الجيش السوداني يواصل سياسة “الأرض المحروقة” في نيالا
تعرّضت مدينة عاصمة ولاية جنوب دارفور، الأيام الماضية، إلى غارات جوية جديدة من الجيش السوداني، ضمن سلسلة غارات مستمرة لليوم الرابع على التوالي، وفق شهود عيان.
وكانت مدينة نيالا تعرضت الأحد لغارة جوية أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين وإصابة آخرين، حينما ألقى الطيران الحربي التابع للجيش السوداني البراميل المتفجرة على أحد الأسواق، وبعض الأحياء الشرقية للمدينة.
ضرب المواطنين العزّل
وحول الاستهداف المتكرر لمدينة نيالا بالقصف الجوي، أكد الكاتب الصحفي أبو عبيدة برغوث، أنه “يأتي ضمن سياسة ضرب الحواضن التي ينتهجها الجيش السوداني ضد من يخالفونه“.
وأشار برغوث، في تصريح لـ”إرم نيوز”، إلى أن استهداف الحواضن ليس جديدًا على الجيش السوداني، فقد ظل يكرره، مرارًا، مع كل من يتمرد على سياساته بالسلاح.
وأكد أن ضرب المواطنين العزّل يأتي بهدف التهجير والإبادة، وذلك انتقامًا منهم على تمرد بعض أبنائهم على الجيش، وفق قوله.
وأضاف برغوث أن “سياسية ضرب الحواضن التي ينتهجها الجيش السوداني تركز على استهداف المواشي، ومصادر المياه، والمحاصيل الزراعية، والأسواق، ومراكز الخدمات، لإخراج هذه المجموعات من دائرة الاقتصاد، وجعلهم مشرّدين ينتظرون طعامهم من المساعدات”، بحسب قوله.
وأشار إلى أن الجيش السوداني فعل ذلك من قبل في دارفور، حينما أعلنت حركات مسلحة التمرد على سلطته في العام 2003، حيث تعمد استهداف حواضن قادة تلك الحركات وفق سياسة الأرض المحروقة، مما تسبب في تشريد نحو 6 ملايين شخص ما زالوا يعيشون، اليوم، في مخيمات النازحين داخليًا، واللاجئين بدول الجوار.
تهجير السكان
وتابع: “ما يحدث في نيالا، اليوم، يأتي في هذا الإطار، حيث تستقبل المدينة ما بين 4 إلى 5 طلعات جوية يوميًا، رغم اكتظاظها بالسكان، لأن الهدف تهجيرهم”، مؤكدًا أن القصف الجوي دمّر المستشفيات، ومراكز الخدمات، والمنازل، والأسواق.
وتعدُّ مدينتا نيالا جنوبي دارفور، والكومة شمالي دارفور، من أكثر المناطق استهدافًا بالقصف الجوي بواسطة الجيش السوداني، حيث يؤكد السكان أن القصف طال منازل المواطنين ومؤسسات خدمية لا توجد بها أو بالقُرب منها أي مظاهر عسكرية.
وسبق أن استهدف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني عددًا من المدن والقرى التي يعتبر سكانها من حواضن قوات الدعم السريع، حيث دمر مراكز الخدمات، ومصادر المياه، والأسواق في شمالي دارفور.
استراتيجية ممنهجة
وترى منظمات حقوقية راصدة للأوضاع في السودان، مثل “منظمة مناصرة ضحايا دارفور”، أن “الهجمات الجوية المتزايدة للجيش السوداني على المناطق المدنية ليست عشوائية، بل تأتي ضمن استراتيجية ممنهجة تهدف إلى تدمير النسيج الاجتماعي، والاقتصاد المحلي، في دارفور“.
هجمات عشوائية
من جهتها، تقول منظمة “محامو الطوارئ” الحقوقية، إن مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، تعرضت لسلسلة من الهجمات العشوائية بالطيران الحربي، حيث استهدفت الغارات أحياء سكنية من بينها “المطار، الرحمن، والمصانع” باستخدام البراميل المتفجرة.
وقالت في بيان إن “هذه الهجمات ليست سوى جزء من حملة تصعيد مستمرة، تدحض الادعاءات بأن القصف يركز فقط على الأهداف العسكرية، حيث تتركز الغارات بشكل متعمد على المناطق السكنية المأهولة“.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن استهداف المدنيين بهذه الطريقة يعد جريمة حرب لا يمكن التهاون معها.
ويشكل القصف العشوائي على المدنيين والأعيان المدنية، انتهاكًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، والمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف للعام 1949 والبروتوكول الإضافي الثاني، التي تحظر استهداف المدنيين والأعيان المدنية أثناء النزاعات المسلحة.