إستجابة!!
صباح محمد الحسن
طيف أول :
متاهة قنوط
تضاءلت قبلها الأحلام الهابطة، وتلاشت تزامنا مع الأنفاس المحتضرة!!
وينقل البرهان الصراع من “عسكري عسكري” الي صراع “سياسي سياسي” وهذه هي وصفته التي درج عليها لتمرير أهدافه “خلط الأوراق”
وذكرنا أن الخطة الدولية لإستقرار السودان أساسها في المقام الأول إخراج الكيزان من المعادلة السياسية، وما يحدث الآن هو أن البرهان كشف فقط عن قبوله للسيناريو القادم وأكده في خطابه كرسالة واضحة للعالم أنه “يستجيب”
وتظل الفلول كالعادة غائبة في ساحة الإدراك المسبق، وتأتي دائما متأخرة لتعبر عن مايباغتها بهذه ” المناحة”.
والغريب في أمرها أنها وبعد أن أصابها (مغص معوي) بعد خطاب البرهان الذي لفظها بعيدا كي ينجو، يفوت عليها أنها من أشعلت الحرب وقتلت ودمرت الوطن، ومع ذلك تعشم في الحكم مستقبلاً!! وهذه أكثر الحيل السياسية سماجة لشركاء الحرب الذين عجزوا عن تحقيق النصر بالسلاح، وتروادهم الأحلام مجددا بتحقيقه سياسياً.
والإنذار للفلول أن الأيام القادمة لهم ربما تكون أكثر قساوة عليهم لأن البرهان بخطابه أمس رفع حماية وغطاء الجيش عنهم وتركهم بلا هوية على ميادين الصراع سيما أنه اختار توقيت خطير وهو أن الحرب لم تنته بعد ما يعني أنه يمكن لأي جهة خارجية أو داخلية أن تتبرع في مقبل الأيام المقبلة لإستهدافهم ميدانياً، لطالما أن الميدان أصبح لا يمثل الجيش وردة فعلهم تؤكد أنهم خاضوا الحرب من أجل السلطة والحكم، وليس دفاعاً عن الوطن والمواطن ويقولون أنهم الذين خاضوا الحرب مع الجيش وساندوه، وفي الحقيقة أن الجيش هو الذي خاضها معهم !! لذلك يجب ان لايمنوا عليه بوقوفهم بجانبه والخطة الدولية إن لم يستجب البرهان فهي واقعة وخطابه ما هو إلا رسالة للعالم يكتبها على واجهة المحال التجارية للبيع السياسي في سوق (مفروش) ولسان حاله يقول للمجتمع الدولي (كل ماتريده فأنا جاهز لعقد أي صفقة للقضاء على الإخوان حتى ( ينفد بجلده)، ولكن الآذان غطت مسامعها على هذا العرض السخي فالعالم تجاوز البرهان وفلوله.
ولأنها رسالة خارجية يمارس فيها “القفز العشوائي”، فإن الحرب تجُب ما بعدها من تخطيط سياسي ولايمكن أن يستقيم الأمر بتشكيل حكومة في ظل الحرب.
ولو كان الجنرال حسم حربه فعلاً لعاد من بورتسودان إلى الخرطوم العاصمة، وأثبت القضاء على التمرد، وأعلن عن تشكيل حكومة، فإعلان الحكومة مابعد إنتصار السلاح، لايراعي فيه المنتصر مشاعر القوى السياسية ولكن وضع حساب لها ونية المصالحة معها تعني أن الحل سيكون سياسياً وليس عسكرياً.
!!
فلماذا يترك البرهان ضروريات ما تقتضيه الحرب ويشغل نفسه بالسياسة، تحت سماء مازالت تغطيها سحب البارود، لكنها رسالة للمجتمع الدولي مفادها أنه جاري تنفيذ الطلب ولا بد أن يغلفه بذكر تقدم والحرية والتغير للتمويه حسب قوانين اللعبة.
فالمنتصر في ميادين الحرب لا يبحث عن مصالحات سياسية لامع عدو ولامتعاون!!
ولو أراد البرهان المصالحة مع القوى السياسية فلماذا خاض حربه ضدها!!
فهل من المنطق أن يعود إلى ذات المربع الأول!!
ولابد أن يرفع الإتهامات التي ألقت بها نيابة الفلول على القوى السياسية ليس الأمر لأنه يعفو او يرضى ، ولكنها تعني قبوله لخارطة الطريق الدولية بعودة الحكم المدني الديمقراطي وهذا لن يتم تحت رعاية وإشراف قوى مدنية تلاحقها الإتهامات إنما قوى مدنية حرة تكون جزءاً من تنفيذ الخطة بالداخل، إن كانت ستشارك في الحكم أو حتى إن لم تشارك فيه فهذه ليست القضية لكن لأن ماسيتم تنفيذه يحتاج إلى هذه القوى السياسية وهنا يبحث البرهان عن مخرج لتراجعه عن الإتهامات بقوله لو اعلنت هذه القوى ان لاعلاقه لها بالدعم السريع)، وهذا هو صغر فكرة يقابله إستهزاء بالعقول.
وأكثر ما يجعلك تشفق على حالة الجنرال أنه عدَّ كل الذين سيتم إستبعادهم عن الحكم مستقبلاً إلا نفسه!!
فكل مايبعد الذين ذكرهم عن الحكم يبعده.
ومن قبل تحدثنا عن حكومة تكنوقراط بدستور انتقالي ببرلمان شعبي يحرسها جيش مهني واحد وهذا هو الإتفاق الذي نص على إبعاد الاسلاميين والعسكريين عن الحكم والدفع بشخصية قومية ذات كفاءة مستقلة.
إذن ماذا حققت الحرب للذين حاولوا قتل فكرة عودة الحكم المدني سوى أنهم قتلوا 160 الف مدنيا وشردوا 7ملايين ودمروا “بلاد بحالها” !!
طيف أخير :
#لا_للحرب
والعفو لايمنحه من تلوثت يده بالدماء لصاحب يد بيضاء فما لاحقتنا به النيابة من إتهامات يجب ان تثبته أمام الشعب السوداني وإن عجزت تبقى هي المتهمة
فقبولنا العفو من البرهان يعني أننا مذنبون سيما أن البرهان نفسه متهم بالأدلة والإثبات
لذلك هو من يجب عليه طلب العفو.. لامنحه!!