مشروع الجزيرة.. هل يُصلح الدهر ما أفسدته الإنقاذ
تقرير: إنصاف أحمد
تباينت الآراء حول إمكانية إرجاع أصول مشروع الجزيرة، وذلك على خلفية مطالبة الخبراء بتشكيل لجنة تحقيق موسعة حول ضياع أصول المشروع ومحاسبة المتورطين، مؤكدين أن عودة المشروع لسابق عهده صعب المنال في الوقت القريب، وذلك ما لم تتدخل الدولة بوضع قوانين وسياسات بالإضافة لتوفير التمويل اللازم للمزارعين.
ومن المعلوم أن مشروع الجزيرة يعتبر من أكبر المشاريع المروية بالبلاد، حيث يقدر بـ2,2مليون فدان صالحة للزراعة، والتي لم يتبق منها سوى 10% فقط، إلا أنه شهد تدهورا خلال العشر سنوات الأخيرة نتيجة للسياسات الخاطئة التي انتهجتها الحكومة السابقة.
وكانت أصول مشروع الجزيرة، والتي تمتلكها الدولة ممثلةً في وزارة المالية، وتتمثل في الأراضي التي تملكها الحكومة، والتي تبلغ مساحتها حوالي 1,3 مليون فدان هناك حوالي 900 ألف فدان المتبقية، هي أراضي ملك حر، مراكز الخدمات، أو مراكز التكلفة، والتي تشمل 14محلجاً، 7 منها في مارنجان، 6 في الحصاحيصا، ومحلج واحد في الباقير بجانب الورش الهندسية وعددها 18 بالإضافة إلى سكك حديد الجزيرة، وتغطي حوالي 1300 كيلو متر، إضافة لشبكة الاتصالات وأسطول من السيارات والآليات (تراكتورات وحاصدات بجانب حوالي 444 مخزناً سعتها التخزينية تُقدر بحوالي 2,5 مليون طن إضافة لمبانٍ سكنية (حوالي 6155 منزلاً متوسط الحجم، و76 سراية، وعمارتين ببورتسودان وحوالي 200 مكتب و78 مرافق عامة، مدارس ومراكز صحية وخدمية حوالي 53 مصفاة لتنقية المياه وشبكة للطرق، بجانب هيئة البحوث الزراعية، والتي كانت فيما سبق تعرف بـ “محطة أبحاث الزراعة”، بالإضافة إلى شبكة الرّي والتي تم بيعها من قبل حكومة الإنقاذ ما أدى إلى ضياع سمعة المشروع. ويرى الخبير الزراعي، مدير الإدارة الفنية لتكثير التقاوي بمشروع الجزيرة لأكثر من 20 عاماً أنس سر الختم، أن مشكلة مشروع الجزير إدارية ـ فنية بحتة وبدأت المؤامرة ضده منذ العام 1993م بتقليل نسب مجلس الإدارة إلى 50% من المزارعين مخالفين بذلك المثلث الذي يقوم به المشروع وهو الإدارة والري والمزارعون، إلى أن جاءت حكومة الإنقاذ بسياسة التحرير التي أخرجت البلاد من الزراعة والإنتاج.
وأضاف سر الختم للصيحة أن قانون العام 2005م لمشروع الجزيرة، كان بمثابة آخر مسمار في نعش للمشروع، فيما رهن الخبراء عودة المشروع لسابق عهده بانتهاج إدارة وسيطة من الدولة عبر وضع القوانين والسياسات وتعيين الكفاءات الإدارية وترك المجال للقطاع الخاص.
وفي هذا الجانب، أكد الخبير الاقتصادي د- عز الدين إبراهيم أنه إذا تمت المحاسبة بالصورة الصحيحة ربما يمكن أن تساهم في استرداد بعض الحقوق الضائعة، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة) إن القضية تعتمد في المقام الأول على مدى جدية المسؤولين في المستقبل، إضافة إلى توفير كمية من الأموال التي تساهم في استعادة المشروع، ولفت إلى أن عملية الإصلاح تحتاج لوقت طويل مع ضرورة وضع خطط وبرامج عاجلة.
فيما أكد الخبير الزراعي بروفسير أحمد الطيب بابكر بضرورة المحاسبة في ظل وجود أخطاء ارتكبت من قِبل الأنظمة السابقة للمشروع، لافتاً إلى أنه يحتاج لوضع معالجات جديدة خاصة وأن المرحلة السابقة تجاوزها الزمن من حيث الإنتاج، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة) لابد من تكوين لجان محاسبة لمعلاجة المشاكل السابقة وانتهاج نهج جديد حتى يعمل المشروع لمصلحة السودان في المستقبل القريب بأسس جديدة. وأجمع عدد من الزراعيين أن تكوين لجنة تحقيق لإعادة أصول المشروع ليس بالأمر المهم بالنسبة لهم كمزارعين، وأكدوا أن المشروع يواجه العديد من المشاكل في الوقت الراهن تتمثل في إعادة تأهيل بنيات الري بجانب ضعف الإنتاجية وعدم وجود التقانات الحديثة، وعدم تفعيل جمعيات المزارعين.
وأوضح الناطق الرسمي السابق باسم المشروع جمال دفع الله للصيحة أن المزارعين ليس لديهم أصول ضائعة واصفاً الأمر بالحديث السياسي الذي لا يسهم في معالجة المشكلة الحقيقية بالمشروع.