كشفت منظمات حقوقية وقوى سياسية سودانية، اليوم الاثنين، عن سلسلة انتهاكات جديدة ارتكبها الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه، بحق مدنيين من سكان ولاية الجزيرة وسط البلاد، شملت حرق أطفال وقتل رجال واختطاف نساء.
ويوم السبت الماضي، أعلن الجيش السوداني عن استرداد مدينة ودمدني، عاصمة، بعد انسحاب قوات الدعم السريع، التي كانت قد سيطرت عليها لأكثر من عام.
وقالت منظمة مناصرة ضحايا دارفور، إنها تلقت يوم 12 يناير الجاري عدة رسائل من مدنيين يسكنون “كمبو خمسة أم القرى، ومدني”، في ولاية الجزيرة، تفيد بأن “الجيش والمجموعات المتحالفة معه من قوات كيكل ومجموعة البراء بن مالك وجهاز المخابرات العامة، نفذوا إعدامات فورية ضد 7 مدنيين بدوافع عرقية”.
ونشرت المنظمة مجموعة صور لجثث أشخاص بزي مدني، بعضهم كبار سن، قالت إنهم بعض الضحايا الذين تمت تصفيتهم بواسطة الجيش والمتحالفين معه.
من جهتها، أكدت منظمة “محامو الطوارئ” الحقوقية، تعرض قرية “كمبو طيبة” في ولاية الجزيرة لاعتداءات متواصلة من قبل قوات تتبع للجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه، أسفرت عن مقتل 13 شخصًا، بينهم طفلان، واعتقال عدد من المدنيين، بينهم نساء.
وقالت المنظمة، في بيان على منصة “إكس”، إن الانتهاكات شملت القتل خارج نطاق القضاء، والتصفية، والاحتجاز غير المشروع، والخطف، فضلًا عن الإذلال الجسدي والمعنوي، والتعذيب، بما في ذلك الضرب الوحشي للمدنيين أثناء الاعتقال.
وأضاف البيان أن “هذه الجرائم تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وتُعد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وفقًا للقانون الدولي الإنساني”.
وأوضح أن استهداف المدنيين في هذا السياق يعد انتهاكًا لحقوقهم الأساسية في الحياة، المحمية بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقيات جنيف، فضلًا عن القوانين الوطنية والدولية التي تحظر استهداف المدنيين في النزاعات المسلحة.
وأشار إلى أن الادعاءات بتعاون المدنيين مع قوات الدعم السريع لا تستند إلى أي دليل قانوني أو مادي، مبينًا أن القرية التي ارتُكبت فيها المجزرة كانت خالية تمامًا من أي مظاهر عسكرية أو نشاط مسلح، مما يجعل هذه الهجمات غير مبررة، وفق البيان.
حرق أطفال واختطاف نساء
بدورها، أكدت مركزية مؤتمر الكنابي أن الانتهاكات شملت حرق طفلين داخل المنازل هما “أحمد عيسى، وحامد محمد”، بجانب اغتيال كل من “عبد العزيز عبد الكريم، خاطر إبراهيم، أحمد إسحاق كيتا، صالح حماد، وهو شيخ الخلوة، وعلي نازح”.
وقالت مركزية المؤتمر، في بيان تلقى “إرم نيوز” نسخة منه، إنه تم اختطاف 13 امرأة برفقة إبراهيم أبكر، في عمل “يُمثل انتهاكًا صارخًا لكل القوانين الوطنية والدولية”.
كما شملت الانتهاكات نهب ممتلكات السكان، وسرقة المحاصيل الزراعية، والمواشي، والممتلكات الشخصية، إضافة إلى حرق الكمبو بالكامل مما أدى إلى تشريد السكان وتحويلهم إلى نازحين بلا مأوى، وفق البيان.
وتابع: “ما تعرض له السكان في مناطق الكنابي وشرق أم القرى من انتهاكات جسيمة وممارسات إجرامية، ترتقي لمستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي، وتهدد أمن وسلامة المجتمع السوداني”.
وأشارت مركزية مؤتمر الكنابي إلى أن الهجمات مستمرة على مناطق الكنابي، واستهداف المدنيين بشكل مباشر في مناطق شرق أم القرى ومشروع الجزيرة، مع تدمير المنازل ونهب الممتلكات، في محاولة ممنهجة لزعزعة استقرار السكان وتهجيرهم قسرًا.
حملة انتقامية
من جانبه، ندد القيادي بتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم”، خالد عمر يوسف، بالانتهاكات التي طالت المدنيين من قبل الجيش في ولاية الجزيرة، قائلًا إن ما حدث هو “حملة انتقامية سقط ضحيتها العديد من الأبرياء”.
وأضاف يوسف، على منصة “إكس”، أن الحملة التي بدأت في الجزيرة الآن سبقتها دعوات منظمة تدعو للانتقام ممن أسموهم بـ”المتعاونين”، مبينًا أنه تعبير فضفاض يدخل تحت طائلته كل أشكال التصنيفات السياسية والجهوية والإثنية.
وقال إن “للحركة الاسلامية ومنظومتها الأمنية ميراث طويل في الإجرام وإذلال الناس واستهدافهم على أسس جهوية وسياسية”، مبينًا أنها “قسمت السودان من قبل لبلدين، حين أكسبت حربها في الجنوب بعدًا جهاديًا، وزادت من حدة الاستقطاب الإثني”.
وأشار يوسف إلى أن الحركة الإسلامية ارتكبت كذلك الإبادة الجماعية في دارفور حتى أدين رأس نظامها في المحكمة الجنائية الدولية، ولم ترتوِ من دماء السودانيين بعد، فها هي تغذي حرب 15 أبريل بخطابات الكراهية والعنصرية، وهذا الجنون سيحرق كامل البلاد ويغرقها في دوامات دماء لن تنتهي، وفق تعبيره.
من جهته، ندد حزب الأمة القومي بـ”مجزرة كمبو طيبة” شرق ولاية الجزيرة، محملًا قيادة الجيش المسؤولية الكاملة.
وقال الحزب، في بيان حصل “إرم نيوز” على نسخة منه:”يتابع الحزب بقلق بالغ الانتهاكات والجرائم المروعة التي ارتكبتها ميليشيات تتبع للمدعو أبو عاقلة كيكل بقرية كمبو طيبة، أدت لتصفية المواطنين الأبرياء على أساس جهوي”.
وأضاف أنه “إذ يدين بشدة هذه الجرائم الشنيعة، فإنه يحمل قيادة القوات المسلحة المسؤولية الكاملة عن حماية المواطنين من جرائم الميليشيات المتحالفة معها، ويطالب بالتحقيق الفوري في المجزرة البشعة، وضبط المنتهكين، ووقف الانتهاكات بحق المواطنين في كافة المناطق”.
وحذر حزب الأمة القومي من “الممارسات الانتقامية” ومحاولات جر ولاية الجزيرة للفتنة والزج بالمواطنين في مبررات الحرب.
وعقب دخول الجيش السوداني إلى مدينة ودمدني، تحدث ناشطون عن ممارسات انتقامية وانتهاكات بحق مدنيين بتهم التعاون مع قوات الدعم السريع.
وأظهرت بعض مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، مسلحين بزي الجيش السوداني يصوبون أسلحتهم على مجموعة من الأشخاص بزي مدني أثناء جلوسهم على الأرض، وسط صيحات المسلحين بـ”دعامة دعامة”، ثم يسأل أحد المسلحين قائده إذا ما كان يريده أن يصوب الرصاصة على رؤوسهم.
نقلاً عن إرم نيوز