صناعة الآلهة!!
للدكتور محمد محمود كتاب باسم صناعة النبوة ولولا تحذير نبهني إليه الشيخ علي عثمان محمد طه في سنوات مضت من تناول مثل هذه الإصدارات في الصحف لتأثيرها على الناس من غير وجود مراجع، تؤكد مزاعم كتابها لتناولت شيئاً من ذلك الكتاب الذي يزعم أن الأنبياء صنيعة مجتمعاتهم.
ولإبراهيم الكوني الأديب الموغل في البداوة وعالم الصحراء أيضاً مقولة ورؤية عن عالم الآلهة وكيف تتنامى الألوهية في النفس البشرية حتى تعمي بصيرة الإنسان عن رؤية الواقع، فيعيش في دنيا الأوهام كما هو حال قوى الحرية والتغىر التي نجحت في الإطاحة بحكومة الإنقاذ بعد أن فقدت مقومات بقائها وحاصرتها الأزمات وأكلت دابة الأرض أعمدتها وخرج عليها حماتها وقواعدها ولم يدافع عنها صناع ربيعها ومجدها الآفل.
بعد السقوط تملكت قوى الحرية والتغىير روح تعالٍ وإحساس بالنصر فبطرهم حصاد شهور وسنوات النضال وبدل بعضهم مشيته في الأرض وأخذ يختال زهواً وفرحاً كأنه يخرق بقدميه الأرض أو يبلغ الجبال طولا حتى رفضت قوى الحرية والتغيير الإصغاء لحلفاء حملوها على أكتافهم وتنكرت لدور الحركات المسلحة وغدرت بحزب د. غازي صلاح الدين وأنكرت أي دور له في التغيير ووصمته بما ليس فيه مع أن شباب الإصلاح الآن هم من كسر شوكة الأمن وتصدى ببسالة للشرطة أيام التظاهرات، وتنكرت قوى الحرية والتغيير لحزب الموتمر الشعبي الذي صنع مع المؤتمر السوداني ربيع الانتفاضة، ودفع ثمن ذلك شهداء بعدد الحصى وفاضت السجون بمعتقلي المؤتمر الشعبي وسجين واحد من المؤتمر الشعبي أمضى ١٣ عاماً في الزنازين، بينما حاصل جمع كل سنوات أعضاء المكتب السياسي لحزب الأمة أو المؤتمر السوداني أو الحزب الشيوعي لما بلغت السنوات العشر في سجون الإنقاذ، إن كان البقاء في السجن معياراً للكفاءة في تقلد المناصب لأصبح رئيس مجلس الوزراء للحكومة الانتقالية هو الشاب عبد الرحمن الشهير بعصفور الجنة الذي مكث في كوبر عشر سنوات وليس وعبد الله حمدوك الذي لم ينم ليلة واحدة في القسم الشرقي بسجن كوبر أو محبس الفاشر المعروف بشالا.
وقوى الحرية والتغيير التي ترفض الاعتراف بأخطائها وتتمادى في تسفيه دور الآخرين، وتعتبر نفسها صاحبة الحق الوحيد في السلطة الانتقالية، وتسعى لتفصيل (جلابية انتخابية على مقاسها) ستغرق لا محالة في بحر من المشكلات وتغرق معها البلاد.
وقديماً قال غازي سليمان عليه الرحمة إن أهل الإنقاذ من فرط إعجابهم بأنفسهم لو اقبلت عليهم وطلبت منهم أن تصبح جزمة أي حذاء ليرتدونه لقالو ا لك انت جزمة نمرة عشرة ونحن نريد جزمة نمرة حداشر !! ولو عاش غازي حتى اليوم لدمغه قادة الحرية والتغيير بمولاة النظام السابق ورفضوه وأشاعوا حوله الترهات.
الحرية والتغيير رسمت صورة لنفسها في مخيلة الشعب ترفض الاعتراف بالخطأ وتتمادى في غرورها من يتجرأ وينتقد أداءها تصفه بالدولة العميقة والفلول وغيرها من النعوت أو وصفته بالثورة المضادة أو بالرجعية وطلاب السلطة، وإذا جرفت سيول قادمة من الشرق بعض الأحياء نسبت ذلك لبقايا النظام، وإذا فشلت في توفير الخبز قالت الدولة العميقة هي السبب مع انها هي الدولة، ولكن إذا كانت هناك دولة عميقة فهناك دولة سطحية قشرية تعيش تحت رحمة العميقة .
إذا هاجمت عناصرها في الفاشر مجموعات شبابية غاضبة على سلوكها في تقسيم الغنائم السلطوية فعلاً وإنكار القسمة قولاً لقالت إن النظام السابق وفلوله هم من تحرشوا بهم في ميدان الشهيد الزبير محمد صالح لينكروا علي شركائهم من الحركات المسلحة الاستنكار والرفض مع أن أي عاقل ينظر بعين معافاة من الرمد يدرك أن شباب المعسكرات من أنصار الحركات المسلحة هم من هاجم سلك والأصم في الفاشر.
إن قوى الحرية والتغيير مطالبة بتغيير خطابها والتواضع في نفسها والانتقال من مربع الثورية إلى الأحزاب الوطنية المسؤولة عن الجميع والقادرة على استيعاب مشاكل البلاد ولكن الغرور وصناعة الأعداء قادا “قحت” من مرحلة البشر إلى الآلهة وتصديق مديح الطبالين والزمار سيوردهم الهلاك القريب جداً.