خبراء: حكومة بورتسودان تناور بخريطة طريق لمنح البرهان الشرعية
![](https://i0.wp.com/www.assayha.net/wp-content/uploads/2025/02/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
وصف خبراء خريطة الطريق التي طرحتها سلطة بورتسودان الخاضعة لسلطة الجيش، بأنها “مناورة سياسية” لكسب التعاطف الداخلي وتضليل الخارج، ومنح قائد الجيش عبد الفتاح البرهان شرعية تمثيل السودان في المنظمات الإقليمية والدولية.
وقال الخبراء، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، إن البرهان يسعى من خلال طرح خريطة الطريق هذه، إلى فك تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، ومنح سلطة بورتسودان شرعية التمثيل في المنظمة، وذلك قبل إعلان الحكومة المدنية المنتظر تشكيلها في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
وكانت وزارة الخارجية في حكومة الجيش السوداني، أعلنت يوم الأحد عن طرح “خريطة طريق للإعداد لمرحلة ما بعد الحرب واستئناف العملية السياسية الشاملة”.
وأوضحت في بيان أن خريطة الطريق تشمل “إطلاق حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية، والترحيب بكل من يقف موقفاً وطنياً وينحاز للصف الوطني”.
كذلك تشمل الخريطة “تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستئناف مهام الفترة الانتقالية، وإعانة الدولة على تجاوز تبعات الحرب، وإجراء التعديلات اللازمة في الوثيقة الدستورية، وإجازتها من القوى الوطنية والمجتمعية ومن ثم اختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون تدخل”.
وأشارت الوزارة إلى أن خريطة الطريق تشمل “تأكيد حرية الرأي والعمل السياسي دون هدم للوطن أو المساس بالثوابت الوطنية، وعدم حرمان أي مواطن من حقه في الحصول علي جواز السفر”.
وجاء طرح “خريطة الطريق” بعد أقل من 24 ساعة على حديث سياسي لقائد الجيش جاء مختلفا عما درج عليه منذ بداية الحرب قبل حوالي سنتين.
وأعلن البرهان يوم السبت عن إلغاء قراراته السابقة بشأن حرمان عدد من السودانيين من الحصول على جوازات السفر، بحجة انتمائهم لقوات الدعم السريع.
كما هاجم للمرة الأولى حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عهد الرئيس السابق عمر البشير، وقال إنه لن يستطيع أن يعود إلى الحكم على أشلاء السودانيين، في وقت تلاحق فيه هذا الحزب الاتهامات بإشعال الحرب التي ينخرط فيها بعدد من الميليشيات المسلحة.
مبادرة لاستمرار الحرب
وتعليقاً على ذلك اعتبر المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان “تقدم”،، ان ما طرحته وزارة الخارجية مبادرة لاستمرار الحرب؛ لأنها تسعى لتنصيب البرهان رئيسا والقضاء على قوات الدعم السريع، وفق قوله.
وقال الجاك في تصريح لـ”إرم نيوز” إن “ما ورد من شروط في بيان وزارة الخارجية يعني عمليا الطريق لإنهاء الحرب حسب رغبة حكومة بورتسودان، واستسلام قوات الدعم السريع واختفاءها من الوجود، وتنصيب البرهان رئيسا بمباركة القوى السياسية التي دعمت الانقلاب”.
وأضاف “هذا عمليا يعني استمرار الحرب، وبذلك لا يمكن القول إن هناك مبادرة أو رؤية جديدة خلاف ما هو معلوم”.
وحول حديث قائد الجيش الذي سبق طرح خريطة الطريق، قال الجاك: “البرهان تحدث بروح إيجابية لكنه ما زال يتمسك بالحسم العسكري كصيغة لإنهاء الحرب”.
قيد الدراسة
من جهته أعلن رئيس تحالف القوى المدنية لشرق السودان، صالح عمار، أن خريطة الطريق المعلنة من الخارجية، قيد الدراسة من قبل مكونات التحالف، ولا يوجد موقف رسمي حولها بعد، مضيفا “سنرد عليها إذا اقتضى الأمر بعد الدراسة والتشاور”.
وقال عمار في تصريح لـ”إرم نيوز” إن التحالف يرحب من حيث المبدأ بأي خطوات تتجه نحو الحوار، لنقل البلاد من محطة الحرب إلى السلام.
وأضاف أنه “مطلوب من البرهان القيام بعدد من الخطوات العملية، على رأسها وقف الانتهاكات التي يقوم بها الجيش والميليشيات المختلفة، خصوصا ميليشيات الحركة الإسلامية”.
وأكد أن البرهان مطالب أيضا بفك الارتباط الكامل مع الحركة الإسلامية التي يقودها علي كرتي، وطردها من السلطة السياسية في بورتسودان، والحفاظ على الجيش كقوة تعبر عن كل السودانيين، وليس عن الحركة الإسلامية أو أي تيار سياسي أو فكري.
وأشار إلى أن المطلوب من البرهان كذلك التعاطي الإيجابي مع مبادرات وقف الحرب وإحلال السلام وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب السوداني.
وتابع “إذا كان البرهان إيجابيا مع هذه الأشياء فبلا شك سيكون المجال متاحا ومهيأ للحوار الحقيقي الذي يقود إلى حل المشكلة السودانية”.
تضليل المجتمع الدولي
بدوره، رأى المحلل السياسي، داؤود خاطر، أن خريطة الطريق التي طرحتها سلطة الجيش السوداني، لا تعدو كونها مناورة سياسية لكسب تعاطف القوى السياسية بالداخل، بغرض تضليل المجتمع الإقليمي والدولي.
وقال لـ”إرم نيوز” إن خريطة الطريق المطروحة هي رسالة موجهة إلى الخارج أكثر من الداخل، مبينا أن هدف البرهان الأساسي من هذه المناورة هو قبول الاتحاد الأفريقي طلباته العديدة التي أرسلها بغرض فك تجميد عضوية السودان في المنظمة والحصول على الشرعية التي ظل يبحث عنها منذ انقلابه على الحكومة الانتقالية في أكتوبر 2021.
وأوضح أن البرهان يريد أن تحصل سلطته على عضوية الاتحاد الأفريقي، قبل إعلان الحكومة الموازية المنتظر تشكيلها في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، حتى لا تحوز هي على شرعية تمثيل السودان في المنظمات الإقليمية والدولية.
وأضاف خاطر أن “خريطة الطريق لا تخرج من سياق المناورة وكسب الوقت، ولا تختلف كثيرا في مضامينها عن المناورات التي كان يطرحها الرئيس السابق عمر البشير، كلما مرّ بأزمة هددت سلطته”، مؤكدا أن الحكومة المدنية تمثل المهدد الحقيقي لسلطة البرهان في بورتسودان.