قيادة الجيش: وهل لعاهرة كرامة؟!
على أحمد
كلما مرّ الوقت، يتضح للجميع أن الحرب الدائرة في السودان ليست سوى حرب “الكيزان” للعودة إلى السلطة، وما قيادة الجيش إلا أداة تُستخدم من قبل هذه الجماعة الإجرامية لتنفيذ أجندتها وللتمويه على أهداف هذه الحرب.
أمس، شاهدت “مراسم” استقبال الفرقة (19) بالولاية الشمالية لقائد ميليشيا “البراء بن مالك” التابعة لتنظيم الحركة الإسلامية. استمعت إلى حديث قائد شعبة استخبارات الفرقة، وهو ضابط برتبة عقيد أركان حرب يُدعى عادل علي حسن (نوري)، يخاطب قائد ميليشيا البراء قائلاً: “إن المحلية كلها براء”، واصفاً ما تقوم به هذه الميليشيا بالقتال جنباً إلى جنب مع الجيش، ومعتبراً ما تقوم به “جهاداً بالكتاب والسنة” وفقاً لتعبيره.
أن يعترف ضابط بهذه الرتبة الرفيعة، وفي استخبارات الجيش تحديداً، بأن الجيش يقاتل و”يجاهد” من أجل الكيزان، فهذا لعمري أصدق تعبير عن حقيقة ما يجري. إذ ظل قائد الجيش يُنكر أن هذه الحرب أشعلها حزب سياسي مسلح لاستعادة السلطة التي انتزعها عنه الشعب بثورة ديسمبر المجيدة. لكن هذه التصريحات تؤكد أن قيادة الجيش مسلوبة الإرادة، وأن الجيش نفسه مسيطر عليه بالكامل من الكيزان قيادةً وعقيدةً، وليس كما يتصور البعض أن الجيش يضم فقط عناصر كيزانية.
كل المؤشرات والقرائن تؤكد أن قيادة الجيش خاضعة تماماً للحركة الإسلامية وحزبها (المؤتمر الوطني)، وأن القرارات المصيرية تُتخذ داخل الحركة، بينما تتولى قيادة الجيش تنفيذها دون أي إرادة مستقلة.
تصريحات العقيد الركن عادل علي حسن، وإن كانت صادمة ومباشرة، ليست الوحيدة. فقد شاهدنا مشاهد وأحداثاً أخرى تدعم هذه الحقيقة، ومنها التحقيق المصوّر الذي أجراه عضو الحركة الاسلامية “الناجي مصطفى” مع العقيد مُدثر، قائد مدفعية الفرقة 11 بخشم القربة.
يومها اقتحم الناجي مصطفى مكتبه، متهماً إياه بأنه “طابور” أي متعاون مع قوات الدعم السريع، وأجرى معه تحقيقاً مصوراً، بينما كان الضابط منكّس الرأس، وكأنه متلبس بفعل مخجل.
حوادث مشابهة كثيرة وتصريحات مماثلة تدل بوضوح أن هذه الحرب تجاوزت مرحلة التساؤل عما إذا كانت حرب الكيزان.
تصريح قائد استخبارات الفرقة (19) بالولاية الشمالية يوم أمس يأتي أهميته من كونه صادراً عن ضابط استخبارات رفيع المستوى. وهذا ما يؤكد أنه يتحدث بناءً على معلومات دقيقة، ويعلم يقيناً أن الجيش يقاتل لصالح الحركة الإسلامية بهدف إعادتها للحكم، وليس العكس.
الحركة الإسلامية تزعم أنها تحارب لاستعادة “كرامة الجيش”، لكن الحقيقة أن الجيش يُستخدم كأداة بيدها لتحقيق مصالحها، وهل لعاهرة شرف وكرامة؟
يوماً بعد يوم يدرك السودانيون أن هذه الحرب ليست حربهم. فقد تم تشريدهم وتجويعهم وقتلهم ونهب ممتلكاتهم وإخراجهم من ديارهم بواسطة حزب مسلح يسيطر على قيادة الجيش ويستخدمها لاستعادة السلطة التي انفراد بها لمدة ثلاثة عقود.
عندما استقبل العقيد الركن عادل علي حسن قائد ميليشيا البراء، المصباح أبو زيد طلحة، كما يظهر في الفيديو المذكور، تعامل معه كقائد فعلي. أشاد بالعناصر الإرهابية، واصفاً الحرب بأنها “جهاد بالكتاب والسنة”. هذا تأكيد واضح على أن استخبارات الجيش تعرف تماماً طبيعة الحرب ومن يقودها ومن أشعلها، وأن قيادة الجيش ليست سوى جهة تنفيذية تابعة للحركة الإسلامية وحزبها (المؤتمر الوطني).
قيادة الجيش تُنفّذ أوامر الحركة الإسلامية وتدين لها بالولاء الكامل. والحركة هي من أشعلت الحرب وتقودها الآن، فيما الجيش منقاد لها بلا إرادة عسكرية أو سياسية مستقلة هذه للأسف هي الحقيقة التي أصبحت معروضة بلا حشمة أمام الجميع!.