زراعة الأحقاد
صفاء الفحل
نجحت حملة (الحقيقة والمصالحة) التي نفذتها الدولة بمساعدة المجتمع الدولي بكل قوة وشفافية في أن تتجاوز رواندا تداعيات حربها الأهلية الطاحنة وتستقر وتتحول اليوم إلى أفضل إقتصاد أفريقي فدون المحاسبة الشفافة والقصاص العادل ما كان لها أن تتجاوز تلك المحنة الكبيرة فالأحقاد لا تنتهي إلا بعد تحقيق (العدالة) ودون ذلك لظلت روندا تدور حتي اليوم في دائرة العنف والعنف المضاد فلا أحد يصمت عن (الظلم) مهما تعاظمت القوة الغاشمة التي تحميه ولا يضيع حق خلفه مطالب الا من خلال (العدل) الحقيقي الشفاف غير المنحاز لطرف من الأطراف ..
وحملة العداء المطلق للقوى المدنية وشباب ثورة ديسمبر وبعض الأعراق والمجموعات التي تنادي بإيقاف هذه الحرب العبثية وعودة الحكم المدني الديمقراطي والتي تقودها الفلول من خلال إعلام كثيف للعودة والسيطرة على الحكم تجنباً لإنفاذ (العدل) ومحاسبة كل من أجرم في حق الوطن والمواطن وإغراق البلاد بالعديد من (المغيبين) الذين يتم تصويرهم في مناظر بطولية زائفة بالذبح والتنكيل بكل من تقع عليه يدهم وتحويلهم في لحظة غيبوبة إلى قتلة مطلوبين للعدالة مع ايهامهم بألا محاسبة أو قصاص إذا ما انتهت الحرب بانتصار اللجنة الإنقلابية وتسيد الفلول للمشهد السياسي أوهام لن تكون فلكل جرم عواقب سيتحملها من ارتكب ذلك الجرم يوماً والا فإن فوضى الانتقام وتحقيق العدالة باليد لن تتوقف ونحن نعيش في عالم يحكمه اليوم (الحق والعدل) وليس قانون الغاب كما يحاولون تصوير ذلك لهؤلاء المغيبين.
وميزان العدالة السودانية القادم ينوء بجرائم طرفي الحرب وألا يتصور طرف منهما بأنه ناجي من تلك المحاسبة والقصاص مهما تدثر بغباء الوطنية أو إعادة الديمقراطية الكذوب أو استقوى بالاستيلاء علي قمة السلطة فقد مات وتشرد نصف هذا الشعب المغدور به تحت هدير نيران أطماعهما معاً ولا عاصم لهما من العدالة مهما كانت المبررات والعدالة والمحاسبة الشفافة والعلنية لكل من ارتكب جرما مهما كانت مكانته أو وضعه هو السبيل الوحيد لإعادة اللحمة الوطنية ورتق النسيج الاجتماعي الذي مزقته هذه الحرب وقبلها الفترة الكيزانية السوداء من عمر الوطن .
والمناداة بالمحاسبة والقصاص لا تمثل نوعاً من الإنتقام أو التشفي أو الصراع السياسي، بل أمر ضروري لإعادة الموازين المختلة والأصوات الرافضة لهذا المبدأ تنطلق من قناعتها بان الأمر سيطالها وتعمل على إسكات الأصوات المنادية به وبالتالي تعمل علي إشعال المزيد من النيران كلما خمدت وفي المشهد السوداني تتزايد أعدادها كل صباح بسبب الجهل والغباء والأطماع، ولكن في النهاية فإنه لا يصح الا الصحيحرحلات السودان
سؤال في العصب:
وثورة الوعي لابد أن تستمر من مستقبل أفضل للوطن ..
والمحاسبة والقصاص يجب أن تظل أمر حتمي ..
والرحمة والخلود لشهدائنا الابرار ..
الجريدة