التطورات السورية.. كيف تؤثر على السودان؟

التطورات السورية.. كيف تؤثر على السودان؟

الخرطوم: راينو

دوامة من الاسئلة العاصفة التي اجتاحت المتابعين والمراقبين والمهتمين في كنف المشهد السوري عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بعد أن حكمت أسرته سوريا لأكثر من نصف قرن.. الاسئلة التي بدأت في كيفية سقوط نظام بشار فجأة، تطورت حد البحث عن إمكانية ان يلقي المشهد السوري بظلاله على الملف السوداني..

تطور ايجابي

على المستوى المحلي السوري عبرت فرحة الشارع السوري عن الانفعال الانساني في استرداد بلادهم بعد رحلة من التعسف والقمع كان بطلها بيت بشار ومن قبله ابيه حافظ..

وتذهب التحليلات بشكل عام إلى أن ما حدث في سوريا غض النظر عن الدوافع والمخططات من وراءه، خطوة ايجابية لأنها تعبر عن إرادة الشعب السوري في الحرية والكرامة، ويفتح الباب واسعا أمام بناء سوريا الجديدة وإنهاء عقود من القمع والتعسف والحرب الأهلية، مما يعيد سوريا لأدوارها التاريخية الوطنية في محيطيها العربي والإقليمي.

الوضع والتعقيدات

سقوط بشار بدا مريبا بعض الشيء لجهة المباغتة التي اتسم بها سيناريو السقوط فالامر لم يأخذ العشرة ايام منذ اعلان ما يعرف بجبهة تحرير الشام تسلمها زمام الامور في أدلب وحماة، وتحركها لبقية المدن السورية، وهو امر مستغرب لجهة كثافة التقاطعات الدولية في الشأن السوري بدءا بحلفاء النظام نفسه سواء ايران وروسيا فضلا عن المطامع والطموحات التركية أو أعداء النظام السوري كالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها..

خسارة البرهان

محللون سودانيون يرون أن ما يحدث في سوريا لا علاقة له بالوضع السوداني، ويذهبون إلى أن سوريا تشهد تدخلات خارجية عسكرية ذات امتدادات أو ولاءات في الميدان على الأرض، وهو ما يرجح بأن سقوط الأسد جاء نتيجة مساومات بين الفاعلين الدوليين والاقليميين في سياق صراع محاور خارجية..

من جانبه يذهب رئيس لجنة السياسات في المكتب السياسي بحزب الأمة القومي المهندس أمام الحلو في حديثه لـ”راينو” إلى أنه اولا يجب تهنئة الشعب السوري على انتصاره وإزاحته لنظام باطش وسفاح اهدر الكثير من حقوق وموارد الشعب السوري، وقال:”ما حدث خطوة مهمة على المستوى الاقليمي وما يحدث فيه من تطورات”..

واعتبر الحلو أن ثمة تأثيرات لحدث سقوط نظام بشار الاسد، واضاف: صحيح تصعب قراءة تلك التأثيرات حاليا بسبب أن الصورة لم تتضح بعد لعدم تبلور شكل النظام الجديد، خصوصا وان حكومة تسيير الأعمال ستستمر في العمل لترتيبات الفترة الانتقالية حتى فبراير القادم، بالتالي الصورة التي تحدد مسار وتوجهات النظام الجديد غير واضحة حيث أن الكثير من قوى التغيير الفعالة والمؤثرة تشهد تجاذبات وصراعات”.

وشدد الحلو على أن ما حدث في سوريا يعد أكبر خسارة لايران وروسيا في المنطقة وقال: “وهم الاثنتين حلفاء لأحد طرفي الحرب السودانية، وتحديدا نظام البرهان، ولذلك قد يكون هناك تأثير سالب عليه.

وأكد أنه رغم عدم وضوح الصورة بشكل كبير في وجهة النظام الجديد وخارطة تحالفاته الجديدة في المنطقة، إلا أن المنطقة ككل سواء الشرق الوسط او القرن الأفريقي ستشهد تحولات كبيرة، خصوصا عقب الهجوم المتوقع قريباً على الحوثيين في المرحلة القادمة، إذ سيكون له دلالاته وتأثيره على مستوى امن البحر الحمر والمنطقة وأضاف: السودان سيتأثر بهذه التحولات سواء على مستوى استقراره أو على مستوى الحرب الجارية حالياً”..

حديقة إيران

ويذهب المحلل السياسي عثمان فضل الله في حديثه لـ”راينو” إلى أنه بنظرة متعجلة يمكن القول أنه لا يوجد تأثير مباشر لسقوط بشار الأسد في سوريا على السودان، واستدرك: لكن إذا فحصنا سياق الأحداث سنجد أن الأمر مرتبط ارتباط مباشر، وأننا سرعان ما سنلمس تأثير ما جرى في سوريا على ما يجري في السودان وذلك بحكم الارتباط الوثيق بين تنظيم الاخوان المسلمين في السودان بالنظام السوري ومنذ فترة ليست بالقصيرة وذلك لوجدهما في معسكر واحد (روسيا، ايران).

ويرى عثمان إلى أنه منذ قيام الثورة السورية في 2011م فإن الرئيس الوحيد الذي زار دمشق هو البشير، مدللا على العلاقة الوطيدة بين الطرفين هو الجسر الجوي الذي يربط بورتسودان باللاذقية، وأضاف: فبعد أن تعذر استيراد الأسلحة عبر ميناء بورتسودان وذلك في أعقاب احتجاز عدد من السفن القادمة من ايران بات استيراد الاسلحة الايرانية يتم عبر ميناء اللاذقية ومنها تنقل جوا إلى السودان وهذا الشريان الآن توقف مما يصعب عملية توريد السلاح من طهران ..

ويؤكد فضل الله ان ثمة تأثيرات غير مباشرة على المشهد السوداني، وذلك في إطار الترتيب الجديد للشرق الأوسط الذي بدأ بعد هجوم 7/ أكتوبر على إسرائيل، وقال: “بات واضحا أن القوى الدولية لم تعد تريد أي وجود لإيران فيه حيث تم كسر ظهر حزب الله في لبنان وتقليم اظافر حركة حماس واقتلاع بشار الأسد وبالتالي من الخطل وعدم التقدير، أن يظن الممسكين بالقرار أن يُسمح لإيران ببناء حديقة خلفية لها في السودان.”

عموما غض النظر عن وضوح الرؤية من عدمها في بوصلة تحركات النظام السوري الجديد، إلا أن المحلل السياسي عمر سفيان سالم يذهب في حديثه لـ”راينو” إلى أن ما حدث قد حدث والسؤال المنطقي هل ستظل سوريا كما هي أم ان ثمة سيناريو اخر لتقاسم النفوذ بين الفاعلين الدوليين، وقال: في اعتقادي أن سوريا ستظل واحدة طالما كان ذلك متسقا مع الأهداف الأمريكية إذ ان سقوط النظام في دمشق اعلنه قبل أيام ثلاث الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب. وأضاف: الخرطوم ليست في مستوى الأولوية الأمريكية وخارطتها المباشرة، فترامب يعكف أطراف في إدارته الجدية على ترتيب خارطة لن يكون متاحا فيها للإسلاميين أو للبرهان وجيشه المناورة والهروب من استحقاقات عملية سلام بلا تلكوء أو تردد أو نكوص.. وتابع: البرهان واضح جدا تردده وقصور ارادته في مواجهة الإسلاميين وهو امر يعني من جهة أخرى استنفاذ أغراضه وفائدته التي يمكن تسويقها لواشنطون بحسم الإسلام السياسي، وعليه فإن أبرز تداعيات المشهد السوري هو حسم الملف السوداني بإطلاق يد الإرادة الامريكية في تشكيل المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى