الثورة (سُرقت) والممارسات الحالية لا تشبهها إطلاقاً
إعلان الحرية والتغيير (خدع) المواطنين بحديثه عن حكومة الكفاءات
هنالك عدد من الأسباب جعلت الثورة السودانية متأخرة
تعدد المنابر وتعنّت الحكومات أخّرا تحقيق السلام في السودان
قضية تشظّي الحركات لا تنفصل عن واقع الحالة العامة
هناك من يؤرخ للثورة بديسمبر وينسى من ماتوا لأجل السودان الكبير
حاوره: صلاح مختار
تحظى الحركات المسلحة الدارفورية والمنضوية تحت لواء الجبهة الثورية وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وحركة عبد الواحد نور، وتحالف قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر أبوبكر حجر وغيرها من الحركات تحظى باستضافة حكومة دولة الجنوب وتحت رعاية رئيسها سلفاكير ميارديت.
ويبدو أن الاجتماعات التي تلتئم في جوبا هذه الأيام تسعى في المقام الأول إلى وحدة الحركات المسلحة ثم الاندماج في عملية السلام بالسودان التي وضعت لها الحكومة الانتقالية مساحة واسعة في الوثيقة الدستورية. معظم الحركات المسلحة وصلت إلى جوبا ودخلت في اجتماعات متواصلة لاستجلاء ما وراء تلك الاجتماعات من جوبا طرحنا على رئيس تحالف قوى تحرير السودان الطاهر حجر عدة أسئلة فماذا قال في الحوار..
*بداية ما تعليقكم على وساطة دولة جنوب السودان مع وفد الحركات المسلحة؟
– جاءت بدعوة كريمة من الرئيس الفريق أول سلفاكير رئيس دولة جنوب السودان، وصلنا إلى جوبا هذه الدعوة مفتوحة لكل الحركات المسلحة والمنضوية تحت لواء الجبهة الثورية في تجمع قوى تحرير السودان، وهو نتاج عن وحدة ثلاث فصائل رئيسية في دارفور عام 2017 وكانت بداية ونواة الوحدة بعض التشظي الكبير للحركات المسلحة.
*بقية الحركات ما هي؟
– الحركات المكونة لتجمع قوى تحرير السودان هي حركة جيش تحرير السودان والعدالة بقيادة علي كاربينو وحركة تحرير السودان الوحدة بقيادة عبد الله يحيى وحركة العدل والمساواة بقيادة عبد الله، هذه الحركات أدت إلى وحدة اندماجية كاملة عسكرية وسياسية، والدعوة في حد ذاتها مباركة وكريمة وفي محلها باعتبار أنه إذا كنا نعتبر سلفاكير الأب الروح للثوار والعارفين بقضية السودان، وقضية المركز والهامش السوداني وكل القضايا السودانية بالتفصيل.
*هل الدعوة للوحدة أم للتفاوض مع الحكومة؟
– حتى الآن المسألة لم تفصح عن تفاصيل الدعوة بالصورة الرسمية، لأن الدعوة الرسمية لم تقل ذلك. قد يكون بسبب أن بقية الرفاق لم يصلوا إلى جوبا حتى الآن, ولكن من المؤكد كما قلت أن وساطة جنوب السودان لوحدة الحركات أول ما يتبادر للذهن لمناسبة الدعوة.
*هل تم طرح الوحدة في الاجتماعات السابقة؟
– لا، لم يتم طرح ذلك في الاجتماع لوحدة الحركات أو مسائل السلام أو مساعدة الفرقاء لحل مشكلة الشمال، لأن الجنوب أيضاً يعتبر الاستقرار في شمال السودان هو استقرار للجنوب، لذلك من الأهمية بمكان الإشارة إلى الدعوة أنها مهمة بكل تفاصيلها إذا كانت عن الوحدة أو عن السلام أو مناقشة قضايا الحركات أو إلى ذلك، نعتقد الدعوة مهمة وفي وقتها، ولذلك ننتظر مناقشة ما يصدره الرئيس سلفاكير وسوف تكون الرؤية واضحة ماذا هم فاعلون في المستقبل البعيد والقريب.
*إلى أي مدى نجاح الوساطة في تقريب وجهات النظر بين مكونات الحركات والحكومة السودانية؟
– كما أشرت أن المسألة لم تبدأ حتى الآن، والحكومة السودانية حتى الآن لم تكن طرفاً في هذه المشاورات أو اللقاء. ونحن متفائلون ومتأكدون أن رئيس جنوب السودان سلفاكير يعلم بالحركات المسلحة ومكوناتها بشكل جيد، يمكن أن يكون من أكثر الناس لهم القدرة والمعرفة في تقريب وجهات النظر بين مكونات الحركات وبين الجبهة الثورية ومكوناتها الاثنين الحركة الشعبية شمال والجبهة الثورية بقيادة مالك عقار وفصائلها والجبهة الثورية بقيادة مناوي وفصائلها، الآن هم في حوار فيما بينهم لوحدة الجبهتين، نحن كذلك من الموقعين لإعلان الكتلة التاريخية السودانية الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو، ومؤتمر البجا التصحيحي بقيادة زينب كباشي، والمؤتمر الوطني السوداني بقيادة دكتور جلال محمد هاشم، وفي تجمع قوى تحرير السودان، وبالتالي فيما بيننا نسعى لانتهاز الفرصة لتقريب وجهات النظر في الأشياء المشتركة بين الناس.
*هل طرحتم مسألة الوحدة فيما بينكم؟
– في هذا الاتجاه نحن في تجمع قوى تحرير السودان وحركة العدل والمساواة السودانية وحركة تحرير السودان جناح مناوي، وحركة تحرير السودان المجلس الانتقالي بقيادة د. الهادي إدريس، جلسنا في جلسات داخلية وأصدرنا بياناً، فحوى البيان يتعلق بالمشتركات بين الحركات المسلحة الدارفورية باعتبار أن هنالك من يكون في تحالف آخر أو منظومة أخرى، لكن هنالك مشتركات بيننا مثلاً منطلقها من دارفور وكقضايا المنبر والتفاوض والجهود المشتركة وسعينا لتوحيد الجهود وتوحيد القوى المسلحة في تنظيم واحد لتسهيل مهمة تحقيق السلام بشكل عادل وشامل شمول الأطراف والقضايا لذلك.
*هل هنالك تحركات أخرى في نفس الاتجاه؟
– هناك من غير المسألة الرسمية، تحركات بين التنظيمات المكونة لقوى الهامش كلها تواصل واتصالات واجتماعات دائمة لتنظيم نفسها بشكل جيد خاصة ما جرى بالخرطوم من إعلان الحرية والتغيير وسرقة الثورة وما شابه ذلك، ولذلك تلك المسائل محتاجة إلى مراجعة بشكل جيد نتوقع بنسبة (80 إلى 90%) أنه تقريب وجهات ظر بل إلى توحيد تحت مظلة مكونات الحركات المسلحة في اتجاه ومنبر وقضايا واحدة، وجهود مشتركة وتنظيم مسألة الاجتماعات أينما كانوا.
*كيف تنظر لتعدد المنابر الخارجية للسلام في السودان؟
– نعتقد في تجمع قوى تحرير السودان أن هنالك أربعة أو خمسة أسباب جعلت الثورة السودانية تتأخر أو وصول القضية إلى مبتغاها الأخير سواء كان بالتغيير أو السلام العادل, تلك الأسباب نعتقد أنها أخرت الثورة، ومن الجيد أنك سألتني عن تعدد المنابر لعلها واحدة من الأشياء التي أخرت الثورة، وهي السبب الرئيسي الذي جعلنا نستشعر المسؤولية وندعو لوحدة هذه الفصائل.
*هل هي سبب فشل الوصول إلى سلام بالبلاد؟
– صحيح، تعدد المنابر واحدة من أسباب فشل وصول القضية إلى مبتغاها الأخير، كذلك نعتقد من الأشياء التي أخرت القضية تشظي الحركات المسلحة التي خلقت تعدد المنابر، وتعدد المنابر خلق مشكلة أخرى هو تقاطع المصالح الدولية والإقليمية والمحلية، والسبب الرابع عدم وجود رؤية متكاملة لمكونات الهامش السوداني سواء كانت الحركات المسلحة أو تنظيمات مدنية مناوئة للحكومات ومطالبة بحقوق الهامش.
أما السبب الخامس تعنت الحكومات في إعطاء الحقوق المستحقة للهامش في المفاوضات والتنمية المتوازنة.
*رغم ما تقول، لكن هناك مفاوضات حول حل القضية؟
– هناك تعنت من قبل الحكومات المتعاقبة التي سمحت بتعدد المنابر التي اعتبرها واحدة من الأشياء القاتلة للثورة، لأنها دخلت معها مسألة تقاطع مصالح دولية وإقليمية ومحلية.
*لمعاجلة تلك القضية ماذا قدمتم من حلول؟
نطرح تجمع قوى تحرير، السودان هذه المسألة في الحل الشامل شمول الأطراف والقضايا لأن هناك أكثر من منبر يناقش قضايا الحرب والسلام، ولكنها قضايا مختلفة من المنبر الآخر، وهنالك منبر آخر يتحدث في نفس القضايا لكن بشكل مختلف، مثلاً في مسألة العدالة هناك من يطالب بالمحكمة الجنائية، لأن القانون السوداني لا يعرف ذلك وهناك من يطالب بالمحاكم الخاصة في المنابر الأخرى وهناك مثلاً النظام الإداري من يتحدث عن خصوصية الإقليم والمطالبة بالإقليم الواحد، وهناك من يطالب بعدة أقاليم في دارفور ولذلك في تعدد المنابر تجد دولاً وراء كل مجموعة، وبالتالي تقاطع المصالح أضر بقضيتنا.
*ما أهمية وحدة المنابر في مسألة التفاوض؟
نعتقد أن وحدة المنبر والوفود التفاوضية والمواقف المشتركة فيه حلول كبيرة وحاجات (كويسة) للهامش وأعتقد أي مجهود يبذل تجاه وحدة الحركات أو المواقف أو الوفود هو في الاتجاه السليم، والآن بصدد تجاوز تلك المعضلة لأنها مضرة في مسألة السلام والوصول إلى حلول جذرية للسلام بالسودان.
*الحركات تنظر بصورة إيجابية إلى الثورة ولكنها اختلفت في مخرجاتها؟
– أولاً، نحن في تجمع قوى تحرير السودان لم نكن جزءاً من قوى إعلان الحرية والتغيير، ولا من الجبهة الثورية ولا من نداء السودان، وبالتالي لن نوافق على إعلان الحرية والتغيير، ونحن مثلنا مثل حركتي عبد الواحد نور وعبد العزيز الحلو اللتين توافقان على إعلان قوى التغيير.
*ولكن توافقتم في الثورة السودانية؟
– أولاً دعنا نختلف معك في كلمة معظم، ونقول كل الحركات نظرت إيجابياً إلى الثورة، بل دعمت الثورة بكل ما تملك وأصدرت بيانات لدعم الثورة السلمية بل وجهت قواعدها بالداخل للمشاركة واعتصمت مع الرفاق الآخرين في ميادين الاعتصام في كل السودان والحركات ساهمت في الثورة السلمية وأعلنا في كل الحركات المسلحة وقف العدائيات دعماً للسلمية حتى لا تجد الحكومة ذرائع لقتل المدنيين وبذرائع أن هناك تحركات لقوات الحركات المسلحة، لذلك كنا نعي لهذه المسألة، ودعمنا الثورة بكل جوانبها وبكل قوة في الداخل والخارج.
*رغم ذلك اختلفتم؟
– أعتقد أن الثورة سرقت وأصبحت مسألة واضحة، وهذه واحدة من الأشياء التي جعلتنا نختلف مع قوى التغيير، لأننا ننظر إلى تلك الممارسات أنها لا تليق بالثورة السلمية الحالية، لأنها امتداد لنضالات الشعب السوداني عبر الحكومات المتعاقبة والشمولية والحزب الواحد، كذلك امتداد لتراكمات وتضحيات ونضالات الحركات المسلحة عبر السنين الطويلة.
*هناك من يؤرخ للثورة بأنها في أبريل؟
– هذه من الأشياء التي نختلف فيها، هناك من يؤرخ للثورة من ديسمبر مع احترامنا لكل الشهداء، هناك من يحتفل بشهيد ويحيي شهيد في ديسمبر، وينسى الذين ماتوا من أجل الشعب، من أجل السودان الكبير، يؤرخون الثورة بديسمبر، بالتالي الذين يدعون قيادة الثورة ليسوا كما يدعون، نحن نحترم كل من شارك في الثورة بمن فيهم قوى الحرية والتغيير، ولكن المخرجات الأخيرة أنت وأنا والآخرون كلنا نختلف معهم، مع أننا لسنا جزءاً منهم.
*هل تلك الأسباب نفسها التي أدت بالخلاف مع الجبهة الثورية؟
– اختلاف الجبهة الثورية معهم كانت لأسباب، لأنهم تفاوضوا في حوار داخلي في أديس أبابا ووقعوا على الإعلان السياسي، ورجعوا منه على أساس إضافة المسائل التي اتفقوا عليها في الإعلان الدستوري، ولكن لم يفعلوا ذلك. الآن ما نسمعه عن المحاصصات وتوزيع المناصب على الأحزاب، والمشاكل في السلطة, نعتقد أن إعلان الحرية والتغيير وعدت الشعب السوداني بأن الفترة المقبلة ستكون لحكومة التكونقراط أو كفاءات وخبرات من غير مرجعيات حزبية. كذلك وعدوا الناس بذلك، ولكن بعد نجاح الثورة خالفوا وعدهم وقالوا لا مانع لديهم من مشاركة الكفاءات من داخل الأحزاب وتركوا مسألة الكفاءات وذهبوا إلى المحاصصة.
*قوى الحرية تراهن على امتلاكهم الشارع على ماذا تراهنون؟
– دعني أكون صريحاً معك, أنت وأنا والشارع السوداني قد يختلف معهم، والادعاء بأنهم يملكون الشارع ونفعل ما نرى أعتقد هذا الكلام في غير محله.
*اتفقتم في النظرة الإيجابية للثورة لماذا إذاً الاختلاف؟
– الاختلاف في المخرجات. أما النظرة الإيجابية عندما بدأت الثورة وكنا صادقين فيها، وأن الحركات كلها دعمت الثورة السودانية بصورة إيجابية ولكن كلها اختلفت في عند تطبيق مخرجاتها. هناك من هو من الحركات جزء من إعلان التغيير، ولكن في المخرجات اختلفنا معها، نحن من خارج قوى التغيير، لأن الممارسة أصبحت واضحة، والذي يجري في الخرطوم محاصصة صريحة وصراع وتهافت حول السلطة، وهذا يتنافى مع الثورة السلمية التي قدمت شهداء الثورة السودانية في كل مراحلها، نحن اختلفنا مع قوى التغيير وسنختلف معها في مخرجاتها الأخيرة واللاحقة، لأننا نعتقد أنها سرقة للثورة وهذه تفاهة لقيادة الثورة بأنها تتهافت تجاه السلطة بهذا الشكل المشين لتضحيات الشعب السوداني.
*هل وحدة الحركات المسلحة ممكنة في ظل اختلاف توجهاتها؟
– أعتقد أن الإجابة بلا أو نعم ممكنة، ولكن قضية تشظي الحركات السودانية لا تنفصل عن واقع الحالة العامة السودانية الظاهرة في انشطار الأحزاب السياسية والتقليدية بالداخل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ومسألة التشظي أصبحت ظاهرة سودانية. بالتالي إذا قرأت المسألة بشكل صحيح تجد حتى الأحزاب التقليدية والتاريخية أنها انشطرت لعدة أحزاب ما يكفي من المهانة لذلك هذه حالة سودانية عامة، ولكن القضية تتجه إلى حلول في القريب العاجل، ولذلك الحركات المسلحة من الممكن أن تتوحد في تنظيم واحد.
*ولكن هناك اختلاف في توجهات الحركات قد تبعد مسألة الوحدة؟
– لا أعتقد أن هناك توجهات مختلفة بشكل كبير أو خطير بين الحركات المسلحة في الإيدولجيا، لأن الحركات الثورية أهدافها واحدة ومبادئها تكاد تكون متطابقة ومشاريعها السياسية ومسودة دساتيرها تكاد تكون واحدة. وكذلك العدو واحد. إذا أنت تقصد التوجه الأيدلوجي للثورة ليس فيها ذلك، ولا تؤمن به لأنه أعتقد أن الكفاح المسلح يجمع كل ألوان الطيف السوداني الدينية والثقافية وعندما تؤدي قسم الولاء للتنظيم الثوري تتخلى عن التنظيمات السابقة سواء كانت لديها منطلقات إسلامية أو أخرى، بالتالي تؤمن بمشروع ومبادئ وأهداف الثورة.
*ألا تؤمن بالتوجهات والمنطلقات الأيدلوجية كموجه للثورة؟
– مسألة التوجهات والأيدلوجيا لا مكان لها في الثورية، أما إذا كانت التوجهات مختلفة في مشاريعها وطريقتها ووسائلها فهي مقدور عليها لأن الوحدة أصبحت مزاجاً عاماً لكل الشعب السوداني ومسألة الانشطارات والتشظي أخذ كثيراً منا، والآن الناس ماضية تجاه الوحدة ليس هناك خيار آخر وأعتقد المشروع واحد والأهداف واحدة والمبادئ واحدة، ومن الأهمية بمكان تناسي الصغائر والترفع عنها والمضي إلى الأمام والفرصة مواتية لمعالجة القضايا المختلفة بينها، وهي بسيطة والتسامي إلى الأهداف الكبيرة الآن فرصة لمعالجة كل الاختلالات في الفترة السابقة.