Site icon صحيفة الصيحة

خبراء: البرهان “يغازل” رافضي تشكيل الحكومة الشرعية في “تقدم”

يرى خبراء، أن التهديدات المبطنة التي وجهها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، إلى تنسيقية “تقدم”، تهدف إلى “مغازلة” السياسيين الذين رفضوا مساعي التنسيقية لتشكيل حكومة مدنية جديدة ذات شرعية.

ويذهب خبراء إلى أن التطورات السياسية والعسكرية في السودان تعكس محاولات لإعادة ترتيب المشهد السياسي وفق أجندات محددة، بينما يعتقد آخرون أن الخطاب السياسي المستخدم في هذه المرحلة يحمل في طياته تهديدات مبطنة تهدف إلى تقويض الجهود الرامية لتأسيس حكومة مدنية ذات شرعية.

وتأتي هذه التحليلات في ضوء التصريحات الأخيرة لقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، الذي وجّه رسالة مباشرة إلى تنسيقية “تقدم”، محذراً من أن مساندتهم للدعم السريع تجعلهم في نظر الجيش جزءاً من الأزمة، مشدداً على أنه “لا مكان لكم ما لم تتوقفوا عن دعم التمرد”، بحسب تعبيره.

وتعليقاً على ذلك، قال القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) والأمين العام لحركة العدل والمساواة السودانية، أحمد تقد، إن “عبد الفتاح البرهان يحاول إخفاء حقائق لا يمكن تجاوزها”، مؤكداً أن “الشعب السوداني والقوى السياسية يدركون تماماً أن الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني قد عادا إلى المشهد السياسي عبر بوابة ما يسمى بمعركة الكرامة”.

وأضاف، في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن “البرهان وفر غطاءً سياسياً كبيراً لهذه المجموعات، التي تقود الآن العمليات العسكرية وتسيطر على المشهد العسكري؛ ما سيؤثر بشكل كبير في تطورات الأوضاع السياسية في البلاد”.

هروب من الواقع

وأكد تقد أن “تقدم كقوى مدنية وسياسية لا تعير اهتماماً كبيراً لمثل هذه التصريحات، التي وصفها بأنها مجرد محاولة للهروب من الواقع، وهو أن الحركة الإسلامية بمختلف واجهاتها قد استعادت موقعها في المشهد السياسي، وهي التي تتحكم في مجريات العمليات العسكرية”.

كما اعتبر أن “هذه التصريحات تمثل أيضاً محاولة لتمرير أجندة سياسية تخدم مصالح الحركة الإسلامية، التي تسيطر على القرار السياسي للبرهان ومن معه”.

وأشار إلى أن “القوى المدنية لا تهتم بالإجراءات الشكلية التي قد يقوم بها البرهان، مثل: تعديل الوثيقة الدستورية، وهذه الوثيقة معطلة تماماً، ولا وجود لسلطة شرعية في البلاد، بل هناك سلطة أمر واقع تمارس مهامها من بورتسودان”.

حكومة الأمر الواقع

وأوضح أن “القوى السياسية ستعمل بكل قوتها على قطع الطريق أمام حكومة الأمر الواقع، والسعي نحو تشكيل حكومة جامعة تضم جميع المكونات الاجتماعية في السودان، لتمثيل كافة أطياف الشعب السوداني في المحافل الدولية، والتركيز على معالجة الأوضاع المعيشية الصعبة، خاصة في المناطق التي تقع خارج سيطرة الحركة الإسلامية”.

وأضاف أن “القوى السياسية غير معنية بهذه المحاولات الشكلية، مثل: إعداد دستور جديد لخلق واقع سياسي مغاير”، مشدداً على أن ذلك “لن يغير شيئاً من المشهد العام، ولن يؤثر في مواقف القوى السياسية الساعية لمواجهة تمدد الحركة الإسلامية”.

ولفت إلى أن حديث البرهان عن تشكيل حكومة مدنية مستقلة ليس إلا مجرد ترّهات سياسية، لأن الجميع يدرك أن من سيأتي بهم إلى الحكم هم من الحركة الإسلامية والعناصر الموالية لمشروع الحرب. وجدد التأكيد أن القوى المدنية لا تعير أي اهتمام لهذه المناورات السياسية.

واختتم تقد قائلاً، إن “القوى السياسية تعمل على مواجهة هذه الحكومة بالتزامن مع تحركاتها لاستعادة شرعية ثورة ديسمبر، وتشكيل حكومة مدنية قادرة على مواجهة التحديات التي تمر بها البلاد في هذه المرحلة الصعبة”.

قطع الطريق أمام حكومة مدنية

ومن جانبه، قال عضو تنسيقية “تقدم”، د. علاء الدين نقد، إن “تصريحات البرهان الأخيرة بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط في بورتسودان، وحديثه عن تنسيقية “تقدم” قائلاً: “لا مكان لكم ما لم تتوقفوا عن دعم التمرد”، إلى جانب تصريحات أخرى حول رفع الحظر عن بعض السياسيين، وترحيبه بعودة من “يصلحون أوضاعهم”، تعكس مخاوف البرهان والجيش والإسلاميين من الحكومة المدنية القادمة، مشيراً إلى أن هذه المحاولات تهدف لقطع الطريق أمامها، لكنها لن تنجح.

وأضاف لـ “إرم نيوز”، أن “هذه التصريحات لم تكن لتصدر لولا اقتراب موعد إعلان حكومة مدنية شرعية من قبل بعض أعضاء “تقدم” وقوى أخرى خلال الأيام والأسابيع القادمة”.

وأوضح أنه “منذ الإعلان عن هذه الخطوة، حدث تخبط واضح في حسابات البرهان، وحزب المؤتمر الوطني، وسلطات بورتسودان، إذ إن هذه الخطوة السياسية المهمة ستحدث تأثيراً كبيراً في المشهد، لأنها ستكون أول تحرك سياسي فعّال يسحب الشرعية الزائفة من سلطة بورتسودان، ويضع حداً لمشروع المؤتمر الوطني والإسلاميين، الذين أشعلوا الحرب خدمةً لمصالحهم”.

وأشار إلى أن “هذه الخطوة أثارت ردود فعل غاضبة من الإسلاميين وقادة الجيش وفلول النظام السابق، وهو ما انعكس بوضوح في تصريحاتهم المتوترة والمتناقضة حولها، فتارة يقللون من أهميتها، وتارة يهاجمونها بشكل مباشر؛ ما يدل على تأثيرها العميق فيهم”.

وبيّن أن “البرهان يتحدث الآن عن تشكيل حكومة تكنوقراط، في محاولة واضحة لقطع الطريق على الحكومة المدنية الشرعية القادمة. كما يحاول مغازلة بعض السياسيين من خلال التلميح برفع الحظر عن جوازات بعضهم، وقبول عودة من تراجعوا عن مواقفهم، لكنه في المقابل يواصل التهديد والوعيد لمن يسعون لتشكيل هذه الحكومة”.

واختتم نقد حديثه، بالتأكيد أن “هذه المناورات لن توقف الخطوة القادمة، والمتمثلة في إعلان الحكومة الشرعية التي ستعيد ترتيب المشهد السياسي في السودان”.

Exit mobile version