Site icon صحيفة الصيحة

عودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في السودان

عودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في السودان

علي محجوب النضيف

شهد السودان على مدار 35 عامًا حكم الإخوان المسلمين حيث اختبر الشعب نموذجهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي بكل تفاصيله. عايشنا سنوات من القمع والتعذيب والاعتقالات في بيوت الأشباح ، والآن نشهد فظائع أشد دموية ، من الذبح في الشوارع وتهشيم الرؤوس بالفؤوس ، إلى استهداف الأسواق والمواطنين الأبرياء بالقنابل والبراميل المتفجرة التي تلقيها الطائرات والمسيرات. يضاف إلى ذلك النهب المنظم للممتلكات ، وسرقة البنوك ، وجرائم الاغتصاب ، وتهديد الأسر الآمنة ، مما يعكس انهيارًا أمنيًا وإنسانيًا غير مسبوق.

لقد أدى الفساد المؤسسي إلى تفكيك الدولة وتخريب الخدمة المدنية وبيع مقدرات الوطن لصالح قلة متنفذة ، مما جعل السودان ساحة مفتوحة للفوضى. ومن يعتقد أن هناك فرقًا جوهريًا بين قوات الدعم السريع وكتائب الحركة الإسلامية التي هدد بها علي عثمان الشعب السوداني فهو واهم. فهذه الكتائب ، التي أصبحت جزءًا من تركيبة الجيش تحت قيادة البرهان ، تمثل امتدادًا لمليشيات الإخوان ، التي لطالما سعت إلى السيطرة على السودان وخدمة مصالحها الإقليمية.

النفوذ الإخواني في السودان يتقاطع مع مصالح العديد من الدول ، وعلى رأسها حكومة السيسي في مصر ، إضافة إلى ارتباطه بصراعات الخليج واليمين العالمي. كما يدخل السودان ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد ، حيث تلعب الحركات الإسلامية دور رأس الحربة تحت توجيه قوى كبرى مثل تركيا وقطر وإيران ، في إطار ترتيبات تضمن أمن إسرائيل والتطبيع معها.

ما يحدث في سوريا اليوم يبدو وكأنه النموذج القادم للسودان ، حيث يُعاد تشكيل السلطة وفق مصالح القوى الكبرى ، ويستمر نهب الثروات بشكل منظم مع إجهاض أي بوادر للتحول الديمقراطي. السودان لم يعد مجرد ساحة لصراع داخلي ، بل أصبح جزءًا من لعبة دولية تُحاك خيوطها في العواصم الكبرى ، بينما يدفع الشعب السوداني الثمن.

حرب الكرامة وما شهدته من انسحابات منظمة من بعض المناطق والمدن ، بالإضافة إلى الشروط التي وضعتها مليشيات الإخوان في الجيش لإخلاء الدعم السريع لمنازل المواطنين، تكشف عن ترتيبات تُطبخ في الغرف المغلقة. فهل نحن على أعتاب مرحلة جديدة من هيمنة “داعش السودانية” على المشهد السياسي في البلاد؟ .

Exit mobile version