب مع الجيش.”

خريطة طريق جديدة

يجدر بالذكر أن البرهان، في حديثه السابق، أكد أن المقاتلين مع الجيش “لا تطمح لهم مطامع سياسية”، وحذر حزب المؤتمر الوطني من استغلال المقاتلين لتحقيق مكاسب سياسية، قائلًا: “لن تعودوا إلى الحكم على جثث السودانيين.”

وفي اليوم التالي لتلك التصريحات، أعلنت وزارة الخارجية السودانية عن خريطة طريق لما بعد الحرب، تتضمن: إطلاق حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية، وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لإدارة الفترة الانتقالية، وإجراء تعديلات دستورية ضرورية وإجازتها عبر القوى الوطنية، بالإضافة إلى اختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي دون تدخل عسكري.

لكن مع تراجع البرهان عن تصريحاته، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى التزامه بهذه الخريطة، وما إذا كان الجيش سيظل خاضعًا لسلطة الإسلاميين في المستقبل؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى